لليوم الثاني على التوالي، شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، الجمعة 1 أكتوبر/تشرين الأول 2021، مسيرات واحتجاجات شعبية لدعم التحول الديمقراطي، ومساندة الحكومة المدنية، واستكمال مطالب الثورة في البلاد، وذلك في الوقت الذي أعلن فيه رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، التزامه الكامل برعاية الانتقال السلمي للسلطة، وصولاً إلى تحقيق غاياته عبر تنظيم انتخابات حرة ونزيهة.
فيما شارك مئات المواطنين في المظاهرات، بعدما قَدِم بعضهم بالقطارات من مناطق بعيدة عن العاصمة مثل عطبرة (350 كيلومتراً شمال)؛ فقد وصل، ظهر الجمعة، قطار عطبرة إلى الخرطوم، حاملاً أعداداً من المتظاهرين للمشاركة في تلك الاحتجاجات.
كان قطار عطبرة قد تأخر عن اللحاق بالمظاهرات التي اندلعت، الخميس، بسبب ما وصفه المتظاهرون بأعمال تخريبية أعاقت وصوله في الوقت المناسب.
في السياق، خرج محتجون من عدة أحياء بالعاصمة الخرطوم في استقبال قطار عطبرة الذي يحظى برمزية خاصة بالنسبة لثورة ديسمبر/كانون الأول 2019 التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير.
إقامة حكم مدني
المتظاهرون نددوا بمحاولات الانقلاب المتكررة، مطالبين بإقامة حكم مدني، وتكوين البرلمان، والمحكمة الدستورية، مرددين هتافات من أبرزها "مدنية.. مدنية.. ولا سلطة لغير الشعب"، و"الشعب يريد بناء سودان جديد".
تأتي تلك الاحتجاجات في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة التي قادها ضباط بالجيش خلال الأسبوع الماضي.
كانت "قوى إعلان الحرية والتغيير" (التحالف الحاكم) قد أعلنت، الأربعاء دعمها ومشاركتها في مواكب الانتقال المدني، واستكمال مطالب الثورة.
كما دعا تجمع المهنيين السودانيين، الأحد، إلى إنهاء الشراكة مع المجلس العسكري وإلغاء الوثيقة الدستورية، وتشكيل "حكم مدني خالص".
"انتخابات حرة ونزيهة"
من جهته، أكد البرهان "الالتزام الكامل برعاية وحماية الانتقال (السلمي للسلطة) في السودان حتى الوصول إلى غاياته المنشودة، عبر تنظيم انتخابات حرة ونزيهة تكون تعبيراً صادقاً عن إرادة وتطلعات الشعب السوداني"، مشدّداً على أنهم سيعملون على "منع أية محاولات لإعاقة مسار العملية الانتقالية من أية جهة".
جاء ذلك في رسائل نصية بعث بها البرهان إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيسة مجلس الأمن الدولي السفيرة جيرالدين بيرن ناسون، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، وفق بيان لمجلس السيادة الانتقالي.
البرهان أشار في رسائله، إلى أن "بنود الوثيقة الدستورية، التي تحكم الشراكة الحالية بين العسكريين والمدنيين، ستجد منا كل الحرص والتمسك ببنودها التي توافق عليها شركاء الانتقال".
في حين دعا مجلس الوزراء السوداني إلى عقد اجتماع عاجل مشترك مع مجلس السيادة لمناقشة قضايا الوضع الراهن.
اتهامات متبادلة
تأتي تلك التطورات في ظل تصاعد الخلافات خلال الأيام الماضية بين المدنيين والعسكريين في السودان، خاصة في أعقاب الإعلان عن محاولة انقلاب فاشلة خلال الأسبوع الماضي؛ فقد أطلق الطرفان انتقادات واتهامات متبادلة.
كان البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" قد اتهما السياسيين المدنيين بالسعي "وراء مكاسب شخصية، وأن أسباب الانقلابات العسكرية هم السياسيون الذين أهملوا خدمات المواطن وانشغلوا بالكراسي وتقسيم السلطة".
إلا أن محمد الفكي سليمان، وهو أحد أعضاء مجلس السيادة من المكون المدني، رد، خلال مقابلة مع تلفزيون السودان الرسمي، الجمعة الماضية، قائلاً إن "هناك محاولة من المكون العسكري لتعديل المعادلة السياسية وهذا مخل بعملية الشراكة"، واصفاً ذلك بأنه "الانقلاب الحقيقي".
جدير بالذكر أنه منذ 21 أغسطس/آب 2019، يعيش السودان فترة انتقالية تستمر 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام، في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
في حين تدير البلاد خلال الفترة الانتقالية حكومة مدنية، ومجلس سيادة (بمثابة الرئاسة) مكون من 14 عضواً؛ 5 عسكريين و3 من الحركات المسلحة و6 مدنيين.