لتحقيق مشروع إيراني عمره 30 عاماً.. طهران تقود حرباً مستعرة في بلدة سورية “الأكثر استراتيجية بالمنطقة”

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/10 الساعة 18:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/10 الساعة 18:59 بتوقيت غرينتش
مدينة البوكمال/ رويترز

نقل تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021، جانباً من مشاهد الحرب التي مازالت مستعرة في مدينة البوكمال السورية الحدودية، حيث يدور التنافس على النفوذ بصورةٍ أكثر حِدَّة بين الميليشيات الشيعية من العراق وإيران ولبنان -ومن بينها حزب الله- وكذلك المرتزقة الروس ورجال القبائل السنية والجيش السوري، بينما القوات الكردية تراقب الأوضاع عبر النهر. 

من على قمة جبلٍ معروف محلياً باسم جبل الباغوز، تقع الزاوية الأكثر إثارة للجدل في الشرق الأوسط، والتي تشبه الواحة، بقعة خضراء على أفقٍ صحراوي يمتد من ضفاف نهر الفرات إلى منطقةٍ مترامية الأطراف من المنازل الجديدة التي يسكنها جيران جدد. 

حرب ستطول لسنوات

لا يحدث الكثير خلال النهار، ينبض النهر، الذي غذَّى العراق وشرقي سوريا عبر العصور بالحياة، وكذلك مدينة البوكمال، حيث يأخذ المهرِّبون وأعضاء الميليشيات والجماعات الوكيلة والمرتزقة والجيوش حصصاً بارزة منذ هُزِمَ تنظيم الدولة الإسلامية قبل ثلاث سنوات. 

دمَّرَت الاضطرابات المتداخلة الكثير من محافظة دير الزور، ولا يزال الكثير من السكَّان في عداد المفقودين أو النازحين، في حين تظلُّ الحرب ضد الجماعات الإرهابية محتدمة. 

على الطرق السريعة الرئيسية، تفسح الجرارات والناقلات الطريق لقوافل من شاحنات القتال الأمريكية والروسية. تحلِّق الطائرات المروحية الهجومية الفرنسية والأمريكية في الأجواء، ولا تزال القوات الخاصة التابعة للتحالف تحتفظ بقواعدها. 

في البوكمال، أصبحت هذه المدينة الحدودية الجيب الأكثر استراتيجية في المنطقة، من يؤمِّن العبور هنا يكون له كلمةٌ حاسمة في الأحداث على جانبي نهر الفرات، فقد قال ضابطٌ كردي على تلال الباغوز: "لهذا السبب نحن هنا، نراقب المشهد، كلُّ تلك الأراضي التي أمامنا ستشهد حرباً لسنواتٍ قادمة". 

مشروع إيراني

في إحدى ليالي أواخر أغسطس/آب، استيقظ الأكراد ليلاً بسبب دويّ انفجارات على مسافة متوسِّطة، وقال ضابطٌ آخر: "كنَّا نسمع صوت الطائرات، لكنها لم تكن هناك لوقتٍ طويل، علمنا لاحقاً أنها كانت طائرات إسرائيلية، ضرباتها مختلفة عن الضربات الأمريكية". 

على مدار السنوات الثلاث الماضية، أصابت الضربات الجوية البوكمال ومداخلها بانتظام، وكذلك بلدة القائم، الواقعة على الحدود العراقية، وتتمثَّل الأهداف في مواقع مرتبطة بميليشيات مدعومة من إيران، تستخدم المدينة لنقل الأسلحة والأموال من العراق إلى سوريا، إذ أصبحت البوكمال الطريق الرئيسي لمشروعٍ إيراني عمره ثلاثة عقود، يهدف إلى تأمين قوس نفوذٍ من العراق عبر سوريا إلى البحر المتوسط. 

كان تأمين مثل هذا الوصول، الذي من شأنه أيضاً أن يرسِّخ جسراً في سوريا لحزب الله اللبناني، هدفاً استراتيجياً للجنرال الإيراني قاسم سليماني وحليف أبو مهدي المهندس، اللذين اغتيل كلاهما في غارةٍ جوية أمريكية في بغداد في أوائل العام 2020. 

أُبلِغَ عن خطط إيران لإنشاء الممر لأول مرة، في أكتوبر/تشرين الأول 2016، ومنذ ذلك الحين كُثِّفَت الجهود في السنوات الخمس، خاصةً بعد اغتيال سليماني. 

قال الضابط الكردي: "الضربات الجوية منتظمةٌ إلى حدٍّ ما. إنها قصيرةٌ للغاية وعادةً ما تكون شديدة الضرر". 

فقذ صيبَ خمسة أشخاص في هجومٍ يُشتَبَه أنه بطائرةٍ مسيَّرة إسرائيلية على المدينة، في 8 أكتوبر/تشرين الأول، وأسفر هجومٌ أقوى في 21 سبتمبر/أيلول عن مقتل خمسة أشخاص، وبالعودة إلى يناير/كانون الثاني، نجد أنه قد قُتِلَ العشرات في أكبر الهجمات حتى الآن.

يقول الضابط الكردي وهو يحدِّق بمنظاره تجاه موقعٍ عسكريٍّ سوري: "إنهم لا يزعجوننا أبداً، لست متأكِّداً من أن ذلك يزعج الإيرانيين أيضاً، لا تزال البوكمال مشغولةً للغاية، هناك الكثير من عمليات التهريب عبر القائم، وبعضها يعبر النهر في قوارب". 

تحميل المزيد