أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، أن خمسة مهاجرين على الأقل قُتلوا بالرصاص في مركز احتجاز مكتظ بالعاصمة الليبية طرابلس يوم الجمعة 8 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
حيث أكد رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، فيدريكو سودا، أن الاكتظاظ بمركز احتجاز غوط الشعال فجّر حالة من الفوضى هناك، إذ ينام الناس في العراء وتنتشر قوات الأمن.
سودا أضاف: "بدأ إطلاق للنار"، مشيراً إلى أن خمسة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم.
فيما أظهرت مقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات الأشخاص يمرون عبر فجوة في سياج، وأعداداً أكبر يمشون بشوارع طرابلس. فيما لم تتمكن رويترز من التحقق من صحة اللقطات على الفور.
في حين قال اثنان من سكان العاصمة الليبية إنهما شاهدا مهاجرين بأعداد كبيرة يركضون في شوارع تلك المنطقة.
كما شاهد صحفي من رويترز، في وقت لاحق، عشرات المهاجرين جالسين على الأرض وسط حصار من الحراس، وقال إن هناك وجوداً أمنياً مكثفاً في أنحاء المنطقة مع سماع دوي إطلاق رصاص على نحو متفرق.
كانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد قالت إن قوات الأمن الليبية اعتقلت أكثر من خمسة آلاف مهاجر ولاجئ وطالب لجوء، في حملة على مدى الأسبوع الماضي، ووضعتهم في مراكز احتجاز بالبلاد.
"سوء معاملة خطير"
من جهتها، حذّرت لجنة الإنقاذ الدولية (غير حكومية)، الأربعاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2021، من تعرض المهاجرين المحتجزين لسوء معاملة خطير وعنف ونقص في الوصول إلى الخدمات الأساسية، منوهة إلى حدوث مداهمات غير مسبوقة في غرب ليبيا فيما وصفته السلطات الليبية بأنه حملة أمنية ضد الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات.
كما وردت تقارير متعدّدة تفيد باستخدام القوة المفرطة في المداهمات والاعتقالات التعسفية، مما أسفر عن مقتل شخصٍ واحد على الأقل وإصابة العديد من الناس وتدمير المنازل. وكان من بين المعتقلين مئات من النساء والأطفال الضعفاء.
بحسب لجنة الإنقاذ الدولية، تستقبل مراكز الاحتجاز أعداداً تفوق طاقتها الحقيقية، حيث إن "المباني"، وهو أكبر مركز احتجاز في ليبيا، يحتجز حالياً أكثر من 4.000 شخص، أي أربعة أضعاف طاقته الاستيعابية الرسمية. أما مركز احتجاز شارع الزاوية المخصص للنساء والأطفال فقط، فقد زاد عدد المحتجزين فيه من 71 شخصاً فقط في بداية شهر سبتمبر/أيلول إلى أكثر من 520 شخصاً اليوم، ومن بين هؤلاء أكثر من 175 طفلاً، بينهم 47 رضيعاً.
"ظروف مزرية"
فيما أبلغ موظفو لجنة الإنقاذ الدولية، الذين زاروا بعض مراكز الاحتجاز، عن ظروف مزرية، بسبب الاكتظاظ الشديد ونقص الخدمات الأساسية وضمنها ضعف الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي والغذاء. كما يوجد المئات حالياً بأحد المراكز محتجزين في ساحة مفتوحة دون سقف فوق رؤوسهم يحميهم.
من جهته، أفاد بعض المحتجزين الذين أُجبروا على النوم على الأرض بلا فراش أو بطانيات كافية، بأنهم لم يتلقّوا سوى وجبة واحدة في اليوم منذ احتجازهم قبل أسبوع تقريباً.
في هذا الصدد، يقول مدير مكتب لجنة الإنقاذ الدولية بليبيا، توم غاروفالو: "نشعر بقلق بالغ إزاء الظروف الحرجة والمفجعة التي يواجهها المهاجرون في مراكز الاحتجاز المكتظة بشكل خطير الآن"، مضيفاً: "لقد استمعت فرقنا إلى تقارير تفيد بأن بعض الأشخاص أُجبروا على استخدام الأرض التي ينامون عليها كمرحاض، لأنه لا يُسمح لهم بالوصول إلى المراحيض الموجودة خارج مكان الاحتجاز".
غاروفالو أضاف: "نحن قلقون بشكل خاص، من الانتشار المحتمل للأمراض المعدية في مثل هذه الظروف المقيدة وغير الصحية. وقد حدّدت فرقنا حالات إصابة بمرض السل بين المحتجزين تعسفياً مؤخراً، في حين كانت هناك أيضاً حالات إصابة مشتبه بها بفيروس كورونا (كوفيد-19)".
إغلاق جميع مراكز الاحتجاز
كذلك جددت لجنة الإنقاذ الدولية دعواتها لإغلاق جميع مراكز الاحتجاز، والإفراج عن جميع المحتجزين فيها، وتقديم المساعدة الإنسانية، وخدمات الحماية المناسبة لهم عند الإفراج عنهم، وضمن ذلك العودة الطوعية العاجلة وإعادة التوطين خارج ليبيا.
المنظمة الدولية دعت السلطات الليبية إلى اتخاذ التدابير المناسبة لحماية المهاجرين واللاجئين من مزيد من العنف والاحتجاز التعسفي، مؤكدةً أنه "من المرجح أن تدفع المداهمات المستمرة الأشخاص الأكثر ضعفاً إلى أحضان شبكات التهريب، حيث يحاول المهاجرون واللاجئون اليائسون الفرار من احتمال توقيفهم واحتجازهم".
بخلاف ذلك، حثّت السلطات الليبية على "الإفراج الفوري عن الفئات الأكثر ضعفاً، لاسيما النساء والأطفال؛ وريثما يتم الإفراج عن جميع المحتجزين بشكل تعسفي، نطلب ضمان الوصول الآمن من دون عوائق من قبل الجهات الفاعلة الإنسانية التي تقدّم المساعدة المنقذة للحياة للسكان المحتجزين".