قالت صحيفة Haaretz الإسرائيلية، في تقرير نشرته الأحد 19 سبتمبر/أيلول 2021، نقلاً عن يعقوب شاريت نجل أول وزير خارجية للاحتلال وثاني رئيس وزراء في تاريخ الدولة اليهودية، موشيه شاريت، قوله إن دولة إسرائيل وُلدت من رحم الخطيئة، على حد وصفه.
إذ يعيش ابن الرجل الذي وقّع على وثيقة إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948، أيامه الأخيرة كمناهضٍ للصهيونية، يُعارض الهجرة اليهودية إلى أرض الميعاد، ويُشجّع على الهجرة خارج إسرائيل، ويتنبّأ بأيامٍ سوداء مقبلة على البلاد، لدرجة أنّه يدعم البرنامج النووي الإيراني.
مستقبل دولة إسرائيل
كذلك فقد قال الرجل الذي خدم في سرايا الصاعقة (البلماخ) قبل قيام الدولة، وتطوّع في اللواء اليهودي بالجيش البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية، وشارك في تأسيس تجمع كيبوتس يهودي بالنقب، وخدم في جهازي الشاباك وناتيف: "لقد وُلِدَت دولة إسرائيل والمشروع الصهيوني من رحم الخطيئة. وهذه هي حقيقة الأمور. وهذه الخطيئة الأولى تُطاردنا، وسوف تظل تطاردنا وتحوم فوق رؤوسنا. ونحن نبررها، لكنها تحوّلت إلى مصدر خوفٍ وجودي، وهو الأمر الذي يتجلّى بكل وضوح وبمختلف الصور في حياتنا. وماتزال الجذوة مشتعلةً أسفل الرماد".
أردف شاريت، الذي جرت مقابلة معه قبل عيد ميلاده الـ95: "أبلغ من العمر 94 عاماً. وقد بلغت هذا العمر بسلام. ووضعي معقولٌ من الناحية المالية. لكنني قلقٌ على المستقبل، ومصير أحفادي وأحفاد أحفادي".
وأشار إلى أنه أجبر على التعاون مع "دولةٍ إجرامية"، مضيفاً: "أنا هنا، وليس لدي مكانٌ آخر أذهب إليه. ولا يمكنني الانتقال بسبب عمري. وهذا أمرٌ يُضايقني. كل يوم. وهذا اعترافٌ لا يُفارقني. اعترافٌ بأنّ إسرائيل دولةٌ محتلة وتعتدي على شعبٍ آخر".
وشدد على أن حياة الشعب اليهودي مأساة، مشيراً إلى أنه شعب ليس مطيعاً ولا يعرف كيفية الحفاظ على دولة. لذا لم يكن لهذا الشعب وجودٌ قومي في غالبية الأوقات، بل ظل وجوده مقتصراً على أقليات مضطهدة ومكروهة تعيش بدون تنظيمٍ أكبر أو حكومة، وفق ما قاله في حواره للصحيفة الإسرائيلية.
وطن بديل
يعقوب شاريت يقول كذلك إنهم اختلقوا قصة الصراع العربي الإسرائيلي في اللحظة التي دعت فيها الصهيونية اليهود للهجرة إلى إسرائيل، من أجل إنشاء وطنٍ واحد للشعب اليهودي وإقامة دولة ذات سيادة. لقد كانت فكرة الصهيونية قائمةً على القدوم إلى مكانٍ يحكمه أبناء شعبٍ آخر وديانةٍ أخرى مختلفة تماماً عن اليهود، حسبما قال.
وتساءل في الوقت نفسه بالقول: "هل سبق لك في أي مكانٍ من هذا العالم أن رأيت الأغلبية تُوافق على الاستسلام للغزاة الأجانب، الذين يقولون (لقد عاش أجدادنا هنا) ويُطالبون بدخول الأرض وحكمها؟ لقد كان الصراع متأصّلاً في قيام الدولة، لكن الصهيونية أنكرته، وتجاهلته… ومع انقلاب نسبة اليهود إلى العرب لصالح اليهود، بدأ العرب يدركون أنّهم يخسرون أغلبيتهم. فمن الذي سيوافق على شيءٍ كهذا؟".
لهذا السبب اندلعت الصراعات العنيفة، وأحداث الشغب أعوام 1920 و1921 و1929 و1936-1939، ثم حربٌ تلو الأخرى، مضيفاً: "وربما يقول العديدون إننا نستحق الأرض، لأن العرب كان بإمكانهم أن يقبلوا بنا كما نحن، وكانت الأمور ستمضي على ما يُرام، لكنهم بدأوا الحرب ولا يحق لهم الشكوى الآن. ومع ذلك فأنا أرى في عملية تحويل الأغلبية العربية إلى أقلية، والأقلية اليهودية إلى أغلبية، أمراً غير أخلاقي".
كذلك فقد أشار إلى أنه إذا كانت إسرائيل سيئة، فهو بالسليقة شخصٌ سيئ كذلك، لأنه يدفع الضرائب للحكومة الإسرائيلية، لافتاً إلى أن الصهيونية قد اختفت واختفت معها كل الوعود التي قطعتها لشعبها، مضيفاً: "لقد تحولت أجندتنا القومية إلى دماءٍ، وقتلٍ، وعنف. وهذا العَلم الذي يُرفرف فوق بلادنا اليوم كان أشبه برؤيا، لكن إسرائيل تعيش بحد السيف. وأنا بعيدٌ كل البعد عن هذا".