قرر اجتماع لدول جوار ليبيا، مساء الثلاثاء 31 أغسطس/آب 2021، إرسال "وفد وزاري" إليها، للتواصل مع جميع الأطراف، بهدف إبداء التضامن مع الشعب الليبي، والتواصل مع جميع الأطراف الليبية من أجل تقييم مسار العملية السياسية الذي يسبق الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، دون تحديد موعد لتلك الزيارة المرتقبة.
جاء ذلك في بيان ختامي، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، استضافته الجزائر على مدار يومين، بمشاركة كل من الجزائر وليبيا والسودان ومصر وتونس وتشاد والنيجر والكونغو.
كما شارك فيه أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ويان كوبيش، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، وبانكول أديوي، مفوّض الاتحاد الإفريقي للشؤون السياسية والسلام والأمن.
فيما أوضح البيان أن الوزراء اتفقوا على "تنسيق جهودهم الجماعية إزاء كافة الأطراف الليبية لوضع حد للأزمة وفقاً للمسار الأممي".
الوزراء أدانوا، بحسب البيان، "استمرار توريد الأسلحة والمرتزقة إلى التشكيلات المسلحة، في انتهاك صارخ لحظر الأسلحة، الذي تفرضه الأمم المتحدة، وكذلك المحاولات المتعمّدة لبث الفرقة بين الليبيين لتقويض كافة الجهود الهادفة إلى حل الأزمة في ليبيا".
انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة
في حين دعوا إلى "انسحاب كافة القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة، وفقاً لقرار مجلس الأمن 2570، وعلى النحو المنصوص عليه في اتفاق وقف إطلاق النار الدائم، مع الحاجة إلى إشراك دول الجوار بشكل كامل في المحادثات أو المسارات التي يتم إطلاقها في هذا الصدد".
أيضاً شدّدوا على "ضرورة التنفيذ الفعلي للأولويات الرئيسية لخارطة الطريق المتفق عليها، من حيث إجراء الانتخابات في موعدها المقرر وفقاً لقرار مجلس الأمن 2570 ومخرجات مؤتمر برلين 2 وخارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي".
فيما حث الوزراء المؤسسات الليبية المختصة على "تمهيد الأرضية القانونية والدستورية لذلك، وانسحاب القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة، وتوحيد المؤسسة العسكرية، وإنجاز المصالحة الوطنية".
كما دعا الوزراء إلى "تفعيل الاتفاقية الرباعية بين ليبيا ودول الجوار لتأمين الحدود المشتركة"، مرحبين باقتراح مصر استضافة الاجتماع القادم لوزراء خارجية دول الجوار الليبي في موعد يتم الاتفاق عليه لاحقاً.
عقب اجتماع دول الجوار الليبي، قال وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، خلال مؤتمر صحفي مع نظيرته الليبية، إن "اللقاء كان ناجحاً، ونريده أن يكون مستمراً وثابتاً، لأن الأساس مصلحة ليبيا ونصرة شعبها".
لعمامرة أضاف: "من حق دول الجوار التركيز على انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة، والأطراف (لم يسمّها) التي أحضرتهم إلى ليبيا، يجب عليها أن تعيدهم من حيث أتوا".
من جهتها، ذكرت وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، أن "اجتماع الجزائر أكد أنه لا مناص من توحيد جهود دول الجوار، وهدفه تحقيق عدّة أهداف، أهمها أمن الحدود والأمن الغذائي والتنمية".
أما حول إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها، فأجابت المنقوش أن "الانتخابات موضوع الساعة، وحاولنا القيام بواجبنا.. فهل هي ممكنة؟، في ضوء المعطيات حالياً، هناك تحديات كثيرة، خصوصاً على صعيد الشقين الأمني والاقتصادي".
ملتقى توافقي
كان رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، قد كشف، خلال مقابلة أجراها مع موقع "عربي بوست"، عن عقد لقاء بين كل الأطراف السياسية المتنازعة خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لمحاولة إحداث توافق داخلي بعيداً عن التدخلات الخارجية، ومن خلال تقديم تنازلات من كل الأطراف.
مضيفاً: "نحن نعمل بجد وبقوة على هذا الأمر، وهو شغلنا الشاغل في الفترة الحالية، ونقوم الآن بتحديد المستهدفين للمشاركة في هذا الملتقى، وبدأنا التواصل معهم بالفعل، ونتمنى الوصول إلى تسوية سياسية".
في حين أوضح المشري أن "المجلس الأعلى للدولة ربما لا يتبنى هذا الملتقى التوافقي، حتى لا ينفر منه الآخرون الذين لديهم مواقف حادة من المجلس"، مؤكداً أن "المشاركة في هذه اللقاءات ستكون كبيرة، وبرعاية أكبر"، لكنه تحفظ على ذكر أسماء المشاركين، "حفاظاً على نجاح الملتقى"، على حد قوله.
يشار إلى أنه قبل شهور، شهدت ليبيا انفراجاً سياسياً، ففي 16 مارس/آذار الماضي، تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة وطنية ومجلساً رئاسياً، مهامها لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية.
جراء خلافات بين أعضائه، أخفق ملتقى الحوار السياسي الليبي في التوافق حول قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات، في ظل تعذر إجراء استفتاء شعبي على مسودة لدستور جديد للبلاد؛ نظراً لضيق الوقت ووجود صعوبات فنية.
بينما لا يزال حفتر يتصرف بمعزل عن الحكومة الشرعية، ويقود ميليشيا مسلحة تسيطر على مناطق عديدة، ويلقب نفسه بـ"القائد العام للجيش الوطني الليبي"، منازعاً المجلس الرئاسي في اختصاصاته.
جدير بالذكر أن البلد الغني بالنفط عانى لسنوات صراعاً مسلحاً، فبدعم من دول عربية وغربية ومرتزقة ومقاتلين أجانب، قاتلت ميليشيا حفتر، حكومة الوفاق الوطني السابقة، المعترف بها دولياً.