أفادت مصادر عسكرية ومدنية بأن الشرطة العسكرية الروسية بدأت، الأربعاء 1 سبتمبر/أيلول 2021، تنفيذ دوريات في مدينة درعا، آخر معقل للمعارضة المسلحة جنوب غرب سوريا، بموجب اتفاق دخل حيز التنفيذ وأوقف هجوماً من الجيش السوري بمساندة قوات تدعمها إيران على مهد انتفاضة عام 2011، وحصاراً قاسياً استمر أكثر من شهرين.
فمنذ نهاية يوليو/تموز، شهدت المدينة تصعيداً عسكرياً بين قوات النظام ومجموعات مسلحة محلية، بعد ثلاث سنوات من تسوية استثنائية رعتها روسيا. وتفاقمت الأوضاع الإنسانية مع حصار فرضته قوات النظام على درعا البلد، أي الأحياء الجنوبية للمدينة، حيث يقيم مقاتلون معارضون.
اتفاق جديد
الثلاثاء، أبرم قادة عسكريون روس الاتفاق لتجنب حرب عصابات دامية بعد أن نفذت الفرقة الرابعة في جيش النظام السوري أعنف قصف يشهده قلب مدينة درعا خلال شهرين من الحصار.
ورفعت القوات الروسية العلم الروسي والعلم السوري داخل درعا البلد، حيث خرجت أول احتجاجات سلمية ضد حكم أسرة الأسد في 2011 قبل أن تقمعها قوات الأمن وتعم الاضطرابات أنحاء البلاد وتتفجر حرب أهلية.
وكالة رويترز نقلت عن مفاوضين تأكيدهم أن جماعات المعارضة المسلحة في المنطقة بدأت بموجب الاتفاق تسليم الأسلحة الخفيفة بناء على تطمينات بأن الشرطة العسكرية الروسية هي التي ستنفذ الدوريات وتحرس نقاط التفتيش لمنع جماعات مسلحة مدعومة من إيران من الدخول بما يمنع حدوث عمليات انتقامية.
من جانبه، قال جيش النظام السوري إن الاتفاق أعاد أخيراً سيطرة "الدولة" على منطقة لم تنعم بالأمن منذ فترة طويلة. لكن بعض السكان عبروا عن قلقهم من الترتيب الجديد.
وقال عبد الله أبا زيد وهو من سكان درعا وقتلت زوجته وأطفاله الأربعة في ضربة جوية روسية في محافظة درعا في مرحلة سابقة من الحرب: "يوم حزين إنه نشوف علم المحتل الروسي والنظام المجرم في مهد الثورة اللي استشهد عشرات الآلاف من أجلها".
يشار إلى أنه في 2018، استعادت القوات الحكومية بمساعدة قوة جوية روسية وجماعات مسلحة مدعومة من إيران السيطرة على محافظة درعا بجنوب غرب البلاد والمحاذية للحدود مع الأردن وهضبة الجولان المحتلة.
بموجب اتفاق سابق توسطت فيه روسيا، سلمت المعارضة المسلحة التي يدعمها الغرب في درعا الأسلحة الثقيلة، لكن سُمح لها بمواصلة إدارة درعا البلد.
كما قطعت موسكو وعوداً لإسرائيل والولايات المتحدة في 2018 بأنها ستكبح جماح القوات المدعومة من إيران حتى لا توسع نفوذها في المنطقة الحدودية الحساسة.
وخلال محادثات أفضت إلى الاتفاق الذي أبرم الثلاثاء، قال مسؤولون في درعا البلد لضباط روس إن أي دخول لجماعات مسلحة حالفت الأسد خلال الحرب سيؤدي لعمليات انتقامية بدءاً من حملات الاعتقال إلى تنفيذ إعدامات خارج إطار القانون.
وعن الاتفاق الأخير، قال أبويوسف المسالمة وهو مفاوض من درعا البلد: "على الجيش الروسي أن يلتزم بتعهداته بمنع الميليشيات الإيرانية من التغول وقتل الناس وتهجيرهم".
من جانبها، نددت وزارة الخارجية الأمريكية، الأربعاء، بما وصفته بأنه "هجوم عديم الرحمة نفذه نظام الأسد على درعا وأدى إلى مقتل مدنيين ونزوح الآلاف".
وقال سكان ومسؤولون محليون إن أغلب سكان درعا البلد، وعددهم نحو 50 ألفاً، فروا بعد قصف استمر لأسابيع منع خلاله الجيش دخول الغذاء والدواء والوقود، لكنه فتح ممراً للمدنيين للمغادرة.
وتمكن الأسد من استعادة زمام الأمور في مواجهة المعارضة المسلحة وجماعات إسلامية تحالفت ضده في الحرب التي تدخلت فيها روسيا لصالحه في 2015، ومنذ ذلك الحين تمكن من استعادة السيطرة على نحو 70 بالمئة من البلاد.