وقَّعت قوى سياسية وحركات مسلحة منضوية تحت تحالف قوى "الحرية والتغيير" في السودان، السبت 2 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ميثاقاً وطنياً جديداً لإدارة الفترة الانتقالية، وسط انتقادات لتلك الخطوة ومخاوف من خلق أزمة دستورية، وفي ظل توتر الأوضاع التي تشهدها البلاد منذ أيام ماضية.
حيث دعا الميثاق، الذي أعلن عنه خلال حفل بالعاصمة الخرطوم، إلى عودة الأحزاب السياسية والحركات المسلحة إلى منصة التأسيس في الثورة، بدلاً من حالة الانقسام في الائتلاف الحاكم.
كما ذكر الميثاق، أنه مفتوح لكل القوى السياسية ما عدا حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم سابقاً، للتوقيع عليه خلال أسبوعين.
فيما أفاد بضرورة "التمسك بالشراكة الحقيقية لمكونات الفترة الانتقالية؛ لتحقيق الانتقال المدني الديمقراطي والوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة في نهاية الفترة الانتقالية".
"مشاركة شعبية واسعة"
في حين تمسَّك المنضوون تحت الميثاق بـ"تحقيق نظام فيدرالي، وبناء وصناعة الدستور عبر مشاركة شعبية واسعة، والمساهمة في إكمال عملية السلام".
أيضاً ناشد الميثاق الحركات المسلحة التي لم توقع على اتفاقية السلام بعاصمة جنوب السودان جوبا، الانضمام إلى العملية السلمية.
من أبرز القوى السياسية والحركات المسلحة الموقعة على الميثاق، "حركة تحرير السودان"، و"حركة العدل والمساواة"، و"الحزب الاتحادي-الجبهة الثورية"، و"حزب البعث السوداني".
فضلاً عن "التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية"، و"الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة"، و"الحركة الشعبية".
هذه القوى والحركات المسلحة أطلقت على نفسها اسم "مجموعة الإصلاح".
"خلق أزمة دستورية"
في المقابل، قال الجناح الحاكم بـ"قوى إعلان الحرية والتغيير"، إن احتفال التوقيع على الميثاق الجديد، الذي ينظمه منشقون عنهم، "بلا معنى، وهو مجرد محاولة لخلق أزمة دستورية في البلاد"، على حد قوله.
بدوره، انتقد ناجي الأصم، القيادي في "تجمُّع المهنيين"، خطوة الإعلان عن الميثاق الجديد، مؤكداً أنها "محاولة تشويش بائسة، ومحاولة هروب من التعهدات والالتزامات المنصوص عليها بالوثيقة الدستورية واتفاق سلام جوبا".
كانت العاصمة السودانية الخرطوم قد شهدت، الجمعة 1 أكتوبر/تشرين الأول 2021، مسيرات واحتجاجات شعبية، لليوم الثاني على التوالي؛ لدعم التحول الديمقراطي، واستكمال مطالب الثورة بالبلاد، وذلك في الوقت الذي أعلن فيه رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، التزامه الكامل برعاية الانتقال السلمي للسلطة، وصولاً إلى تحقيق غاياته عبر تنظيم انتخابات حرة ونزيهة.
كانت "قوى إعلان الحرية والتغيير" (التحالف الحاكم) قد أعلنت، الأربعاء، دعمها ومشاركتها في مواكب الانتقال المدني، واستكمال مطالب الثورة.
كما دعا تجمُّع المهنيين السودانيين، الأحد، إلى إنهاء الشراكة مع المجلس العسكري وإلغاء الوثيقة الدستورية، وتشكيل "حكم مدني خالص".
اتهامات متبادلة
تأتي تلك التطورات في ظل تصاعد الخلافات خلال الأيام الماضية، بين شركاء الحكم المدنيين والعسكريين بالسودان، خاصة في أعقاب الإعلان عن محاولة انقلاب فاشلة خلال الأسبوع الماضي؛ فقد أطلق الطرفان انتقادات واتهامات متبادلة.
كان البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" قد اتهما السياسيين المدنيين بالسعي "وراء مكاسب شخصية، وأن الانقلابات العسكرية سببها السياسيون الذين أهملوا خدمات المواطن وانشغلوا بالكراسي وتقسيم السلطة".
إلا أن محمد الفكي سليمان، وهو أحد أعضاء مجلس السيادة من المكون المدني، رد خلال مقابلة مع تلفزيون السودان الرسمي، الجمعة 24 سبتمبر/أيلول المنصرم، قائلاً إن "هناك محاولة من المكون العسكري لتعديل المعادلة السياسية وهذا مُخلٌّ بعملية الشراكة"، واصفاً ذلك بأنه "الانقلاب الحقيقي".
جدير بالذكر أنه منذ 21 أغسطس/آب 2019، يعيش السودان فترة انتقالية تستمر 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام، في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
في حين تدير البلاد خلال الفترة الانتقالية حكومة مدنية، ومجلس سيادة (بمثابة الرئاسة) مكون من 14 عضواً؛ 5 عسكريين و3 من الحركات المسلحة و6 مدنيين.