انطلقت أمس الأر بعاء، 25 أغسطس/آب 2021، رسمياً، حملة الانتخابات المغربية للاستحقاقات البرلمانية والجماعية، في سياق استثنائي تطبعه جائحة كورونا، التي غيرت من عادة الحملات.
وتتنافس عشرات الأحزاب السياسية في الانتخابات الحالية، للفوز بمقاعد برلمانية، وأيضاً عضوية في المجالس الجماعية المنتشرة في مدن ومناطق المغرب.
ولأول مرة سيعرف يوم 8 سبتمبر/أيلول 2021 انتخابات جامعة، سيصوت فيها المواطنون على ممثليهم داخل البرلمان، وأيضاً على المنتخبين في المجالس البلدية مرة واحدة.
تنافُس الأحزاب في الانتخابات المغربية
حسب الأرقام الرسمية يتنافس في الانتخابات المغربية نحو 32 حزباً على 395 مقعداً بمجلس النواب بالبرلمان (الغرفة الأولى)، وذلك بحسب اللائحة التي أعلنت عنها السلطات المغربية.
ويتوزع الناخبون في المغرب على فئتين، الأولى ستتنافس على 305 مقاعد، يتم انتخابهم على مستوى الدوائر المحلية، وهي مساحات جغرافية صغيرة، والفئة الثانية ستتنافس على 90 مقعداً موزعة على جهات المملكة الـ12.
ومن بين الأحزاب السياسية التي تتصدر المشهد الانتخابي في المغرب حزب العدالة والتنمية، الذي ترأس الحكومة لولايتين، ويقوده سعد الدين العثماني، ويتمتع بشعبية كبيرة، وحزب التجمع الوطني للأحرار الذي يترأسه الملياردير عزيز أخنوش.
أيضاً يوجد في المشهد الانتخابي كل من حزب الأصالة والمعاصرة الذي يقود الأغلبية، ويُراهن على الفوز بالانتخابات المقبلة، وفيدرالية اليسار، هذا المكون الحزبي الذي يُقدم برنامجاً انتخابياً قد يؤهله، حسب مراقبين، إلى تحقيق نتائج متقدمة مقارنة بالانتخابات الماضية.
بين المال والأعيان.. لمن الأغلبية؟
قبل 10 سنوات، وفي سنة 2011، اختار حزب العدالة والتنمية بقيادة عبد الإله بنكيران أن ينزل بثقله في الانتخابات التشريعية، وكان الفوز حليفه، إذ حصل على المرتبة الأولى، واستطاع قيادة الحكومة لولايتين متتاليتين، 2011 و2016.
واستطاع العدالة والتنمية أن يقفز بالمغرب على شرارة الربيع العربي، وقدم برنامجاً انتخابياً عنونه بـ"من أجل مغرب جديد- مغرب الحرية والكرامة والتنمية والعدالة"، واليوم يستعد للموعد رغم أنه لم يُدشن حملته الانتخابية بعد.
ويطمح حزب العدالة والتنمية المغربي، قائد الائتلاف الحكومي، لولاية ثالثة، وذلك في الانتخابات التشريعية التي ستُعقد في 8 سبتمبر/أيلول القادم، حيث ستقرر الانتخابات هذه من سيقود الحكومة لخمس سنوات مقبلة.
وفي الوقت الذي يُراهن فيه حزب العدالة والتنمية على قاعدته الشعبية التي وسّعها في العقد الأخير، يستعد حزب التجمع الوطني للأحرار للنزول بثقله في الانتخابات المقبلة، وذلك برهانه على أعيان المناطق والجهات، بالإضافة إلى أصحاب المال والأعمال.
ويختار حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يُشارك في الأغلبية الحالية، أن يستقطب أسماء وازنة في مختلف مناطق المغرب، خصوصاً في جهة سوس، حيث يستقر أغلب الأمازيغ، وهي المنطقة التي ينتمي إليها رئيس الحزب عزيز أخنوش.
ودشن عزيز أخنوش، الذي يتولى حقيبة وزارة الفلاحة في الحكومة الحالية انطلاقة حملته الانتخابية من مسقط رأسه وموطنه ونقطة قوته، مدينة أكادير، جنوبي المغرب، وذلك للبحث عن قاعدة انتخابية قوية.
أيضاً يشهد حزب "الاستقلال" (يساري معارض) ديناميكية كبيرة، حيث أعلن أمينه العام السابق، حميد شباط، استقالته ومغادرته الحزب. ربط البعض هذه الاستقالة بالخلافات الداخلية للحزب، بعدما رفض أمينه العام الحالي نزار بركة تزكية شباط لخوض الانتخابات الجماعية بدائرة مدينة فاس (شمال).
ويطمح الحزب الذي خرج للمعارضة منتصف ولاية الحكومة السابقة (2011 – 2016) لحصد أصوات عدد كبير من الناخبين.
قوانين انتخابية جديدة
ولأول مرة سيخوض المغرب الانتخابات البرلمانية بقوانين انتخابية جديدة تم التصويت عليها سابقاً، أهمها تعديل القاسم الانتخابي، وأيضاً تعديل العتبة.
ويعدّ القاسم الانتخابي منهجية لتوزيع المقاعد البرلمانية بناء على قاعدة معينة، إما باحتساب عدد الأصوات الصحيحة، وإما باحتساب عدد المصوّتين، أو باحتساب عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، ووفقه يُحدد عدد الأصوات التي تخوّل كل حزب الحصول على مقعد انتخابي.
ومن خلال القاسم الانتخابي تُحتسب الأصوات الصحيحة في كل دائرة انتخابية، ثم قسمتها على عدد المقاعد المخصصة لكل دائرة، ويكون الخارج الانتخابي هو عدد الأصوات اللازمة للحصول على مقعد نيابي، وذلك بعد خصم الأوراق الملغاة أو المتنازع عليها أو البيضاء أو غير القانونية.
وأصبح القاسم الانتخابي بعد التعديل ينُص على احتساب نسبة الأصوات الصحيحة في الانتخابات على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية بدلاً من المصوّتين.
حملة استثنائية
أعلنت وزارة الداخلية المغربية عن إجراءات استثنائية تزامناً مع الحملة الانتخابية، وذلك بسبب ارتفاع حالات الإصابة بكورونا، وأخذاً بعين الاعتبار التدابير الاحترازية المدرجة في إطار حالة الطوارئ الصحية.
ودعت وزارة الداخلية عبر الولاة والعمال المرشحين إلى عدم تجاوز عدد 25 شخصاً في التجمعات العمومية بالفضاءات المغلقة والمفتوحة، وعدم تنظيم تجمعات انتخابية بالفضاءات المفتوحة التي تعرف الاكتظاظ.
وفي السياق ذاته، منعت وزارة الداخلية عن المرشحين خلال الحملة الانتخابية نصب خيام بالفضاءات العمومية وتنظيم الولائم، وعدم تجاوز عدد 10 أشخاص كحد أقصى خلال الجولات الميدانية، و5 سيارات بالنسبة للقوافل مع ضرورة إشعار السلطة المحلية بتوقيت ومسار هذه الجولات والقوافل.