أظهرت لقطات مصورة تداولتها وسائل إعلام فلسطينية، الجمعة 10 سبتمبر/أيلول 2021، قوات كبيرة من الشرطة والجيش الإسرائيلي مدعومة بالمروحيات في مدينة العفولة بالداخل المحتل عام 1948، فيما قالت مصادر إسرائيلية إن السلطات عثرت على حقيبتين بالمنطقة تشك أنهما تعودان لأسرى الحرية الستة الذين استطاعوا الفرار من سجن جلبوع الإثنين الماضي، دون أن تتمكن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية من الوصول إليهم حتى الآن.
جاءت عملية المداهمة هذه في وقت قالت صحيفة معاريف الإسرائيلية "إن مطاردة الأسرى الفلسطينيين قد تستمر لأيام وربما أسابيع".
أقوال الصحيفة جاءت بناء على تقديرات جهاز الأمن الإسرائيلي الذي قال في تقييم له إن "الحديث يدور عن ستة هاربين محنكين ويعرفون المنطقة، لذلك يُقدّر جهاز الأمن أن مطاردتهم ستكون عملية معقدة وطويلة".
وتنصب القوات الإسرائيلية حواجز في كافة أنحاء الضفة الغربية وداخل إسرائيل من الجليل شمالاً وحتى النقب، في وقت تتحدث فيه وسائل إعلام إسرائيلية عن أنه لا توجد لدى أجهزة الأمن أدنى فكرة حتى الآن حول مكان تواجد الأسرى الستة، وسط تقديرات بأنهم تفرقوا وأن قسماً منهم دخل إلى الضفة والقسم الآخر لا يزال داخل إسرائيل.
الشك في حقيبة
بحسب صحيفة معاريف الإسرائيلية، فإن الشرطة الإسرائيلية عثرت على حقيبة بمنطقة العفولة خلال قيام خبراء الأثر بتمشيط المنطقة بحثاً عن الأسرى الستة منتزعي حريتهم.
الصحيفة رجحت أن الأسرى الفلسطينيين الستة ربما توجهوا ناحية الحدود الشمالية مع لبنان.
يأتي ذلك بعد أن نفت مصادر أمنية أردنية اختراق الأسرى الفلسطينيين الستة حدود المملكة، منذ فرارهم.
غانتس: الجيش جاهز لكل السيناريوهات
من جانبه، وقف وزير الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، على مشارف جنين في مؤتمر صحفي قال فيه إن عمليات البحث ما زالت مستمرة عن الأسرى الفارين، مؤكداً أن الجيش جاهز للتعامل مع كل السيناريوهات.
كما أكد غانتس أن التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية مستمر في البحث عمن وصفهم بالمطلوبين.
وقال غانتس: "آمل أن ينتهي اليوم بهدوء والجيش الإسرائيلي مستعد لأي تطور مهما كان في أحد الأماكن"، حسبما نقلت عنه الإذاعة العامة الإسرائيلية "كان".
أين الأسرى؟
في ظل التخبط الأمني الإسرائيلي، تشير آخر تقديرات الجهات الاستخباراتية في أجهزة الأمن إلى أن عدداً من الأسرى نجحوا في الدخول إلى الضفة الغربية المحتلة، بحسب "هآرتس"، وأنّ الدخول إلى قلب مدن الضفة لاعتقال الأسرى سيؤدّي إلى معركة مع مسلّحين كثر سيحاولون حمايتهم.
وفق "هآرتس"، فالتقديرات أن عملية البحث عن الأسرى ستكون طويلة وربّما تصل إلى أسابيع عديدة، بسبب تفرّقهم إلى مجموعات صغيرة. كما تعزّزت لدى الجهات الاستخباراتية قناعة أن الستّة يحصلون على مساعدات، من مساعدين موجودين على جانبي الخطّ الأخضر، وأنّ جزءاً من المساعدين كانوا شركاءً في سرّ الهروب قبل العملية.
بسبب التقديرات الجديدة، سيتصدّر جيش الاحتلال عمليات البحث عن الأسرى، بخلاف بداية الأحداث التي قادت فيها الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك) العمليات.
وتتجهز الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لعدّة سيناريوهات محتملة لاعتقالهم، ولكن السيناريو الذي يثير الخشية القصوى هو مواجهة الجيش مع الأسرى تنتهي باستشهادهم، وهو ما قد يدفع لتصعيد الاشتباكات في الضفة وربما لمواجهة مع غزة.
بحسب الصحيفة، فقد استنفرت وحدات خاصة في الجيش والشرطة الإسرائيليّين لهذا السيناريو، بالإضافة إلى سيناريو أن يأخذ عدد من الأسرى إسرائيليين رهائنَ بهدف التفاوض مع السلطات.
فيما تقدّر الأجهزة الأمنية أن اعتقال الستة وهم أحياء، دون معارك، سيؤدي إلى أن يكون الرد الفلسطيني أقلّ حدّة.
الهروب من سجن جلبوع
وما زالت حادثة نجاح ستة أسرى بالفرار عبر نفق من سجن جلبوع المحصن تلقي بظلالها على الساحة الفلسطينية، في ظل عجز سلطات الاحتلال من العثور عليهم مجدداً، أو تبين دلائل مثبتة لأماكن تواجدهم، فيما شددت إجراءاتها على بقية الأسرى في السجون، ما أشعل احتجاجات داخل السجون وخارجها.
الأسرى الستة بينهم القيادي بكتائب شهداء الأقصى زكريا الزبيدي، أما البقية فينتمون لحركة الجهاد الإسلامي، وهم مناضل يعقوب نفيعات، ومحمد قاسم العارضة، ويعقوب محمود قدري، وأيهم فؤاد كممجي، ومحمود عبد الله العارضة.
من جانبه، أكد نادي الأسير الفلسطيني، أن سلطات الاحتلال أقدمت على فرض جملة من الإجراءات، تمثلت في عمليات قمع وتفتيش، ونقل لأسرى حركة الجهاد الإسلامي، حيث ينتمي معظم الناجحين في الفرار.
أضاف النادي أن قوات الاحتلال أقدمت على إغلاق كافة أقسام الأسرى بالسجون، وتقليص مدة الفورة، وإغلاق المرافق كالمغسلة، وحرمانهم من (الكانتين/متجر)، وأعلنت تهديداتها بفرض مزيد من الإجراءات.
من جانبهم، أقدم الأسرى على إشعال النار في زنازينهم، بسجنَي "النقب" و"رامون" (جنوب)، رداً على إجراءات عقابية تمارسها سلطات السجون الإسرائيلية بحقهم.
بدورها، دعت هيئة شؤون الأسرى والمحررين (تابعة لمنظمة التحرير)، في بيان، إلى إنقاذ الأسرى الفلسطينيين من القمع الإسرائيلي.
حيث طالبت الهيئة المجتمع الدولي بـ"وضع حد للنازية الإسرائيلية التي تمارسها إدارة سجون الاحتلال ووحدات القمع في هذه اللحظات بسجن النقب الصحراوي".
هذه الأحداث دفعت الفلسطينيين إلى تنفيذ مظاهرات في محافظات مختلفة؛ تضامناً مع الأسرى، شهدت اشتباكات عنيفة بين الشبان وقوات الاحتلال.