حاصر متظاهرون سودانيون مؤيدون للجيش، الإثنين 18 أكتوبر/تشرين الأول 2021، مقر مجلس الوزراء، تزامناً مع اجتماع طارئ للحكومة بالعاصمة الخرطوم، للمطالبة بحل الحكومة، فيما تدخلت قوات الشرطة لمحاولة التصدي لهم وسط أنباء عن وقوع إصابات.
هذه الخطوة التصعيدية الجديدة جاءت في أعقاب نداء وجهته اللجنة المسؤولة عن اعتصام القصر الرئاسي، التابعة لتيار "الميثاق الوطني" بقوى إعلان الحرية والتغيير، عبر مكبرات صوت، من أمام مقر الاعتصام في الخرطوم.
عقب ذلك، توجّه المئات من المحتجين إلى مقر مجلس الوزراء الذي يقع على بعد نحو كيلومترين من ساحة اعتصام القصر الرئاسي.
بينما منعت قوات الشرطة المحتجين من دخول مقر الحكومة، وأقامت حاجزاً أمنياً حوله، فيما ردد المحتجون هتافات منها: "سلمية.. سلمية"، و"سقطت.. سقطت يا (رئيس الوزراء عبد الله) حمدوك".
كما قامت الشرطة السودانية بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
من جهته، أعلن مسؤول بلجنة تنظيم الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وقوع 5 إصابات خلال فض الشرطة للتظاهرات أمام مقر مجلس الوزراء.
يشار إلى أنه منذ يوم السبت 16 أكتوبر/تشرين الأول 2021، يعتصم مئات من السودانيين أمام القصر الرئاسي؛ للمطالبة بحل الحكومة الانتقالية، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية، وتحسين الأوضاع المعيشية في البلاد.
يشهد السودان، منذ المحاولة الانقلابية الشهر الماضي، حالة من الشحن والتوتر غير المسبوق عطلت دولاب الدولة وزادت الشُّقة بين المكونين العسكري والمدني وأنصار الطرفين.
في المقابل، يكثف المكون المدني في السلطة السودانية من تحركاته الرامية لحشد تظاهرات واسعة أُطلق عليها شعار "الردع".
المنشقون عن "قوى الحرية والتغيير"
يذكر أن تيار "الميثاق الوطني" يعتبر قسماً من "قوى إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الاحتجاجات التي أدت إلى الإطاحة بنظام عمر البشير، وتمثل حالياً التيار المدني في الائتلاف الحاكم خلال المرحلة الانتقالية.
كان هذا التيار قد دعا، الخميس 14 أكتوبر/تشرين الأول، إلى تنظيم مسيرات احتجاجية؛ للمطالبة بـ"استرداد الثورة".
حينها، ذكر التيار في بيان: "سنلتقيكم (السودانيين) بالشوارع، السبت، في مواكب استرداد الثورة؛ لبث الحياة السياسية في السودان".
في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الجمعة 15 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أنه وضع خارطة طريق مع الأطراف السياسية (لم يسمِّها) لإنهاء الأزمة في البلاد، مؤكداً وجود مساعٍ لـ"توسيع قاعدة المشاركة، وتوحيد كل قوى الثورة حول الأهداف المعلنة".
يشار إلى أنه في 8 سبتمبر/أيلول الماضي، وقَّعت قوى سياسية سودانية وحركات مسلحة بـ"قوى إعلان الحرية والتغيير" إعلاناً سياسياً في الخرطوم بعنوان "الإعلان السياسي لوحدة قوى الحرية والتغيير وبناء دولة المواطنة المدنية الديمقراطية".
بينما أثار الإعلان حفيظة قوى أخرى في إعلان "الحرية والتغيير" التي ردت بإعلان "الميثاق الوطني لوحدة قوى إعلان الحرية والتغيير"، خلال احتفال بالخرطوم في 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
صراع محتدم بين العسكريين والمدنيين
تأتي تلك التطورات في ظل تصاعد الخلافات خلال الأيام الماضية، بين شركاء الحكم المدنيين والعسكريين بالسودان، خاصة في أعقاب الإعلان عن محاولة انقلاب فاشلة جرت في 21 سبتمبر/أيلول الماضي؛ فقد أطلق الطرفان انتقادات واتهامات متبادلة.
كان البرهان، ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، قد اتهما السياسيين المدنيين بالسعي "وراء مكاسب شخصية، وأن الانقلابات العسكرية سببها السياسيون الذين أهملوا خدمات المواطن وانشغلوا بالكراسي وتقسيم السلطة".
إلا أن محمد الفكي سليمان، وهو أحد أعضاء مجلس السيادة من المكون المدني، رد خلال مقابلة مع تلفزيون السودان الرسمي، الجمعة 24 سبتمبر/أيلول المنصرم، قائلاً إن "هناك محاولة من المكون العسكري لتعديل المعادلة السياسية وهذا مُخلٌّ بعملية الشراكة"، واصفاً ذلك بأنه "الانقلاب الحقيقي".
جدير بالذكر أنه منذ 21 أغسطس/آب 2019، يعيش السودان فترة انتقالية تستمر 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام، في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
فيما بدأت هذه الفترة في أعقاب عزل قيادة الجيش، في 11 أبريل/نيسان 2019، لعمر البشير من الرئاسة (1989-2019)؛ تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه.
خلال الفترة الانتقالية، تدير البلاد حكومة مدنية، ومجلس سيادة (بمثابة الرئاسة) مكون من 14 عضواً؛ 5 عسكريين و3 من الحركات المسلحة و6 مدنيين.