دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، المجتمع الدولي إلى إجراء "حوار" مع حركة طالبان التي استولت على السلطة في أفغانستان، معرباً عن خشيته أيضاً من تداعيات سيناريو شبيه بما حصل في أفغانستان، على منطقة الساحل.
خلال مقابلة مع وكالة "فرانس برس" الخميس 9 سبتمبر/أيلول 2021، قال غوتيريش: "يجب علينا أن نُبقي على حوار مع طالبان. حوار نؤكّد فيه مبادئنا بصورة مباشرة. حوار مع شعور بالتضامن مع الشعب الأفغاني".
كما شدّد الأمين العام على أن "واجبنا هو أن نتضامن مع شعب يعاني بشدّة، حيث يواجه الملايين والملايين خطر الموت جوعاً". وأكد ضرورة منع حدوث "انهيار اقتصادي" في هذا البلد.
غوتيريش يدعو لمساعدة أفغانستان
من دون التطرق إلى رفع العقوبات الدولية وتحرير الأموال الأفغانية المجمدة عبر العالم، رأى غوتيريش أن بإمكان المجتمع الدولي أن يمنح كابول "وسائل مالية"، تسمح بعدم إفلاس البلاد و"للاقتصاد بالتنفّس".
إذ شدّد على أن "هذا الأمر يصبّ في مصلحة المجتمع الدولي، وأنا لا أتحدّث عن رفع العقوبات أو الاعتراف (بحكومة طالبان)، أنا أتحدث عن إجراءات محدّدة الأهداف للسماح للاقتصاد الأفغاني بالتنفّس".
سأل: "هل هناك ضمانات للمجتمع الدولي بالحصول في المقابل على حماية لحقوق النساء والفتيات؟". أكد غوتيريش: "كلا، لا يمكن توقُّع تطورات الوضع، وجرّاء ذلك يجب أن ننخرط (في حوار) مع طالبان".
كما قال الأمين العام إن الحوار مع الحركة الإسلامية المتشددة لابدّ منه "إذا أردنا ألا تكون أفغانستان مركزاً للإرهاب. إذا أردنا ألا تفقد النساء والفتيات كلّ الحقوق التي اكتسبنها خلال الفترة السابقة. إذا أردنا أن تتمكّن الجماعات العرقية المختلفة من أن تشعر بأنها ممثّلة". وتابع: "حتى الآن، في المناقشات التي أجريناها، هناك على الأقل تقبُّل للنقاش".
أضاف: "نحن نريد أن يُحكَم البلد بسلام واستقرار، مع احترام حقوق الناس"، في حين أن "حركة طالبان تريد أن يتمّ الاعتراف بها وأن تُلغى العقوبات المفروضة عليها، وتريد دعماً مالياً، وهذا يعطي قوّة معيّنة للمجتمع الدولي".
فيما أبدى الأمين العام استعداده للذهاب إلى أفغانستان يوماً ما إذا توافرت الشروط اللازمة لذلك.
"جيوش تنهار" أمام الجماعات المسلحة
رداً على سؤال حول الخشية من تكرار السيناريو الأفغاني في منطقة الساحل، قال غوتيريش: "أنا أخشى التأثير النفسي والفعلي لما حدث في أفغانستان".
أضاف: "ثمَّة خطر حقيقي. بإمكان هذه الجماعات الإرهابية (في منطقة الساحل) أن تتحمّس لما حدث (بأفغانستان)، وأن تصبح لديها طموحات تتخطّى تلك التي كانت لديها قبل أشهر قليلة".
فيما شدّد الأمين العام على أن ثمة "شيئاً جديداً في العالم، وهو خطر للغاية"، موضحاً أنه حتى وإن لم يكن عددها كبيراً "فهناك جماعات متعصبة، في عقيدتها، على سبيل المثال، الموت مرغوب فيه. جماعات مستعدة لفعل أي شيء. ونرى جيوشاً تنهار أمامها".
أضاف: "لقد رأينا ذلك في الموصل بالعراق، وفي مالي خلال أول هجوم باتجاه باماكو، ورأينا في موزمبيق (…). هذا الخطر حقيقي ويجب أن نفكر بجدية في تداعياته على التهديد الإرهابي، وفي الطريقة التي يتعيّن على المجتمع الدولي أن ينظم بها نفسه لمواجهة هذا التهديد".
نقطة الضعف الأهم في الساحل
شدد الأمين العام على "ضرورة تعزيز الآليات الأمنية في منطقة الساحل"، لأن "منطقة الساحل هي نقطة الضعف الأهمّ التي يجب معالجتها. الأمر لا يتعلّق بمالي أو ببوركينا فاسو أو بالنيجر فحسب، بل لدينا الآن عمليات تسلّل إلى ساحل العاج وغانا".
قال غوتيريش: "أخشى اليوم ألا تكون قدرة الاستجابة لدى الأسرة الدولية ودول المنطقة كافية في وجه التهديد"، موضحاً: "فرنسا ستقلّص وجودها، وهناك أنباء عن عزم تشاد على سحب بعض قواتها من المنطقة الحدودية للدول الثلاث: بوركينا والنيجر ومالي".
أضاف: "لهذا السبب أنا أقاتل من أجل أن تكون هناك قوة إفريقية لمكافحة الإرهاب، لديها من مجلس الأمن الدولي تفويض بموجب الفصل السابع (يجيز استخدام القوة) وتمويل خاص بها يضمن استجابة على مستوى التهديد".