في قرار غير مسبوق، اعتبر قاض إسرائيلي، الأربعاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن "الصلاة الصامتة" لليهود في المسجد الأقصى ليست "عملاً إجرامياً"، في وقت استنكر فيه الأردن والسلطة الفلسطينية القرار، محذرين من محاولات إسرائيل فرض واقع جديد في المسجد الأقصى المبارك.
القناة السابعة الإسرائيلية قالت إن "قاضية محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس، بيهلا يهالوم قضت بأن الصلاة الصامتة في الحرم القدسي (المسجد الأقصى) لا يمكن تفسيرها على أنها عمل إجرامي"، وأشارت إلى أن القاضية "أمرت الشرطة بإسقاط أمر تقييدي، فُرض على الحاخام أرييه ليبو، الذي كان قد مُنع من دخول الحرم، بسبب أدائه صلاة صامتة"، بالمسجد الأقصى.
ومؤخرا، بدأ مستوطنون إسرائيليون بأداء "صوات صامتة"، خلال اقتحاماتهم للمسجد الأقصى.
قرار غير مسبوق
القناة الإسرائيلية أشارت إلى أن "هذه هي المرة الأولى التي تؤيد فيها محكمة صلاة اليهود في الموقع المقدس"، فيما كتبت القاضية الإسرائيلية في قرارها بشأن الحاخام ليبو "زياراته اليومية إلى الحرم القدسي تشير إلى مدى أهمية ذلك بالنسبة له"، فيما رحب المحامي اليميني الإسرائيلي موشيه بولسكي بقرار المحكمة.
وقال بولسكي للقناة السابعة: "نرحب بقرار المحكمة، الذي يؤيد فعلياً ما كان يحدث بالفعل في الحرم القدسي، خلال العام الماضي، وهو تصريح بحكم الأمر الواقع لليهود الذين يزورون الحرم القدسي ويريدون الصلاة"، وأضاف: "من غير المعقول أن يُمنع اليهود من الهمس بالصلوات حتى في صمت، في الحرم القدسي، بينما يمكن للمسلمين في الحرم القدسي أن يفعلوا ما يريدون من صلاة، وإلقاء محاضرات دينية، ولعب كرة القدم، وحتى الشغب"، على حد تعبيره.
وتابع: "في حين أن الشرطة لا تفعل شيئاً لمنع أي من هذا، فإنه يتم جعل اليهود يشعرون بأنهم غرباء في هذا المكان المقدس، نأمل أنه من الآن فصاعداً، ألا تمنع الشرطة المصلين الموجودين بالفعل في المكان"، من أداء الصلوات الصامتة.
استنكار فلسطيني
وفي المقابل أدانت فلسطين قرار المحكمة؛ إذ حذر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية من محاولات إسرائيل فرض واقع جديد في المسجد الأقصى المبارك.
وطالب اشتية، في بيان صحفي، الإدارة الأمريكية بالوفاء بتعهداتها بالحفاظ على "الاستاتسكو" المعمول به بالمسجد الأقصى المبارك، وعدم السماح بإحداث أي تغيير فيه.
وأكد مواصلة التنسيق في هذا الشأن مع الأردن، داعياً الأمتين العربية والإسلامية إلى اتخاذ مواقف جدية لوقف الإجراءات الإسرائيلية التي تشكل انتهاكاً خطيراً لقبلة المسلمين الأولى.
وفي هذا السياق، شجبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، في بيان، هذا القرار ووصفته بغير المسبوق، وأكدت الخارجية الفلسطينية أن هذا القرار "يشكل عدواناً صارخاً على المسجد الأقصى، وإعلان حرب حقيقية على الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، وبداية حقيقية لتقسيم المسجد وباحاته مكانياً، ودعوة صريحة للحرب الدينية في المنطقة".
كما أشارت الخارجية إلى أنها "تنظر بخطورة بالغة إلى هذا القرار ونتائجه وتداعياته الخطيرة على المسجد الأقصى المبارك ووضعه التاريخي والقانوني القائم"، وأكدت أنها "ستواصل تحركها السياسي والدبلوماسي على الصعد كافة لإسقاطه، بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظماتها المختصة وفي مقدمتها مجلس الأمن واليونسكو".
كما طالبت الوزارة العالمين العربي والإسلامي بالتعامل بمنتهى الجدية مع هذا القرار وأخطاره على المسجد الأقصى المبارك.
بدوره، دعا محافظ القدس عدنان غيث إلى ضرورة احترام إسرائيل للوضع التاريخي القانوني في المسجد الأقصى المبارك بمساحته البالغة 144 دونماً، كونه حقاً خالصاً للمسلمين وحدهم وجزءاً من عقيدتهم ولا يشاركهم فيه أحد.
من جانبها، اعتبرت حركة حماس القرار خطوة على طريق التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وانتهاكاً لكل القوانين والأعراف الإنسانية؛ إذ قال الناطق باسم حماس حازم قاسم إن القرار يعد انتهاكاً صارخاً لكل القوانين والأعراف الإنسانية ويؤكد تواطؤ القضاء الصهيوني في العدوان على الشعب الفلسطيني، والمشاركة في تزوير الحقائق والوقائع.
بدورها، حذرت حركة الجهاد الإسلامي من تبعات القرار الإسرائيلي، مؤكدة في بيان صحفي أن الشعب الفلسطيني سيواجه محاولات المساس بالأقصى بكل قوة وثبات، وأضافت الحركة، في بيان، أن هذا القرار الباطل اعتداء على قدسية المسجد الأقصى وعلى حق المسلمين الخالص فيه.
الأردن يدين القرار
وفي الأردن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية هيثم أبوالفول، إن "القرار الإسرائيلي باطل ومُنعدم الأثر القانوني حسب القانون الدولي الذي لا يعترف بسلطة القضاء الإسرائيلي على الأراضي المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية"، وأضاف أبوالفول تعليقاً على قرار المحكمة الإسرائيلية، أن هذا القرار يُعد خرقاً فاضحاً لقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقدس، ومنها قرارات مجلس الأمن التي تؤكد جميعها ضرورة الحفاظ على وضع المدينة المقدسة.
كما أكد أبوالفول أن "المسجد الأقصى بكامل مساحته البالغة 144 دونماً (الدونم يساوي ألف متر مربع) مكان عبادة خالص للمسلمين، وإدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص بإدارة كافة شؤونه".
انتهاكات في المسجد الأقصى
ويشار إلى أن المسجد الأقصى تشرف عليه حالياً دائرة أوقاف القدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، بموجب القانون الدولي، إذ يعد الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على مقدسات المدينة قبل الاحتلال الإسرائيلي.
ويقتحم المستوطنون المسجد الأقصى، بصورة شبه يومية، على فترتين، صباحية وبعد صلاة الظهر، عبر باب المغاربة في الجدار الغربي للمسجد، بتسهيلات ومرافقة من الشرطة الإسرائيلية فيما تغض الشرطة الإسرائيلية الطرف عن بعض المستوطنين حين أداء تلك الصلوات، في حين تُخرج مستوطنين آخرين من المسجد.
ولفتت القناة الإسرائيلية إلى أن السلطات، خلال العام الجاري، "غالباً" ما تغض الطرف عن صلاة اليهود السرية في الموقع المقدس، في حين كانت تتشدد خلال السنوات الماضية في هذا الأمر حيث كانت تخرجهم من المسجد.