توالت ردود الفعل الدولية على الأحداث المتسارعة التي شهدها السودان صباح الإثنين 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021؛ حيث عبرت الأمم المتحدة عن قلقها من تدهور الأوضاع الأمنية، فيما طالبت دول عدة أبرزها أمريكا وفرنسا وألمانيا الجيش بالتراجع عن "خطوته الانقلابية" والإفراج عن رئيس الوزراء وباقي السياسيين المحتجزين.
وشهد السودان منذ صباح الإثنين أحداثاً متسارعة؛ حيث أكدت وكالات أنباء أنه تم اعتقال رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، ونقله إلى جهة مجهولة، فيما شنّت قوة عسكرية حملة اعتقالات طالت عدداً من قياديي قوى "الحرية والتغيير" في البلاد، وسط حديث عن انقلاب.
أمريكا تطالب بالتراجع
المبعوث الأمريكي الخاص جيفري فيلتمان، قال في أول تعقيب دولي إن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء تقارير عن سيطرة الجيش على الحكومة الانتقالية في السودان، قائلاً: "هذا مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني وغير مقبول بتاتاً".
كما حذر، عبر حساب تويتر الرسمي لمكتب الشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية الأمريكية، من أن سيطرة الجيش تتعارض مع الإعلان الدستوري السوداني وتهدد المساعدات الأمريكية للبلاد.
في وقت لاحق، حثَّت السفارة الأمريكية في الخرطوم من وصفتهم بالأفراد الذين يعطلون الانتقال الديمقراطي في السودان إلى التراجع والسماح للحكومة التي يقودها المدنيون بمواصلة عملها.
الأمم المتحدة تعرب عن قلقها
فيما أعربت الأمم المتحدة عن "قلقها البالغ" إزاء التقارير حول "انقلاب جارٍ ومحاولات لتقويض عملية الانتقال السياسي" في السودان.
وقال رئيس البعثة الأُمميّة لدى السودان فولكر بيرتس، في بيان نشره حساب البعثة على تويتر: "أنا قلق جداً بشأن التقارير حول انقلاب جارٍ ومحاولات لتقويض عملية الانتقال السياسي في السودان"، مضيفاً إن "الاعتقالات التي طالت رئيس الوزراء والمسؤولين الحكوميين والسياسيين غير مقبولة".
وتابع: "أدعو قوات الأمن إلى الإفراج الفوري عن الذين تمّ اعتقالهم بشكل غير قانوني أو وضعهم رهن الإقامة الجبرية، وتقع على عاتق هذه القوات مسؤولية ضمان أمن وسلامة الأشخاص المحتجزين لديها".
وحث البيان "جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس"، كما دعا جميع الأطراف "للعودة فوراً إلى الحوار والمشاركة بحسن نية لاستعادة النظام الدستوري".
الاتحاد الأوروبي
من جانبه، أعلن الاتحاد الأوروبي متابعته بقلق بالغ الأحداث الجارية في السودان.
ودعا ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي في بيان إلى إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح.
كما ندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمحاولة الانقلاب في السودان، ودعا إلى الإفراج فوراً عن رئيس الوزراء السوداني وأعضاء الحكومة المدنيين.
كذلك أعلنت الخارجية الألمانية إدانتها "محاولة الانقلاب في السودان"، داعية الجيش لاحترام عملية الانتقال السلمي نحو الديمقراطية.
وقال وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، في بيان: "التقارير عن محاولة انقلاب أخرى في السودان مقلقة، يجب إدانة هذه المحاولة بوضوح"، مطالباً القوات الأمنية بالبلاد بالعودة إلى ثكناتها على الفور.
وأضاف :"أدعو جميع المسؤولين عن الأمن ونظام الدولة في السودان إلى احترام إرادة الشعب، ومواصلة عملية الانتقال السياسي السلمي نحو الديمقراطية. يجب وقف محاولة الانقلاب هذه على الفور".
الاتحاد الإفريقي
من جانبها، أعربت مفوضية الاتحاد الإفريقي، عن قلقها البالغ إزاء "التطور الخطير" للوضع في السودان، داعية إلى إطلاق سراح جميع القادة السياسيين المعتقلين.
وقال رئيس المفوضية موسى فقي محمد، في بيان نشر على الموقع الإلكتروني للمفوضية: "علمنا بقلق عميق بالتطور الخطير للوضع الحالي في السودان، واعتقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ومسؤولين مدنيين آخرين".
كما دعا محمد إلى "إطلاق سراح جميع القادة السياسيين المعتقلين والاحترام الصارم اللازم لحقوق الإنسان"، مؤكداً على أن "الحوار والتوافق هو السبيل الوحيد المناسب لإنقاذ البلاد وانتقالها الديمقراطي".
أحداث متسارعة في السودان
وشهد السودان، منذ صباح الإثنين، أحداثاً متسارعة؛ حيث تم اعتقال رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، ونقله إلى جهة مجهولة، كما تم "اعتقال أغلبية أعضاء مجلس الوزراء السوداني وعدد كبير من قيادات الأحزاب المؤيدة للحكومة، وعضو بمجلس السيادي السوداني".
كذلك شنَّت السلطات السودانية حملة اعتقالات شملت قيادات وكوادر من أحزاب الائتلاف الحاكم: البعث العربي الاشتراكي، والتجمع الاتحادي، والمؤتمر السوداني، فيما قالت وسائل إعلام سودانية إن الاعتقالات شملت قيادات من "قوى التغيير" أيضاً.
في الموازاة مع ذلك، شهدت العاصمة الخرطوم انقطاعاً في خدمة الإنترنت، كما شهدت أجزاء واسعة من المدينة انقطاعاً في الكهرباء، كما قالت وكالة الأناضول إنه تم كذلك إغلاق مطار الخرطوم وتعليق الرحلات الدولية.
واندلعت احتجاجات في بعض مناطق الخرطوم، تخللها حرق إطارات سيارات، إثر اعتقال قيادات من الائتلاف الحاكم، في وقت يقيّد فيه الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حركة المدنيين في العاصمة.
بدوره، دعا تجمع المهنيين السودانيين الشعب لمقاومة أي "انقلاب عسكري"، كما دعا إلى إضراب عام واعتصام مدني في مواجهته.
تأتي هذه التطورات بعد يومين من تحذير قوى "الحرية والتغيير" من حدوث ما وصفته بـ"انقلاب زاحف" في البلاد؛ حيث قال ياسر عرمان إن "الأزمة الحالية مصنوعة على شكل انقلاب زاحف"، في وقت يغلق محتجون منذ نحو شهر مرفأ بورتسودان الرئيسي في شرق البلاد، وينفذ مئات المحتجين الآخرين اعتصاماً منذ أسبوع قرب القصر الرئاسي، للمطالبة بتشكيل "حكومة عسكرية".
كان التوتر بين المكونين العسكري والمدني بالسلطة الانتقالية بالسودان قد تصاعد منذ أسابيع، بسبب انتقادات وجهتها قيادات عسكرية للقوى السياسية، على خلفية إحباط محاولة انقلاب في 21 سبتمبر/أيلول الماضي.
يُشار إلى أن السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام.