قالت تقارير إعلامية إن القتال احتدم بين قوات حركة طالبان وقوات معارضة لها، السبت 4 سبتمبر/أيلول 2021، من أجل السيطرة على وادي بنجشير الواقع شمال العاصمة الأفغانية كابول، وهو آخر إقليم بأفغانستان لم تنجح الحركة في السيطرة الكاملة عليه حتى الآن.
حيث قال فهيم داشتي، المتحدث باسم "جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية"، التي تضم قوات معارضة موالية للزعيم المحلي أحمد مسعود، إن قوات طالبان وصلت إلى مرتفعات دربند على الحدود بين إقليمي كابيسا وبنجشير، لكن تم صدها.
داشتي أضاف، في تغريدة على "تويتر": "الدفاع عن معقل أفغانستان لا ينكسر".
كما شدّد مسعود، في تعليق على "فيسبوك"، على أن قواته ستقاوم، مؤكداً أن بنجشير "تواصل الصمود بقوة في القتال".
في حين أشاد مسعود بمن وصفهن بـ"أخواتنا المحترمات"، وقال إن مظاهرات النساء في مدينة هرات الغربية للمطالبة بحقوقهن أظهرت أن الأفغانيات لم يتخلين عن مطالبهن من أجل العدالة، وأنهن "لا يخشين أي تهديدات".
تقدم بطيء
في المقابل، قال مصدر بـ"طالبان" إن القتال مستمر في بنجشير، لكن التقدم تباطأ، بسبب الألغام الأرضية المزروعة على الطريق المؤدية إلى العاصمة بازاراك ومجمع حاكم الإقليم، لافتاً إلى أن "عمليات إزالة الألغام والهجمات تجري في الوقت نفسه".
بينما لم يتسنَّ حتى الآن الحصول على تأكيد مستقل للأحداث في إقليم بنجشير المحاط بالجبال، باستثناء مدخله الضيق، والذي صمد في مواجهة الاحتلال السوفييتي وحكومة طالبان السابقة على حد سواء.
كانت مصادر من طالبان قد صرّحت، الجمعة، بأن الحركة سيطرت على الوادي، لكن المقاومة نفت سقوطه في أيدي مسلحي طالبان.
لكن طالبان لم تصدر حتى الآن أي إعلان بالسيطرة على الوادي الذي قاوم حكمها عندما كانت آخر مرة في السلطة بكابول في الفترة بين عامي 1996 و2001.
إلى ذلك، دوى إطلاق نار احتفالي في جميع أنحاء كابول، الجمعة، مع انتشار تقارير عن سيطرة طالبان على بنجشير. وذكرت وكالات أنباء أن 17 شخصاً على الأقل قُتلوا وأصيب 41 في إطلاق النار.
بعد دقائق من سماع إطلاق النار في كابول، أصدر المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، عبر "تويتر"، تعليمات لمقاتلي الحركة بوقف إطلاق النار في الهواء و"الاكتفاء بشكر الله"، مضيفاً: "هذه الطلقات أكثر عرضة للإضرار بالمدنيين، لذلك لا تطلقوا النار دون داعٍ".
جاءت تصريحات مجاهد بالتزامن مع أنباء تحدثت عن سيطرة طالبان على بنجشير، التي يتواصل القتال المتقطع فيها بين "طالبان" و"جبهة المقاومة الوطنية" منذ أسبوعين؛ حيث حشدت الحركة قواتها في الولاية ومحيطها، خلال الفترة الماضية.
حينها، نفى أمر الله صالح، أحد قادة "جبهة المقاومة الوطنية"، تمكن طالبان من السيطرة على بنجشير، مشدّداً على أنه "مازال في بنجشير، وإن الاشتباكات في الولاية مازالت على أشدها".
المخابرات الباكستانية
في السياق، قالت مصادر بالعاصمتين الباكستانية والأفغانية إن رئيس المخابرات الباكستانية، اللفتنانت جنرال فايز حميد، توجه إلى كابول جواً، السبت. ولم يتضح بعدُ جدول زيارته، لكن مسؤولاً كبيراً في باكستان قال الأسبوع الماضي، إن حميد، الذي يرأس وكالة (آي.إس.آي) المخابراتية، يمكن أن يساعد طالبان في إعادة تنظيم الجيش الأفغاني.
كانت واشنطن قد اتهمت باكستان، ووكالة المخابرات الباكستانية على وجه التحديد، بدعم طالبان في القتال الذي خاضته الحركة على مدى عقدين ضد الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في كابول، لكن إسلام آباد نفت هذه الاتهامات.
من جهتهم، أكد محللون أن دور باكستان في أفغانستان سيتعاظم بشكل كبير بعد سيطرة طالبان على كابول هذا الشهر. غير أن الحكومة الباكستانية تقول إن نفوذها على الحركة قد تضاءل.
فض مظاهرة نسائية
في سياق آخر، ذكرت قناة "طلوع" الإخبارية الخاصة أن مسلحي طالبان فضوا مظاهرة شاركت فيها نحو 12 امرأة، تدعو الحركة إلى احترام حقوق النساء في التعليم والوظائف.
وأظهرت لقطات مصورة نساء في أثناء مواجهة مسلحين، وهن يغطين أفواههن ويسعلن. وقالت متظاهرة إن المسلحين استخدموا الغازات المسيلة للدموع والصواعق الكهربائية ضد المشاركات اللائي كن يحملن لافتات وباقة من الزهور.
من جانبها، قالت المتظاهرة التي اكتفت بذكر اسمها الأول ثريا: "لقد ضربوا بعض النساء على رؤوسهن بخزانة البندقية، مما أسال دماءهن".
إعلان الحكومة الأسبوع المقبل
تأتي هذه التطورات في الوقت الذي أعلن فيه مصدر بحركة طالبان، أن الإعلان عن حكومة جديدة سيكون الأسبوع المقبل.
كانت مصادر في طالبان قد ذكرت في وقت سابق، أن عبد الغني برادر، وهو أحد مؤسسي الحركة، سيقود الحكومة الأفغانية الجديدة التي سيُعلن عنها قريباً.
في حين أكدت ثلاثة مصادر أن الملا محمد يعقوب، ابن مؤسس الحركة الراحل الملا عمر وشير محمد عباس ستانيكزاي، سيتوليان مناصب عليا.
في تلك الأثناء، ظهرت بوادر على عودة الحياة إلى طبيعتها في العاصمة الأفغانية.
مؤخراً، أعلنت الأمم المتحدة أنها ستعقد مؤتمراً دولياً للمساعدات في جنيف يوم 13 سبتمبر/أيلول؛ للمساعدة في درء ما وصفها الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش، بأنها "كارثة إنسانية وشيكة".
بينما تقول قوى غربية إنها مستعدة للتواصل مع طالبان، وإرسال مساعدات إنسانية، لكن الاعتراف الرسمي بالحكومة وتقديم مساعدات اقتصادية أوسع نطاقاً سيتوقفان على الأفعال وليس مجرد التعهد بالحفاظ على حقوق الإنسان.
فيما خيم الغموض على اقتصاد أفغانستان الفقيرة بسيطرة طالبان على مقاليد الأمور. وأغلقت بنوك كثيرةٌ أبوابها وأصبحت النقود شحيحة.
جدير بالذكر أن حركة طالبان سيطرت على أفغانستان، خلال 10 أيام، بموازاة مرحلة أخيرة من انسحاب عسكري أمريكي اكتمل نهاية أغسطس/آب الماضي.