نقلت صحيفة The New York Times عن مصادر أمريكية وإسرائيلية، قولها إن تل أبيب لم تُخطر الولايات المتحدة بخططها لمهاجمة منشأة نطنز النووية الإيرانية في أبريل/نيسان الماضي، إلا قبلها بساعتين فقط، وذلك لأن الأمريكيين برأيهم سرَّبوا سابقاً معلومات عن بعض العمليات الإسرائيلية.
حيث اتصل مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، بنظيره الإسرائيلي، يوسي كوهين، في أعقاب هجوم نطنز، معرباً عن قلقه بشأن هذا الازدراء الإسرائيلي، بينما قال كوهين إن الإخطار قصير المدة كان بسبب القيود التشغيلية وعدم اليقين بشأن موعد حدوث الهجوم بالضبط، حسبما ذكرت الصحيفة الأمريكية يوم الخميس 26 أغسطس/آب.
هذه الخطوة الإسرائيلية عكست سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، بنيامين نتنياهو، المُتمثلة في إبقاء الرئيس الأمريكي، جو بايدن، غير مُطَّلِع على الإجراءات الإسرائيلية في إيران، والنابعة من عدم الثقة بالإدارة الحالية.
إشعار قصير المدى
فيما أكدت تقارير أن الإشعار قصير المدى لم يمنح وكالات الاستخبارات الأمريكية سوى قليل من الوقت للرد وتقديم رؤيتها. بعد وقوع الهجوم، لم تتبنَّ الولايات المتحدة أي دور فيه.
بذلك انتهكت إسرائيل، في عهد بايدن، تفاهماً غير مكتوب بين البلدين، إذ إن تل أبيب تتشاور مع الولايات المتحدة بشأن العمليات السرية؛ مما يمنح واشنطن مساحة لإبداء رأيها والاعتراض في بعض الأحيان، وفق مصادر بالبيت الأبيض.
جاء ذلك عكس ما فعلته إسرائيل إبان فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي عمِلت إدارته جنباً إلى جنب مع إسرائيل في مثل هذه العمليات، طبقاً لما أورده موقع Middle East Eye البريطاني، الجمعة 27 أغسطس/آب 2021.
"الإرهاب النووي"
من جهتهم، ذكر مسؤولون استخباراتيون إيرانيون وغربيون أن إسرائيل كانت وراء هجوم 11 أبريل/نيسان على المنشأة النووية، والذي وصفته طهران بأنه عمل يقع ضمن "الإرهاب النووي"، لكن إسرائيل لم تُعلِن رسمياً مسؤوليتها عن الهجوم.
كان هذا الهجوم قد وقع بعد أقل من أسبوع على بدء المحادثات غير المباشرة الأولى بين الدبلوماسيين الأمريكيين والإيرانيين لإعادة واشنطن إلى الاتفاق النووي لعام 2015.
في حين قالت مصادر إسرائيلية إنها أخفت معلومات عن نظرائها الأمريكيين، بسبب وجود تسريبات بشأن عمليات سابقة، وهي تهمة نفاها المسؤولون الأمريكيون.
كما أضافت مصادر إسرائيلية أخرى أن الولايات المتحدة لم تكن منتبهة إلى المخاوف الإسرائيلية بشأن إيران، وركزت أكثر من اللازم على إحياء الاتفاق النووي.
فقد سعى بايدن، منذ توليه منصبه، إلى العودة للاتفاق النووي الإيراني الذي انسحب منه ترامب. لكن إسرائيل تعارض بشدة، العودة إلى الاتفاق الذي رفع عقوبات واسعة النطاق على إيران مقابل تقليص طهران برنامجها النووي.
تخصيب اليورانيوم
في سياق ذي صلة، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الثلاثاء 17 أغسطس/آب، في تقرير، إن إيران عجَّلت بتخصيب اليورانيوم لمستوى قريب من الدرجة اللازمة لصنع سلاح نووي.
كانت إيران قد زادت نسبة نقاء تخصيب اليورانيوم إلى 60% من 20% في أبريل/نيسان، رداً على انفجار وانقطاع للكهرباء في موقع نطنز التابع لها؛ الأمر الذي أضر بالإنتاج في محطتها الرئيسية للتخصيب تحت الأرض هناك.
وتبلغ نسبة النقاء اللازمة لصنع سلاح نووي 90%.
كانت الوكالة التابعة للأمم المتحدة، ذكرت في مايو/أيار، أن إيران تستخدم مجموعة واحدة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتخصيب اليورانيوم حتى 60% في محطتها التجريبية للتخصيب بموقع فوق الأرض في نطنز. وأبلغت وكالة الطاقة الذرية الدولَ الأعضاء فيها مؤخراً، أن إيران تستخدم حالياً مجموعة ثانية لذلك الغرض أيضاً.
تعدّ هذه أحدث خطوة من خطوات عديدة تنتهك من خلالها إيران القيود المفروضة عليها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، والذي حدد 3.67% نسبة قصوى يمكن أن تصل إليها إيران فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم.
على أثر ذلك، حذَّرت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون من أن خطوات من هذا القبيل تهدد المحادثات الرامية إلى إحياء الاتفاق والمعلَّقة حالياً.