قالت مجلة Press Gazette البريطانية، الأربعاء 13 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إنه تم إغلاق موقع The Investigative Journal الإخباري الاستقصائي، في "هدوء تام"؛ وذلك عقب صدور قرار قضائي حول "تمويلات غامضة" وآخر لصالح صحفية سابقة فيه، قالت إن الموقع قد تم تسخيره للإساءة إلى سمعة دولتي تركيا وقطر.
مطلع عام 2019، خرج هذا الموقع إلى الوجود، وكان يزعم أنه ينوي نشر مواد صحفية مُطوّلة حول المصلحة العامة من وجهة نظرٍ موضوعية. وفي ذلك الوقت، قال الموقع غير الهادف للربح إنه يحصل على التمويل مبدئياً من يسري إسحاق، الذي له خبرةٌ في الصحافة الإذاعية نتيجة عمله لسنوات بشبكة Middle East Broadcasting Network الأمريكية.
لكن وثائق المحكمة تزعم الآن أن تمويل الموقع كان "غامضاً للغاية"، وربما وصل إلى القائمين عليه من الإمارات ومصر -أو من ينوب عنهما- من أجل انتقاد معارضيهما.
محمد فهمي وجين كاهان
كان المسؤول عن الموقع هو محمد فهمي، صحفي ظل في السجون المصرية أكثر من 400 يوم، بعد اعتقاله في ديسمبر/كانون الأول عام 2013.
جرى تعيين الصحفية جين كاهان، صاحبة الخبرة التي تمتد لـ40 عاماً، في منصب رئيسة التحرير بأجرٍ يصل إلى 56.510 ألف دولار (تزيد إلى 65.361 ألف دولار في غضون ستة أشهر).
كانت جين قالت للمحكمة العليا، في الوثائق التي اطلعت عليها مجلة Press Gazette البريطانية، إنها وجدت نفسها رئيسة تحريرٍ "بالاسم فقط" رغم قائمة المسؤوليات المتنوعة التي وردت في الوصف الوظيفي وناقشتها خلال مقابلتها مع فهمي.
كما صرحت جين بأنه كان "يتدخل في إدارة كل كبيرة وصغيرة" تتعلّق بعملها تقريباً، وهذا يشمل: طلب المقالات والتخطيط لها، وتعيين فريق العمل والكُتاب المساهمين، واتخاذ كافة القرارات الأساسية المتعلقة بالموقع بنفسه.
وعند الإعلان عن إطلاق الموقع في فبراير/شباط عام 2019، لم يُذكر اسم فهمي رغم أنه كان قد التقى جين خلال مقابلة التوظيف قبلها بشهرين.
إلى جانب ذلك، كشفت جين أن فهمي أمر فريق العمل بعدم الكشف عن علاقته بالموقع لعدة أشهر، حتى يتم تعيينه في منصب الرئيس التنفيذي رسمياً خلال شهر مايو/أيار من ذلك العام. وبالتالي قالت جين إنها كانت فعلياً تُستخدم كـ"واجهةٍ عامة" لزيادة مصداقية الموقع.
كانت جين تقترح أفكار مقالات من شأنها منح الموقع سمعةً باعتباره "منصةً إخبارية رائدة لمواد الصحافة الاستقصائية المُطوّلة التي خضعت للبحث المتعمق قبل نقلها". لكن فهمي كان يعترض بشكلٍ شبه دائم، على بعض المواد في حال عدم توافقها مع الغرض الحقيقي من الموقع، بحسب ما أوردته جين في مزاعمها أمام المحكمة.
يروج للأنظمة الاستبدادية
بدلاً من ذلك، "لم يكُن الغرض الحقيقي من الموقع تقديم صحافةٍ استقصائية موثوقة، ودقيقة، ومُتعمّقة في البحث، ومُعتمدة، ومستقلة، ومتوازنة".
إذ انضمت جين إلى الموقع ظناً منها أنه سيُقدّم "نوعية الصحافة التي أومن بها، الصحافة التي أنا مستعدةٌ للقتال من أجلها"، على حد تعبيرها لمجلة Press Gazette وقت إطلاقها في فبراير/شباط عام 2019.
لكنها سرعان ما أدركت أن الموقع "في تصميمه، وغرضه، ومقصده، وتمويله، وتشغيله" كان يستهدف فعلياً تقديم الدعم والترويج للأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط، وتحديداً تلك التي تحكم مصر والإمارات.
وفقاً لجين، فقد كانت مقالات وتقارير ومنشورات موقع The Investigative Journal على الشبكات الاجتماعية "تُظهِر تحيّزاً وتلاعباً له دوافع سياسية واضحة".
هذا يشمل مقالات عن دول مثل تركيا وقطر وإيران، ومنظمات مثل جماعة الإخوان المسلمين التي انتمى إليها الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، وهي الجماعة نفسها التي سُجِنَ فهمي بتهمة الانضمام لها.
كما أفادت جين أمام المحكمة أيضاً بأن فهمي كان على تواصلٍ كبير بممثلين عن الإمارات ومصر.
المحكمة تقر تعويضات للصحفية
تم فصل جين من العمل في الـ19 من يونيو/حزيران عام 2019 -لكنها تلقت أجرها حتى يوليو/تموز من ذلك العام- عقب خلافاتها مع فهمي التي نشأت نتيجة تحدّيه لمنصبها في خضم "إدراكها المتزايد لطبيعة The Investigative Journal الحقيقية، وشعورها بعدم الارتياح والإحباط".
قالت جين إن ارتباطها بموقع The Investigative Journal "ألحق ضرراً جسيماً" بسمعتها كصحفيةٍ مستقلة تتمتع بالنزاهة، وقوّض كذلك مكانتها بين أقرانها. كما عانت أطول فترةٍ من البطالة في حياتها عقب فصلها من الموقع.
وفي الوقت ذاته شعرت بـ"ضغوط جسدية وعقلية كبيرة"، شملت الشعور بالاحتراق النفسي المهني، والحصر النفسي، وعدم القدرة على الثقة بأصحاب العمل المستقبليين.
وقد تم إغلاق موقع The Investigative Journal في هدوء، ولم يعُد بالإمكان الوصول إلى صفحته على الإنترنت.
بينما منحتها قاضية محكمة لندن العليا، باربرا فونتين، تعويضاً قيمته 109.938 ألف دولار عن الأضرار التي لحقت بها، لتغطية خسائرها المالية الناجمة عن البطالة والحصر النفسي والكرب.
كما حصلت كذلك على تعويضٍ عن النفقات قيمته 214.621 ألف دولار.