في مشهد نادر الحدوث بأفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم وإحكام قبضتها على كامل البلاد تقريباً، خرجت عشرات النساء الأفغانيات إلى الشوارع في غرب البلاد يوم الخميس 2 سبتمبر/أيلول 2021 للاحتجاج على ما يقلن إنه قيود تفرضها طالبان على حقهن في العمل والسعي إلى التعليم.
يأتي ذلك بينما تضغط دول غربية على حركة طالبان لاحترام حقوق المرأة ومنحها كامل الحق في التعلم والعمل، وسط مزاعم غربية بتضييق الحركة على النساء الأفغانيات ومنعهن من العمل وإجبارهن على الالتزام بمنازلهن وعدم الخروج دون مرافق.
أفغانيات في مواجهة عناصر طالبان
قالت المشاركات في التظاهرة إنهن ضقن ذرعاً بما وصفنه بأنه وعود طالبان الفارغة بحماية حقوقهن، وتوجَّهن نحو مكتب حاكم مدينة هرات، أكبر المدن في غرب أفغانستان من حيث عدد السكان، للمطالبة بإشراك النساء في الحكومة المقبلة.
بينما أشار تقرير صحيفة The Washington Post الأمريكية هناك إلى أنهن واجهن عناصر من طالبان كانوا واقفين في حراسة المكان.
كُتب على إحدى اللافتات التي رُفعت في التظاهرة "لا توجد حكومة مستقرة بدون دعم المرأة لها"، وذلك في إشارة إلى المخاوف من أن الحكومة التي تعتزم طالبان تشكيلها لا يرجح أن تشمل مشاركة للنساء في مناصبها القيادية.
في مقاطع فيديو انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، هتفت النساء المشاركات في التظاهرة بحضور مقاتلي طالبان: "لا تخافي، لا تخافي، نحن معاً".
كانت الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى دعت طالبان إلى تشكيل حكومة تضم نساء في مناصبها وتحترم حقوق جميع المواطنين الأفغان.
تُعزى هذه المخاوف إلى المرة الأخيرة التي سيطرت فيها طالبان على أفغانستان، من عام 1996 إلى عام 2001، إذ فرضت الحركة وقتها تفسيراً يعتبره كثيرون متشدداً للشريعة الإسلامية، وأغلقت مدارس النساء وضربت النساء اللواتي أقدمن على الخروج إلى الشوارع دون مرافق.
الحركة تعهدت باحترام حقوق المرأة
لكن هذه المرة، تعهدت طالبان رسمياً باحترام حقوق المرأة "ضمن الأطر الحاكمة لدينا" والتي تحكم المجتمع الأفغاني عامةً. مع ذلك، فإن كثيرين داخل وخارج البلاد أبدوا التشكك في الحركة، مشيرين إلى سجلها السابق وما يعتبرونه أعمال عنف قائمة على النوع الاجتماعي ارتكبتها الحركة في فترة حكمها السابقة.
في السنوات الأخيرة، ذكر أشخاص عاشوا في المناطق التي كانت تسيطر عليها طالبان أن حكم الحركة شهد خليطاً من المواقف والمناهج، من الإصلاح المتشدد في بعض الأماكن إلى الإصلاح المعتدل في أماكن أخرى من أفغانستان.
في أحد المؤتمرات الصحفية الأولى لحركة طالبان منذ توليها السلطة مؤخراً، طلب أحد ممثلي الحركة من النساء البقاء في منازلهن في الوقت الحالي ريثما يصبح مقاتلو طالبان أكثر تأقلماً على حضورهن في الأماكن العامة.
ما الذي تخشاه الأفغانيات؟
من جانبها، قالت صابرة طاهري، التي تبلغ من العمر 31 عاماً وإحدى منظمات الاحتجاج: "إنني أمضيت الأسبوعين الماضيين في المنزل وأنا أبكي. ثم ضقت ذرعاً، كان علينا أن نضع حداً للصمت المفروض علينا".
تقول صابرة إنها سئمت مطالبة النساء في أفغانستان بالبقاء في المنزل وإبعادهن عن أعمالهن في الأسابيع التي تلت سيطرة طالبان، وإنها تولت هي وخمسة من صديقاتها توزيع الدعوات لحضور التظاهرة. ثم لم يتوقعن حضور عدد كبير من الناس.
كما أشارت إلى أنها كانت تشعر بالخوف الشديد مما يمكن أن يحدث؛ لدرجة أنها لم تنم في الليلة السابقة للاحتجاج، على حد قولها.
أضافت صابرة طاهري، التي لها نشاط أيضاً في مجال حقوق المرأة في هرات أفغانستان أنها كانت خائفة، لكنها أخبرت النساء أنها ستقف في الصف الأول. و"لم يتوقع مقاتلو طالبان رؤيتنا في الشارع. لقد فوجئوا ولم يعرفوا كيف يتعاملوا معنا".
فيما أشارت صابرة إلى أن مقاتلي الحركة طلبوا من المجموعة العودة إلى منازلهن لأنهن لم يحصلن على تصريح مسبق للاحتجاج. ومع ذلك فإن النساء بقين.