انطلقت صباح الإثنين 13 أيلول/سبتمبر الجاري، الجلسات الأولى لمفاوضات تشكيل الحكومة المغربية، التي تتسم هذه المرة برغبة 6 أحزاب بالعضوية فيها، مما صعّب من مهام الرئيس المكلف في الاختيار بين الأحزاب.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد استقبل، الجمعة 10 أيلول/سبتمبر، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، الفائز في الانتخابات، عزيز أخنوش، الذي حصل حزبه على 102 مقعداً في مجلس النواب، وعيَّنه رئيس حكومة وكلفه بتشكيلها، طبقاً لأحكام الفصل 47 من الدستور.
خارج الحكومة
وباشر رئيس الحكومة المكلف عزيز أخنوش مفاوضاته لتشكيل الحكومة، عبر استقبال كل من أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، عبداللطيف وهبي، ورئيسة المجلس الوطني لنفس الحزب، فاطمة الزهراء المنصوري.
وسجلت المصادر أن أمين عام الأصالة والمعاصرة طرح على رئيس الحكومة المكلف عزيز أخنوش تصوره للحكومة المقبلة، وبرنامجها، والقطاعات التي يريد ويرغب في تسييرها.
وتابعت المصادر أن رئيس الحكومة المكلف أجاب عن عرض الأصالة والمعاصرة جواباً عاماً، فحواه "يفعل الله خيراً".
وأفادت المصادر ذاتها بأن اللقاء كان عبارة عن لقاء "مجاملة" لا أكثر، حيث إنه لم يدُم إلا ما بين 20 و30 دقيقة، وهذا وقت غير كافٍ لفتح ملف واحدٍ من الملفات التي يتم التفاوض بشأنها في الحالة العادية.
وسجلت المصادر ذاتها أن حزب الأصالة والمعاصرة (86 مقعدًا)، الذي جاء في المرتبة الثانية، لن يكون جزءاً من الحكومة، وذلك بسبب الخلافات الكبيرة بين الحزبين، والهجومات الكبيرة التي شنتها قيادة حزب الأصالة والمعاصرة ضد رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش، من بينها "شراء الفصل 47 من الدستور".
ووفق مصادر خاصة، فإن الهزيمة غير المنتظرة لحزب العدالة والتنمية، والتي حرمته حتى من امتلاك فريق في البرلمان يؤهله للقيام بالمعارضة من داخل المؤسسات، فقد حاولت أطراف في الدولة القيام بهذه المهمة إلى حزب الأصالة والمعاصرة.
ويُعتبر حزبا الأصالة والمعاصرة، والتجمع الوطني للأحرار، من الأحزاب التي خلقتها الدولة للقيام بعملية توازن مع الأحزاب التي جاءت من المجتمع، وبالتالي تتنافس على نيل رضا الدولة وتنفيذ تعليماتها.
هيكل الحكومة المغربية
وعلم "عربي بوست" أن عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية المعيّن، والذي كلفه الملك بتشكيل الحكومة، يسارع الزمن ليعلن ميلاد حكومته في أقرب وقت ممكن.
وكشفت مصادر من قيادات حزب التجمع الوطني للأحرار (حزب رئيس الحكومة المغربية المكلف) أن الأغلبية الحكومية الجديدة قد يعلن عنها خلال الـ48 أو 72 ساعة المقبلة.
وزادت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها أن الأغلبية الحكومية المقبلة ستعرف مشاركة 5 أحزاب سياسية، كما ستكون مطعَّمة بعدد من التكنوقراط (ليس لهم انتماء حزبي).
وتابعت المصادر أن التجمع الوطني للأحرار يريد الاستمرار في تدبير القطاعات الإنتاجية كما كان عليه الحال في الوضعية السابقة، حيث كان يسيّر وزارات المالية، والاقتصاد، والصناعة، والسياحة، والصناعة التقليدية، والفلاحة.
وتابعت المصادر ذاتها أن الحزب يريد الاستمرار في تدبير هذه القطاعات خاصة أنه حقق فيها نجاحات كبيرة، كما أنه أطلق عدداً من المشاريع والبرامج في الحكومات السابقة، وبالتالي يتعين عليه الاستمرار في تنفيذها.
كما سجلت أن الحزب سيباشر المفاوضات مع الأحزاب الراغبة في التحالف معه حول باقي الأقطاب الوزارية سواء الأسرة والتنمية الاجتماعية والتشغيل والتكوين المهني، أو الاتصال والثقافة والشباب، أو حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني.
وأفادت المصادر ذاتها بأن رئيس الحكومة المكلف باشر اتصالات بأحزاب الاستقلال (81 مقعداً)، والاتحاد الاشتراكي (35 مقعداً)، والحركة الشعبية (29 مقعداً)، والاتحاد الدستوري (18 مقعداً)، إضافة إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، حزب رئيس الحكومة (102 مقعد).
رئيس الإرادة الشعبية
خلافاً لكثير من التوقعات، فقد كلف العاهل المغربي رئيس الحزب في الانتخابات بتشكيل الحكومة المغربية الجديدة، تطبيقاً لنص الفصل 47 من الدستور المغربي.
عزيز أخنوش أعلن، في ندوة صحفية، عقدها بمقر الحزب بالرباط، الخميس 9 أيلول/سبتمبر، أن المستوى القياسي للوافدين على صناديق الاقتراع والذي بلغ لأول مرة أكثر من 8 ملايين ونصف ناخب هو تعبير صريح عن الإرادة الشعبية في التغيير.
وبحسب ما عاينه "عربي بوست" خلال ندوتي عزيز أخنوش، سواء ليل الأربعاء أو صباح الخميس، فإنه كان يكتفي بالإشارة إلى الإرادة الشعبية بشكل عابر دون توقف عندها، خلافاً مثلاً لحالة العدالة والتنمية.
مصادر من داخل التجمع الوطني للأحرار اعتبرت أن عزيز أخنوش كان يتوقع ألا يتم تكليفه برئاسة الحكومة، لذلك كان يذكّر على استحياء بالإرادة الشعبية.
وتابعت أن كان يريد رئيسه رئيساً للحكومة، وكان تعيين شخصية أخرى بدلاً عنه سيكون صعباً قبوله، لكن الحزب وقيادته كانوا على استعداد لقبول تعيين أي شخصية قيادية أخرى لرئاسة الحكومة المغربية.
وكانت كثير من الأوساط السياسية المغربية قد توقعت في حال احتلال التجمع الوطني للأحرار صدارة الانتخابات، أن يتم تعيين وزير الاقتصاد والمالية والوظيفة العمومية في الحكومة المغربية السابقة، محمد بن شعبون رئيساً للحكومة.
وتزامن تدبير بن شعبون لوزارة الاقتصاد والمالية الذي دخل الحكومة المغربية في تعديل 2019 بأزمة كورونا، حيث نجح في تفادي كثير من الأزمات داخل الأغلبية الحكومية، ومع البرلمان، وكذلك حتى مع المجتمع من خلال التحفيزات المالية التي أنجزتها حكومة سعد العثماني.
وينتظر أن يستقبل عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، ظهر الاثنين، الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، وذلك ضمن مشاورات تشكيل الحكومة، حيث من المقرر أن تنطلق المفاوضات بعيداً عن المجاملات.