تبحث إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إمكانية إصدار "وثيقة حقوق" تضبط إجراءات التعرف على الوجوه وغيرها من الاستخدامات الضارة المحتملة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وذلك في أعقاب دعوة كبار المستشارين العلميين في البيت الأبيض إلى فرض قانون للحماية من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وفقاً لما أورده موقع Axios الأمريكي، السبت 9 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
إلا أن المشكلات التي يطرحها الذكاء الاصطناعي ستظل أكبر بكثير من استيعابها في بروتوكول جديد لتنظيم استخدام التكنولوجيا، بحسب المصدر ذاته.
حيث تكمن الإشكالية في إدراك أنه لا توجد طريقة ناجحة لتنظيم دور الذكاء الاصطناعي في تشكيل مجتمع يتسم بالعدالة والمساواة دون تحديد الهيئة التي يجب أن يبدو عليها هذا المجتمع، لا سيما كيفية موازنة السلطة بين الأفراد والشركات والحكومة.
مهمة استقصائية
كان "مكتب سياسات العلوم والتكنولوجيا"، التابع للبيت الأبيض، قد أعلن يوم الخميس 8 أكتوبر/تشرين الأول 2021، عن إطلاق مهمة استقصائية تهدف في نهاية عملها إلى "وضع (وثيقة حقوق) لحماية الناس من تقنيات السيطرة القوية التي أنشأوها بأنفسهم"، طبقاً لما كتبه مدير المكتب إريك لاندر ونائبته ألوندرا ويلسون في مقال رأي نشرته مجلة Wired الأمريكية.
بحسب لاندر وويلسون، يعد حصر الحقوق الخاصة بالحماية من الاستخدام الضار للذكاء الاصطناعي مجرد خطوة أولى، منوهين بأن الاحتمالات تشمل رفض الحكومة الفيدرالية شراء البرامج أو المنتجات التكنولوجية التي لا تحترم هذه الحقوق؛ ما يتطلب من المتعاقدين مع الإدارة استخدام التقنيات التي تلتزم بميثاق الحقوق هذا، أو اعتماد قوانين وأنظمة جديدة لسد الثغرات.
عقب ذلك ثارت نقاشات مختلفة بشأن هذه القضية، التي سبق أن تم طرحها في ظل إدارة "بايدن"، لكن هذه المرة الحالية تعد الأوضح من سابقتها.
من جانبه، قال سانجاي غوبتا، المدير العام لقطاع تطوير المنتجات في شركة Mitek Systems الأمريكية الرائدة في مجال التحقق من الهوية الرقمية: "من الأهمية بمكان أن تدور الآن محادثات حول ما هو مقبول -وما ليس مقبولاً- فيما يتعلق بتطبيقات الذكاء الاصطناعي واستخداماتها للبيانات الشخصية، قبل فوات الأوان".
غوبتا أضاف: "سوف تجد الشركات طرقاً مقبولة للاستمرار في الابتكار باستخدام هذه التقنيات ودمجها".
أنصار الذكاء الاصطناعي
فيما تشير الانتقادات إلى أن أنصار الذكاء الاصطناعي يمكن أن يصبحوا أسرى لهيمنة اتجاهٍ أشبه بالأيديولوجيا التي تبحث عن حلول تقنية لكل شيء (techno-solutionism)، والتوهم بأن التكنولوجيا لديها حلول فعالة لجميع المشكلات الهيكلية والمجتمعية.
لكن في الوقت نفسه، فإن التركيز ضيق النظر في المسألة على تطبيقات الذكاء الاصطناعي ينطوي على خطر اللجوء إلى حل تقني عكسي، والاعتقاد بأن أسرع طريقة لإصلاح المشكلات الاجتماعية هي عن طريق تعديل التقنيات ذات الصلة بها، بدلاً من الحلول المعقدة في كثير من الأحيان، والتي تنطوي على البحث في القضايا التي تكمن وراء هذه المشكلات.
يُشار إلى أن وثيقة الحقوق الأصلية التي نصت عليها التعديلات الأولى لدستور الولايات المتحدة يعود عمرها إلى ما يقرب من 230 عاماً، وما زالت المناقشات تُثار حول معنى كل كلمة من كلماتها البالغ عددها 652 كلمة تقريباً.
بالتالي، إذا كان الهدف النهائي هو وثيقة حقوق خاصة بالذكاء الاصطناعي، فإن المناقشات الحالية لا تزال في مرحلة المساومة والمفاوضات على بنود التعديلات ومضامينها.