أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، خلال محادثات في البيت الأبيض، الجمعة 27 أغسطس/آب 2021، أنه يضع "الدبلوماسية أولاً"، في محاولة لكبح برنامج إيران النووي، لكن إن فشلت المفاوضات فإنه مستعد للجوء لخيارات أخرى، لم يحددها.
وبعد تأجيلٍ لاجتماع الخميس، في أعقاب هجوم كابول، التقى بايدن وبينيت الجمعة لإعادة تشكيل معالم العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وتقليص الخلافات الحادة بخصوص الملف الإيراني، رغم الخلافات بخصوص كيفية التعامل مع برنامج طهران النووي.
وعقدت التوترات العلاقات بين بنيامين نتنياهو، الذي كان مقرباً من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والإدارة الديمقراطية السابقة بقيادة الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي كان بايدن نائباً له آنذاك.
لكن الاجتماع، وهو الأول منذ تولي الرجلين منصبيهما هذا العام، طغى عليه هجوم الخميس خارج مطار كابول خلال عملية انسحاب أمريكية سببت أكبر أزمة لرئاسة بايدن.
وقال بايدن للصحفيين بعد المحادثات الثنائية مع بينيت "المهمة هناك… خطرة والآن جاءت بخسارة فادحة في الأرواح الأمريكية، لكنها تستحق العناء، وسنكمل المهمة"، فيما وُضعت القوات الأمريكية، التي تساعد في إجلاء الأفغان المستميتين على الفرار من حكم حركة طالبان الجديد، في حالة تأهب تحسباً لمزيد من الهجمات.
وفي تصريحات مقتضبة للصحفيين، عرّج الزعيمان على الملف الإيراني، أحد أكثر القضايا الشائكة بين إدارة بايدن وإسرائيل.
التهديد النووي الإيراني
من جانبه، قال بايدن إنه ناقش مع بينيت "التهديد الذي تُشكّله إيران، والتزامنا بضمان عدم تطوير إيران أبداً لسلاح نووي".
وأضاف: "نحن نضع الدبلوماسية أولاً، وسنرى إلى أين تقودنا، لكن إن أخفقت الدبلوماسية فنحن مستعدون للجوء لخيارات أخرى"، دون أن يتطرّق لتفاصيل محدَّدة عن تلك الخيارات.
وذكر بيان للبيت الأبيض صدر لاحقاً أن الزعيمين "راجعا أيضاً خطوات ردع واحتواء سلوك إيران الخطير في المنطقة".
كان من المتوقع قبل المحادثات أن يحث بينيت الرئيس الأمريكي على انتهاج أسلوب أكثر تشدداً مع إيران، والتراجع عن المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع قوى عالمية وانسحب منه ترامب.
والمفاوضات الأمريكية الإيرانية معلقة، في وقت تنتظر فيه واشنطن الخطوة المقبلة التي سيتخذها الرئيس الإيراني الجديد في هذا الصدد.
وقال بينيت لبايدن "سعدت بسماع تصريحاتك الواضحة عن أن إيران لن تتمكن أبداً من الحصول على سلاح نووي، أكدت على أنك ستجرب السبيل الدبلوماسي، لكن هناك خيارات أخرى إذا لم يفلح"، لكنه لم يذكر أيضاً طبيعة تلك الخيارات.
النأي عن نتنياهو
سعى بينيت لأن ينأى بنفسه عن أسلوب نتنياهو العدائي، وركز بدلاً من ذلك على إدارة الخلافات خلف الأبواب المغلقة بين واشنطن وأقرب حلفائها في الشرق الأوسط.
لكنه كان حازماً مثل نتنياهو في تعهده بفعل كل ما هو ضروري لمنع إيران، التي تعتبرها إسرائيل مصدر تهديد وجودي، من إنتاج سلاح نووي. وتنفي إيران دوماً أنها تسعى للحصول على قنبلة.
قال بينيت للصحفيين في البيت الأبيض إن إسرائيل طوَّرت "استراتيجية شاملة" لمنع إيران من الخروج عن السيطرة، فيما يتعلق بقدراتها النووية ووقف "عدوانها الإقليمي".
وأعطت الزيارة فرصة لبايدن لإظهار أن بوسعه القيام بمهامه كالمعتاد مع شريك رئيسي، في الوقت الذي يواجه فيه الوضع المتقلب في أفغانستان.
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
وعن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، بدا أن بايدن وبينيت لا يزالان على خلاف، حيث جدَّد بايدن الدعم لحل الدولتين، بعد أن نأى ترامب بنفسه عن هذا الموقف الذي كان حجر زاوية في السياسة الأمريكية لفترة طويلة، بينما يعارض بينيت قيام دولة فلسطينية.
وأتى بايدن على ذكر القضية بشكل مقتضب، لكن البيت الأبيض نقل عنه "تأكيده أهمية اتخاذ خطوات لتحسين مستوى معيشة الفلسطينيين"، ولم يأتِ بينيت على ذكر الفلسطينيين في تصريحاته.
والإجماع الحالي فيما بين مستشاري بايدن هو أن الوقت قد حان للضغط من أجل استئناف محادثات السلام المتوقفة منذ فترة طويلة، أو لتقديم إسرائيل لتنازلات كبرى، ما قد يُزعزع استقرار الائتلاف الحاكم متعدد الأطياف السياسية الذي يتزعمه بينيت.
لكن مستشاري بايدن لم يستبعدوا الطلب من بينيت القيام بمبادرات متواضعة للمساعدة في تجنب تكرار القتال الذي اندلع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، في وقت سابق من العام الجاري.
ولم يتطرَّق بيان البيت الأبيض إلى معارضة بايدن التوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة، لكنه قال إن الرئيس الأمريكي شدد "على أهمية الامتناع عن أي تصرفات قد تؤدي إلى تفاقم التوتر".
وقال البيت الأبيض إن الزعيمين بحثا أيضاً "الفرص الجديدة" لتوسيع علاقات إسرائيل بالعالم العربي، وذلك في أعقاب اتفاقيات التطبيع التي أبرمتها إسرائيل إبان عهد ترامب مع الإمارات، والبحرين، والمغرب، والسودان.