قالت صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، الإثنين 6 سبتمبر/أيلول 2021، إن الولايات المتحدة غادرت أفغانستان تاركةً وراءها مصانع ومدارس ومكاتب في حالةٍ متهالكة، وذلك بعدما ضخّت العديد من الوكالات الحكومية الأمريكية نحو 145 مليار دولار على مشاريع إعادة الإعمار والبنية التحتية، ومعدات قوات الأمن الأفغانية، والمساعدات الإنسانية، وبرامج مكافحة المخدرات وغيرها.
حيث أجرى مكتب المفتش العام المختص بإعادة إعمار أفغانستان (سيغار)، وهو هيئة مستقلة تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، عمليات تدقيق ومراجعة منتظمة لتفاصيل النفقات الأمريكية، ووجد أنّ هناك 2.4 مليار دولار على الأقل من الأصول التي "لم تُعد صالحةً للاستخدام، أو هُجِرَت، أو لم تُستخدم لتنفيذ غرضها الأصلي، أو تهالكت، أو دُمِّرَت".
طائرات G222- نصف مليار دولار
كما أن القوات الجوية الأمريكية أنفقت، مطلع عام 2008، 549 مليون دولار على شراء وصيانة 20 طائرة نقل عسكرية متوسطة الحجم من طراز G222 بعد تجديدها لصالح القوات الجوية الأفغانية. ووصلت منها 16 طائرة إلى مطار كابول.
بحلول عام 2012، تبقت تسع طائرات فقط صالحة للطيران، بينما تم تفكيك ست طائرات لبيعها كقطع غيار. وفي عام 2014، باعت الولايات المتحدة الطائرات المتبقية كخردة لشركة أفغانية مقابل 40 ألف دولار أمريكي.
فندق ومبنى سكني فاخر في كابول- 85 مليون دولار
فيما قدّمت مؤسسة الاستثمار الخاص لما وراء البحار (OPIC)، وهي وكالة حكومية أمريكية لتمويل وتأمين مشاريع القطاع الخاص في مجال تنمية، قرضاً قيمته 85 مليون دولار لأحد المقاولين من أجل بناء فندق ومبنى سكني فاخر في الشارع المقابل للسفارة الأمريكية بالعاصمة كابول.
لكن بحلول عام 2016، وجد المفتشون أنّ بنايات المشروع صارت مهجورةً ولم يكتمل بناؤها، ليكتشفوا أنّ مزاعم المقاول بشأن وتيرة أعمال البناء كانت خاطئةً وغير واقعية بشكلٍ واضح. وكتب مفتش سيغار في مذكرته: "لم يكُن هناك مكانٌ يصلح للعيش الآدمي في أيٍ من البنايتين".
أجهزة المسح الضوئي للسيارات- 5.6 مليون دولار
أما في عام 2006، فقد اشترت وزارة الدفاع اثنين من أجهزة المسح الضوئي للسيارات مقابل 2.8 مليون دولار لكل جهاز، وقامت بتركيب الأجهزة في معابر حدودية من أجل مساعدة الحكومة الأفغانية على التصدي لأنشطة التهريب وتحصيل الرسوم الجمركية.
تم تسليم الأجهزة للحكومة الأفغانية عام 2013 وظلت في خدمة تفتيش المركبات لعامين. لكن الجهاز الموجود في مدينة شيرخان بندر وصل إلى حالةٍ يتعذر إصلاحها بعد رحيل المستشارين الأمريكيين. بينما تعرض الجهاز الآخر للتدمير بصاروخٍ باكستاني.
مختبر ومزرعة ماعز لإنتاج الكشمير- 2.3 مليون دولار
في السياق، خصّصت وزارة الدفاع الأمريكية 2.3 مليون دولار لإنشاء مزرعة ماعز ومختبر في هراة، وذلك بهدف تربية قطيع يصل تعداده إلى 2000 من الماعز، واستخدام القطيع في إنتاج الكشمير الأبيض الذي سيُباع بسعرٍ أعلى من الكشمير الداكن التقليدي في أفغانستان.
إلا أنه في عام 2014 قالت جامعة ولاية كولورادو الأمريكية، الحاصلة على منحة لإنشاء المزرعة والمختبر، إنّها انتهت من أعمال الإنشاء وبدأت التشغيل. لكن مرضاً تفشى بين الماعز وتعطّلت العمليات. وبحلول عام 2017، صارت المنشأة مهجورة ومجردة من المعدات وفي حالةٍ متهالكة.
مجمع الشرطة الأفغانية- 1.7 مليون دولار
في حين منح فيلق المهندسين بالجيش الأمريكي، عام 2012، عقداً بقيمة 1.7 مليون دولار لشركة إنشاءات أفغانية من أجل بناء مجمع للشرطة الوطنية الأفغانية في مدينة قندوز. واكتمل بناء هذا المجمع بحلول عام 2020، لكن الشرطة الأفغانية هجرته بعد هجمات طالبان.
محطة الكهرباء بولاية خوست- 1.6 مليون دولار
كما أنه في عام 2008، خصصت وزارة الدفاع 1.6 مليون دولار لتجديد وتحديث محطة الطاقة الكهربائية المتهالكة في ولاية خوست جنوب شرق أفغانستان. ولكن بحلول يوليو/تموز من عام 2009، توقف اثنان من المولدات الخمسة الجديدة عن العمل وبدأت أجزاء من سقف المحطة في التساقط. لكن في مايو/أيار عام 2020، هُجِرَت محطة الكهرباء تماماً بعد أن وصلت لحالةٍ يتعذّر إصلاحها.
مرافق تخزين المواد الغذائية- 771 ألف دولار
استمراراً للواقع ذاته، وافقت وزارة الدفاع عام 2008 على تعاقد بقيمة 771 ألف دولار لبناء مرفق لتخزين ومعالجة الحبوب. إلا أنه بحلول عام 2020، كان المرفق قد صار مهجوراً بالكامل.
جسر مشاة نهر أليشانغ- 89 ألف دولار
فيما موّلت وزارة الدفاع بناء جسر للمشاة بقيمة 89 ألف دولار، ليمر فوق نهر أليشانغ في ولاية لغمان. وانتهت أعمال البناء في فبراير/شباط عام 2009. وفي العام التالي قال المفتشون إنّ الجسر تدمّر بفعل الفيضانات، لأنّه كان مبنياً بطريقةٍ سيئة على الأرجح.
كان التدخل الأمريكي في أفغانستان قد بدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2001، كجزء من عمليات الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش ضد "الإرهاب" بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول من العام ذاته.
يشار إلى أن الولايات المتحدة سحبت، يوم الثلاثاء 31 أغسطس/ آب، آخر قواتها من أفغانستان التي غزتها بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، في وقت أدى فيه هذا الغزو الذي استمر 20 عاماً، إلى مقتل وتشريد مئات آلاف الأفغان، فضلاً عن التكاليف الاقتصادية الكارثية التي تكبدها هذا البلد.
بحسب تقرير صادر عن مكتب محاسبة الحكومة الأمريكي (ديوان المحاسبة) عام 2017، فقد تم تزويد القوات الأفغانية بحوالي 76 ألف مركبة و600 ألف قطعة سلاح و163 ألف جهاز اتصالات و208 طائرات في الفترة ما بين 2003-2016.
أما وفق بحث أُجري كجزء من مشروع "تكاليف الحرب" التابع لجامعة براون الأمريكية (جامعة خاصة)، فقد قُتل آلاف المدنيين في أفغانستان بسبب تبادل إطلاق النار والعبوات الناسفة والاغتيالات والتفجيرات التي شهدتها البلاد خلال العقدين الماضيين.
خلال العمليات العسكرية التي شنها الجيش الأمريكي عبر الحدود في أفغانستان وباكستان، لقي ما يقرب من 241 ألف شخص مصرعهم منذ عام 2001، بينهم أكثر من 71 ألف مدني كنتيجة مباشرة للحرب.