بدأ الصمت الانتخابي في العراق، صباح السبت 9 أكتوبر/تشرين الأول 2021، قبل يوم من إجراء انتخابات البرلمان المُبكرة، وسط هيمنة الأحزاب التقليدية وإحباط الناخبين من الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد.
يُحظر خلال فترة الصمت الانتخابي على الكيانات والأحزاب السياسية، الترويج لحملاتها الدعائية ومرشحيها، كما تم توقيف الدعايات الانتخابية للمرشحين أيضاً على منصات التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول.
يتنافس في الانتخابات البرلمانية العراقية التي تجري بإشراف نحو 1800 مراقب دولي، 3249 مرشحاً يمثلون 21 تحالفاً و109 أحزاب، إلى جانب مستقلين، للفوز بـ329 مقعداً بالبرلمان، وفق أرقام المفوضية.
يحق لنحو 24 مليون شخص الإدلاء بأصواتهم بشكل عام، من أصل نحو 40 مليون نسمة (عدد سكان البلاد)، بحسب أرقام رسمية.
أمس الجمعة كان قد أدلى 821 ألفاً و800 ناخب من أفراد الأمن والنازحين ونزلاء السجون بأصواتهم في "الاقتراع الخاص"، الذي يجري قبل 48 ساعة من الاقتراع العام، حيث بلغت نسبة المشاركة في الاقتراع الخاص 69%، حسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
آمال ضئيلة بانتخابات البرلمان
تأتي هذه الانتخابات وسط معاناة للعراقيين من تبعات حروب متتالية وفساد مزمن وانتشار للسلاح وفقر، رغم الثروة النفطية، وهو ما جعل العراقيين ينظرون بتشكيك ولا مبالاة إلى الانتخابات البرلمانية، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
يتوقع مراقبون أن تكون نسبة المشاركة ضئيلة في العملية الانتخابية، ويقول الباحث رمزي مارديني، المتخصص في الشأن العراقي في معهد "بيرسون" في جامعة شيكاغو، إنه "لا يبدو أن الانتخابات ستكون عنصراً فاعلاً في التغيير"، بعد عامين من الانتفاضة.
أضاف مارديني أنه "كان يفترض بهذه الانتخابات أن تكون رمزاً للتغيير، لكن للمفارقة فإن من يدافعون عن هذا التغيير اختاروا المقاطعة احتجاجاً على عدم تغيّر الوضع الراهن".
يقاطع ناشطون ومتظاهرون الانتخابات، بعد أن تعرّض العشرات منهم خلال الأشهر الأخيرة للاغتيال أو محاولة الاغتيال، من دون أن يحاسب منفذو هذه العمليات، ما عزّز فكرة "الإفلات من العقاب".
تجري انتخابات البرلمان التي اعتبرها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي "فرصة تاريخية للتغيير"، وفق قانون انتخابي جديد، على أساس التصويت الأحادي مع رفع عدد الدوائر إلى 83، من أجل تشجيع المستقلين والمرشحين المحليين إلى البرلمان على خوض الانتخابات.
لكن خبراء يرون أن التيارات السياسية نفسها لا تزال تهيمن على المشهد السياسي، ففي بلد منقسم تملك غالبية الأحزاب فيه فصيلاً مسلحاً، توجد مخاوف من احتمال حصول عنف انتخابي في حال لم تتوافق النتائج مع طموحات الأطراف المشاركة.
كذلك تبقى المفاوضات التي ستلي إعلان النتائج، من أجل اختيار رئيس للوزراء، يقضي العرف بأن يكون شيعياً، أبرز التحديات في برلمان يتوقع أن يكون مشرذماً.
يقول المحلل السياسي العراقي علي البيدر للوكالة الفرنسية، إن "الأمر مرهون بالمحصلة بمستوى تمثيل الكتل، لا سيما داخل البيت الشيعي"، في إشارة إلى التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الأوفر حظاً في هذه الانتخابات.
في المقابل تعزّز نفوذ خصوم الصدر الأبرز، المتمثلين بالفصائل الموالية لإيران، الساعية إلى زيادة تمثيلها في البرلمان، الذي دخلته للمرة الأولى في العام 2018، ضمن تحالف "الفتح" بـ48 نائباً، مدفوعةً بانتصاراتها ضد تنظيم الدولة الاسلامية.
بالموازاة مع ذلك، دخل تحالف "تقدّم" برئاسة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي المنافسة بقوة في المناطق السنية كالموصل ومحافظة الأنبار، ما يجعل منه لاعباً لا يمكن تفاديه.
يُشار إلى أنه كان من المفترض انتهاء الدورة البرلمانية الحالية عام 2022، إلا أن الأحزاب السياسية قررت إجراء انتخابات مبكرة، بعدما أطاحت احتجاجات شعبية واسعة بالحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي أواخر 2019.