عبّر الرئيس التونسي قيس سعيد الخميس 14 أكتوبر/تشرين الأول 2021 لسفير الولايات المتحدة لدى بلاده، عن استيائه من إدراج الأوضاع في تونس في جدول أعمال الكونغرس الأمريكي، في وقت خفَّضت فيه وكالة "موديز" العالمية للتصنيف الائتماني، التصنيف السيادي لتونس مع نظرة مستقبلية سلبية.
الرئيس سعيد أبلغ سفير الولايات المتحدة "استياء الدولة التونسية من إدراج الأوضاع في تونس في جدول أعمال الكونغرس الأمريكي" وفقاً لما أفاد به بيان للرئاسة التونسية مساء الخميس.
سعيّد قال أثناء لقائه مع السفير الأمريكي إن العلاقات "ستبقى قوية ( بين البلدين) على الرغم من أن عدداً من التونسيين يحاولون تشويه ما يحصل في تونس ويجدون من يصغي إليهم في الخارج".
عين الكونغرس على تونس
وبالتزامن مع ذلك حذر نائب أمريكي من أن الديمقراطية التونسية في خطر،
إذ قال تيد دوتش رئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومكافحة الإرهاب بمجلس النواب الأميركي، إن الديمقراطية التونسية في خطر بعد شروع الرئيس قيس سعيد في فرض سلطات تنفيذية. وأضاف النائب أن عدداً من البرلمانيين ما زالوا قيد الاحتجاز بتهم سياسية وبدون أي مؤشرات على موعد إعادة فتح البرلمان وإطلاق سراحهم.
النائب الجمهوري بدوره غريك ستوبي قال إن الولايات المتحدة قدمت مساعدات تنموية وأمنية كبيرة لتونس دون أن ترى نتائج هذا الدعم. وأضاف ستوبي أن الوقت قد حان لإعادة النظر في المساعدات الأمريكية المقدمة إلى تونس.
النهضة تجدِّد رفضها لقرارات سعيد
وفي سياق متصل وصفت حركة "النهضة" التونسية، الحكومة الجديدة برئاسة نجلاء بودن، بأنها "حكومة أمر واقع"، معربة عن رفضها لـ"مخالفة الإجراءات الدستورية في عملية تشكيلها".
وقالت الحركة في بيان رسمي لها، إنها "ترفض مخالفة الصيغ والإجراءات الدستورية في عملية تشكيل الحكومة"، معتبرةً أن الحكومة الجديدة هي "حكومة الأمر الواقع، وحكومة الأمر 117 اللادستوري".
واعتبرت الحركة في بيانها أن "فقدان الشرعية سيضاعف من التحديات والعراقيل أمام الحكومة في تعاطيها مع الشأن الوطني وتعاملها مع الشركاء الدوليين". وأعربت حركة النهضة عن "استغرابها مواصلة الخطاب الحادّ تجاه المخالفين السياسيين".
واعتبرته "خطاباً يقسّم الشعب التونسي، ويغذّي الصّراع والنزاع وينال من الوحدة الوطنية ويضر بسمعة تونس، ويحدّ من فرص التعاون مع المؤسسات الدولية ويلحق ضرراً بالنّسيج الاقتصادي الوطني، ولا يراعي الأوضاع المالية الصعبة بالبلاد".
كما نبّهت إلى ما اعتبرته "خطورة الإمعان في الضغط على القضاء"، مطالبة "بدعم استقلاله واحترامه وتوفير الإمكانيات الضرورية لهذا المرفق الهام في كنف مبادئ الفصل بين السلطات والتوازن بينها؛ حتى يضطلع القضاء بمهامه في حماية الحقوق والحريات وإقامة العدل". كما دعت إلى "توحيد الجهود في سبيل العودة إلى الديمقراطية واحترام مؤسسات الدولة".
خفض التصنيف الانتمائي لتونس
من جانبها قالت وكالة "موديز" في تقرير، إن "تخفيض التصنيف إلى Caa1 يعكس ضعف الحوكمة وزيادة عدم اليقين فيما يتعلق بقدرة الحكومة على تنفيذ التدابير التي من شأنها ضمان الوصول المتجدد إلى التمويل لتلبية الاحتياجات المرتفعة على مدى السنوات القليلة المقبلة".
وهذه عاشر مرة يتم فيها خفض التصنيف السيادي لتونس من قبل وكالات التصنيف العالمية، منذ عام 2011، كما حذرت "موديز" من تخلف تونس عن سداد ديونها "إذا لم يتم تأمين تمويل كبير".
وأوضحت الوكالة أن النظرة المستقبلية السلبية لوضع تونس الائتماني "تعكس مخاطر الهبوط المتعلقة بالتأخيرات المطولة المحتملة في الإصلاحات والتمويل المعتمد على الإصلاح، والذي من شأنه أن يؤدي إلى تآكل احتياطيات العملات الأجنبية".
وقالت الوكالة: "في هذا السيناريو، سترتفع احتمالية إعادة هيكلة ديون القطاع العام التي قد تترتب عليها خسائر لدائني القطاع الخاص". كما لفتت "موديز" إلى أن "تشكيل حكومة جديدة بقيادة رئيسة الوزراء نجلاء بودن يمهِّد الطريق لاستئناف المفاوضات مع المقرضين الرسميين والثنائيين".
ورأت الوكالة في تقريرها أن "الإصلاحات ضرورية لإعادة التوازن إلى الحسابات المالية التونسية وضمان القدرة على تحمل الديون في المستقبل وسط توقعات نمو ضعيفة".
وتوقع البنك الدولي في تقرير صدر قبل أيام، نمو الاقتصاد التونسي بنسبة 2.9% هذا العام، وهي نسبة تقل عن توقعات سابقة للحكومة التونسية بنمو 3.9%، وصندوق النقد الدولي بنسبة 3.2%، فيما تتوقع "موديز" أن يبلغ العجز في الميزانية التونسية 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2021، و5.9% في عام 2022.
أزمة تونس
وفي 22 سبتمبر/أيلول الماضي، أصدر سعيد المرسوم الرئاسي رقم 117 الذي قرر بموجبه إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.
ومنذ 25 يوليو/تموز الماضي، تعاني تونس أزمة سياسية حادة، حيث بدأ الرئيس سعيّد سلسلة قرارات "استثنائية"، منها تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة.
ورفضت غالبية القوى السياسية، تلك القرارات، واعتبرتها "انقلاباً على الدستور"، بينما أيدتها قوى أخرى رأت فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).