طالب سفراء مجموعة الدول السبع بتونس، الإثنين 6 سبتمبر/أيلول 2021، الرئيس التونسي قيس سعيد، بـ"تعيين رئيس حكومة جديد في أسرع وقت ممكن، وإعادة البلاد إلى المسار الدستوري الذي يكون فيه للبرلمان دور بارز"، وذلك بعد أسابيع عديدة من فرضه "تدابير استثنائية" قضت بحل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة.
وقد وقّع على هذا البيان المشترك سفراء كل من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا واليابان وإيطاليا وكندا، ونُشر على الصفحة الرسمية للسفارة البريطانية في تونس.
"لاحترام الحقوق المدنية والسياسية"
جاء فيه: "نؤكد مجدداً -نحن مجموعة السبع- التزامناً المستمر بالشراكة مع تونس، وهي بصدد تطوير الهياكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية اللازمة قصد الاستجابة للمطالب المشروعة للشعب التونسي لتحقيق مستوى معيشي أفضل، إضافة إلى إرساء حَوْكمة تتسم بالنزاهة والفعالية والشفافية".
كما أضاف: "نحثُّ على سرعة العودة إلى نظام دستوري يضطلع فيه برلمان منتخب بدور بارز".
وتابع: "كما نؤكد الحاجة الماسَّة لتعيين رئيس حكومة جديد حتى يتسنى تشكيل حكومة مقتدرة تستطيع معالجة الأزمات الراهنة التي تواجه تونس على الصعيدين الاقتصادي والصحي، وهو ما من شأنه أن يفسح المجال لحوار شامل حول الإصلاحات الدستورية والانتخابية المُقترحة".
سفراء مجموعة السبع الكبرى وجهوا كذلك دعوة "إلى الالتزام العام باحترام الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية لجميع التونسيين وباحترام سيادة القانون".
كما حثوا على أهمية "إسراع الرئيس قيس سعيد، بتحديد توجه واضح يستجيب لاحتياجات الشعب التونسي".
واختتم البيان بتأكيد التزام مجموعة الدول السبع "بإبقاء القيم الديمقراطية المشتركة مع تونس ذات أهمية محورية في علاقاتنا المستمرة".
تدابير استثنائية
وفي 25 يوليو/تموز الماضي، أعلن الرئيس التونسي عن تدابير وصفها بـ"الاستثنائية" لمدة 30 يوماً، تضمنت تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية، بمعاونة حكومة يعيّن رئيسها.
قبل أن يمدد هذا التدابير في 24 أغسطس/آب الجاري، إلى أجَل غير مسمى.
كانت غالبية الأحزاب التونسية رفضت قرارات سعيّد الاستثنائية، واعتبرها البعض "انقلاباً على الدستور"، بينما أيدتها أخرى رأت فيها "تصحيحاً للمسار"، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية تعانيها البلاد.
غموض مقلق لا يزال يلف المشهد التونسي
وفي أحدث تصريحات مثيرة للجدل للرئيس التونسي، وتعمّق من ضبابية المشهد في البلاد، اتهم سعيد، الأربعاء 1 سبتمبر/أيلول 2021، أطرافاً في الداخل، لم يحددها، "بشراء مرتزقة من الخارج لتقويض حكمه"، على حد تعبيره. وسبق هذه التصريحات اتهامات من سعيد لأطراف بـ"محاولة اغتياله"، قبل أسبوعين، قائلاً إن هذه الأطراف "ذات ميول إسلامية"، بحسب وصفه.
من جهتها، وعلى لسان زعيمها راشد الغنوشي، أعربت حركة "النهضة" (53 نائباً في البرلمان من أصل 217)، عن "مدى انشغالها العميق بالغموض الذي يكتنف مستقبل البلاد"، بعد التمديد إلى أجل غير مسمى.
وقالت في بيان موقع من الغنوشي في 23 أغسطس/آب، إن التمديد "يلغي مراقبة البرلمان الذي يمنح الدستور لرئيسه أو 30 من أعضائه حق طلب إنهاء الإجراءات الاستثنائية".
وجدّدت الحركة دعوتها إلى "استئناف المسار الديمقراطي، المُعطّل منذ 25 يوليو 2021 والعودة السريعة إلى السير العادي لمؤسسات الدولة كما ينص على ذلك الفصل 80 من الدستور، واعتماد الحوار سبيلاً وحيداً لحلّ مختلف المشاكل".
وجددت "تمسّكها بموقفها المبدئي الذي يعتبر تعليق اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن النواب خرقاً جسيماً للدستور، ومخالفة صريحة لمقتضيات الفصل 80 منه في التنصيص على إبقاء البرلمان في حالة انعقاد دائم".
قلق من شرعنة تجميع السلطات بيد قيس سعيّد
من جانبه، عبر حزب "التيار الديمقراطي" (22 مقعداً)، عن قلقه من "تجميع السلطات بيد سعيد دون أفق زمني واضح".
وقال في بيان أصدره في 28 أغسطس، إن على الرئيس "تعيين رئيس حكومة مع الحرص على الكفاءة ونظافة اليد، وبالإفصاح عن برنامج واضح وعاجل لمجابهة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والمالية والشروع في الإصلاحات الضرورية".
وعبّر "التيار" عن القلق مما صاحب إجراءات الرئيس من "ضبابية سياسية ودعوات لا مسؤولة لتعليق الدستور وتأخر غير مبرر في تعيين الحكومة وسد الشغور في عديد الوزارات".
وفي 25 أغسطس، أعلن حزب "ائتلاف الكرامة" (18 مقعداً) عن رفضه لكل القرارات الرئاسية التي أعقبت ما وصفه بـ"انقلاب 25 يوليو وأدخلت البلاد في المجهول".