دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الإثنين 6 سبتمبر/أيلول 2021، الغرب إلى تشجيع مَن وصفهم بالأعضاء المعتدلين في حركة طالبان الأفغانية على تولّي زمام الأمور بدلاً من زملائهم "المتطرفين"، لافتاً إلى أنه يعتقد الحركة قد تغيّرت، واختلفت عما كانت عليه حين حكمت أفغانستان في التسعينيات، وأن الحكم عليها سيتم بناء على "أفعالها لا أقوالها"، طبقاً لما أوردته صحيفة The Times البريطانية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها جونسون أمام أعضاء البرلمان البريطاني بشأن انسحاب بلاده من أفغانستان، وسط انتقادات لطريقة معالجة عملية الإجلاء والإخفاق في التنبؤ بمدى سرعة اجتياح طالبان للبلاد.
"أقصى ضغط ممكن"
حيث قال رئيس الوزراء البريطاني إن على المملكة المتحدة أن تُمارس أقصى ضغط ممكن على المعتدلين، لضمان توليهم السيطرة على الحكومة، و"ألا تسمح للعناصر الأكثر رجعية بتولي زمام الأمور، هذا ما ستفعله حكومتنا وباقي حكومات العالم".
جونسون أضاف: "ما تحتاج لفعله هو التأكد من أن تلك العناصر من طالبان التي تعد مختلفة، والتي أعتقد أنها مختلفة عن طالبان التي حكمت عام 1996، ستحظى بالدعم".
اعتُبرت تلك التصريحات بمثابة إشارة ضمنية إلى أن المملكة المتحدة تُرخي يدها عن الحكم الأفغاني الجديد، وهو الأمر الذي يتقاطع مع ما قاله دومينيك راب، وزير الخارجية البريطاني، بأن هناك "فارقاً جلياً"، بين طالبان وبين الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة.
"الإنجازات الغربية"
فيما استغل جونسون كلمته ليدافع عن حرب بريطانيا التي استمرت 20 عاماً في أفغانستان، مُعدداً ما وصفها بالإنجازات التي يجب أن تفخر بها القوات المسلحة، مضيفاً: "يوم السبت القادم 11 سبتمبر/أيلول، سيوافق الذكرى العشرين لسبب ذهابنا لأفغانستان بالأساس: إنها الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة، التي تسببت في مقتل 2977 شخصاً من بينهم 67 بريطانياً".
أردف: "لو أن أحداً يرى أننا لم نحقق شيئاً في ذلك البلد، فقولوا له إن قواتنا المسلحة، وقوات حلفائنا أتاحت الفرصة أمام 3.6 مليون فتاة للذهاب إلى المدارس، قولوا له إن هذا البلد والعالم الغربي كان محمياً من تنظيم القاعدة في أفغانستان طوال تلك المدة، وقوله له إننا شغلنا للتو أكبر جسر جوي للمساعدات الإنسانية في التاريخ الحديث".
بينما أصر جونسون كذلك على أنه "لا توجد معلومات مباشرة حتى الآن حول أي تزايد للتهديد" بهجمات إرهابية على بريطانيا، مكرراً تحذيره لطالبان بأن المملكة المتحدة ستلزمهم بتعهدهم بعدم السماح بتحول أفغانستان مرة أخرى إلى بؤرة للإرهاب، بالطريقة التي تسببت في الغزو الغربي منذ 20 عاماً.
كما أقرّ جونسون، في تقرير بالمستجدات رُفع لمجلس العموم، الإثنين، بأن 311 أفغانياً عاونوا بريطانيا في حربها التي استمرت هناك لعشرين عاماً قد تركتهم القوات البريطانية خلفهم، لافتاً إلى أن هؤلاء وعائلاتهم مؤهلون لخطة إعادة التوطين الطارئ.
مضيفاً: "إن 192 منهم استجابوا لمحاولة وزارة الخارجية التواصل معهم، لكن لا توجد لدى البريطانيين أية معلومات حول موقع بقيتهم البالغ عددهم 119 فرداً"، متعهداً أولئك العالقين في أفغانستان بأن المملكة المتحدة تعمل على إخراجهم.
خطة إعادة التوطين
في حين تابع جونسون: "دعوني أقول لكل من أعربنا له عن التزامنا بحقه، ولأولئك الذين هم في أفغانستان، إننا نعمل بدأب مع أصدقائنا في المنطقة لتأمين عبور سالم، وفور توفر الطرقات سنفعل كل ما نستطيعه لمساعدتكم".
كذلك قالت وزارة الداخلية البريطانية، الإثنين، إن خطة إعادة توطين عاجلة منفصلة ستستهدف ذوي الميول الجنسية المختلفة والمتحولين جنسياً الأفغانيين، وأولئك المعرضين للخطر من طالبان بسبب هويتهم الجنسية أو معتقدهم الديني.
خطة إعادة التوطين تلك، التي ستوفر إقامة دائمة لنحو 20 ألفاً خلال السنوات الخمس القادمة، ستشمل أولئك "الذين ناضلوا من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان"، بحسب السلطات البريطانية.
لكن وصلت لاحقاً رسائل بريد إلكتروني لأعضاء البرلمان، تفيد بأن أعضاء من طالبان تظاهروا بكونهم لاجئين يحاولون الفرار من أفغانستان. وقال مصدر من وزارة الداخلية البريطانية: "ذلك ما يدفعنا لإجراء تحقيق دقيق".
يشار إلى أن جونسون يواجه انتقادات لاذعة من أعضاء البرلمان، بسبب إخفاقات المخابرات والقيادة فيما يتعلق بسقوط كابول، وقد اعترف بأن قرار الولايات المتحدة بالانسحاب لم يترك لبريطانيا خياراً سوى سحب قواتها.
يذكر أنه في 15 أغسطس/آب المنصرم، استطاعت "طالبان" السيطرة على كابل، بدون مقاومة تذكر من الجيش الأفغاني، فيما بقيت ولاية "بنجشير" الواقعة شمال شرق كابل، الولاية الوحيدة الخارجة عن سيطرة الحركة، لكنها نجحت في السيطرة الكاملة عليها مؤخراً.