كشف تحقيق أنجزه "مركز النزاهة العامة" (CPI)، وهو منظمة أمريكية غير ربحية متخصصة في الصحافة الاستقصائية، عن تورط هيئة البريد بالبلاد في تلاعبات بخصوص سجلات ساعات العمل الإضافية للموظفين، إضافة إلى تعمُّد حرمانهم من أجور مستحقة، وهو الأمر الذي وصفه التحقيق بأنه "احتيال منظم" على الموظفين، وذلك وفق ما ذكره موقع Business Insider الأمريكة، الثلاثاء 1 سبتمبر/أيلول 2021.
فعندما أغلقت الجائحة وتداعياتها كل شيء في البلاد، كانت هيئة "خدمات البريد" الأمريكية (USPS) حاضرة بطاقتها كاملةً؛ لتضمن حصول الناس في جميع أنحاء البلاد على السلع والمنتجات التي يحتاجونها. لكن هذا التقرير كشف أن موظفي البريد الذين قاموا على تسليم هذه البضائع لأصحابها يغشُّون في أجورهم التي يستحقونها، والأدهى أن لا أحد يحاسب المسؤولين عن ذلك.
دون حسيب
فقد استند التقرير إلى فحص لسجلات الاحتكام الخاصة ووثائق حصل عليها بموجب قانون حرية المعلومات، ليجد أن الوثائق الحكومية رصدت منذ عام 2005 نحو 1150 مخالفة تتعلق بتقاضي موظفي البريد رواتب أقل من مستحقاتهم، بإجمالي مبلغ 659 ألف دولار من الأجور غير الممنوحة لمستحقيها.
على الرغم من ذلك، فإن وزارة العمل سمحت لهيئة خدمات البريد بسداد أقل من نصف هذا المبلغ للموظفين، وفي نحو 19% من الحالات، لا توضح الوثائق ما إذا كان الموظفون حصلوا على رواتبهم أم لا.
جاء في التقرير أيضاً، أن "المشرفين الذين تبيَّن أنهم يحتالون على مستحقات الموظفين، نادراً ما يخضعون للتأديب، وغالباً ما يقتصر الأمر على تلقيهم تحذيراً أو توصيات بمزيد من التدريب. وفي أربع مدن، تُظهر وثائق الاحتكام أن مديري مكاتب البريد استمروا في التلاعب بسجلات ساعات العمل حتى بعد أن وعدوا قادة النقابات بالتوقف".
إضافة إلى ذلك، لم يقتصر الأمر على عدم حصول الموظفين على رواتبهم المستحقة، فقد كشفت السجلات عن السنوات من 2010 إلى 2019، أن ما لا يقل عن 250 مديراً في 60 مكتب بريد ضُبطوا وهم يغيرون بطاقات ساعات العمل الخاصة بالموظفين؛ لإظهار أنهم عملوا لساعات عمل أقل؛ ما أدى إلى حرمان هؤلاء الموظفين جزءاً من أجورهم المستحقة.
في المقابل، قالت شركات نقل البريد إن مديريها لطالما تعرضوا لضغوط لإبقاء تكاليف العمل الإضافي منخفضة، وحتى عندما يعملون هم أنفسهم لأكثر من ثماني ساعات في اليوم، فقد طُلب منهم في حالات عديدة، تجاوز ساعات العمل الرسمية ومواصلة العمل بلا أجر.
"المشكلة ما زالت قائمة"
كما كشفت الوثائق أيضاً أن هيئة خدمات البريد الأمريكية كانت على علم بهذه المشكلة منذ سنوات.
ففي خطاب أرسله المفتش العام للهيئة إلى نواب برلمانيين في عام 2009، قال المفتش إن المشكلة لاتزال قائمة. وفي عام 2019، وجد أنه على مدى 6 أشهر، حذف المديرون أكثر من 46 ألف ساعة عمل إضافية من الموظفين في مختلف أنحاء البلاد.
من جهة أخرى، أخبر بعض موظفي البريد مركزَ النزاهة العامة بأن المديرين يواصلون حذف ساعات عملهم الإضافية، لأن الزيادات السنوية في رواتبهم تعتمد على إبقاء بند الإنفاق الخاص بالعمل الإضافي منخفضاً.
يأتي هذا التحقيق في أعقاب تقارير أخرى تناولت الظروف الصعبة التي واجهها موظفو البريد بعد وقت قصير من تفشي الوباء.
وكان موقع Business Insider ذكر في تقريرٍ نُشر في أبريل/نيسان من العام الماضي، أن عدداً متزايداً من عمال البريد كُشف عن إصابتهم بفيروس كورونا في أثناء استمرارهم في عملهم بنقل البريد خلال الجائحة، وعزا التقرير ارتفاع عدد الإصابات إلى عدم كفاية الاختبارات والتقاعس عن اتباع توجيهات مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها.