رفع أحمد مسعود، قائد المقاومة ضد حركة طالبان في منطقة وادي بنجشير شمال العاصمة الأفغانية كابول، من لهجة تصعيده تجاه الحركة، الأربعاء 25 أغسطس/آب 2021، عندما أكد أن "المقاومة لن تتوقف عن القتال"، وذلك على الرغم من أنه لم يستبعد الدخول في حوار مع السلطة الجديدة الحاكمة بالبلاد.
وأصبحت بنجشير الولايةَ الوحيدة التي لم تسيطر عليها حركة طالبان بعد، فهل تتحول المنطقة التي ظلت بعيدة عن سيطرة الحركة في حكمها الأول لأفغانستان إلى بؤرة مقاومة مرة تطيل أمد الحرب مرة أخرى؟
"لا مجال لوقف القتال"
حسب تصريح نقلته وكالة "أ.ف.ب" الفرنسية، الأربعاء، فإن مسعود قال لمجلة ""باري ماتش" الفرنسية، إنه "لا مجال لوقف القتال"، مشدداً على أن المقاومة في بنجشير "قد بدأت للتو".
أحمد مسعود، وهو نجل القائد أحمد شاه مسعود، أحد الشخصيات البارزة في المقاومة الأفغانية والذي تم اغتياله في عام 2001، نفى شائعات استسلام مقاتليه أمام طالبان بعد محاصرة وادي بنجشير، كما وصفها بأنها "دعاية" و"تضليل".
في الحوار نفسه، لم يستبعد مسعود الدخول في حوار مع الحكام الجدد للبلاد، واعتبر ذلك "أمراً وارداً في الحروب"، غير أنه شدد على أنه "لن يستسلم أبداً"، لأن "الاستسلام غير وارد بالنسبة لي ولجماعتي".
كما أضاف: "لا يمكنني أن أنسى الخطأ التاريخي لأولئك الذين كنت أطلب منهم أسلحة في كابول قبل ثمانية أيام، لقد رفضوا إمدادي بها، وهذه الأسلحة، هذه المدفعية والمروحيات والدبابات الأمريكية الصنع، باتت الآن بأيدي طالبان!".
وأردف كذلك قائلاً: "لن أقبل أبداً سلاماً مفروضاً، غايته الوحيدة هي تحقيق الاستقرار".
بنجشير.. وادي الأُسود
تقع ولاية بنجشير شمال شرقي العاصمة الأفغانية كابول وتبعد عنها نحو 150 كم، وللمنطقة -خاصةً واديها- قصة طويلة من القتال والصمود منذ الإمبراطورية البريطانية ثم القوات السوفييتية، وحتى طالبان لم تتمكن من السيطرة على المنطقة خلال حكم الحركة لأفغانستان قبل الغزو الأمريكي.
وخلال الأشهر القليلة الماضية تمكنت طالبان من فرض سيطرتها على أفغانستان بسرعة قياسية حتى دخولها العاصمة كابول، الأحد 15 أغسطس/آب وفرار الرئيس أشرف غني، ولم يتبقّ خارج سيطرة الحركة سوى بنجشير، التي يوجد فيها أمر الله صالح نائب الرئيس الهارب، وأحمد مسعود نجل أحمد شاه مسعود، الزعيم الأشهر للمقاومة الأفغانية ضد الاحتلال السوفييتي.
ولإقليم بنجشير تحديداً قصة وتاريخ يتباهى به الأفغان منذ مئات السنين، إذ تقع المنطقة شمال شرقي العاصمة كابول، بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية، وتبلغ مساحتها 3610 كيلومترات مربعة، وعدد سكانها 173 ألف نسمة، وغالبيتهم من قومية الطاجيك التي ينتمي إليها أحمد مسعود أيضاً.
يُعرف الإقليم باسم "بنجشير" وتعني خمسة أسود باللغة الفارسية، لكن العرب يطلقون عليها اختصاراً اسم بنشير. ويشار إليه باسم وادي بنشير، لأنه محاط بالجبال الشاهقة.
والاسم -حسب رواية الأفغان- مشتق من قصة تعود إلى القرن العاشر، حيث تمكن خمسة إخوة من وضع سد أمام مياه الفيضانات المتدفقة إلى الوادي في عهد السلطان محمود غزنة، فأطلق على الإخوة الخمسة لقب "الأسود الخمسة"، حسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC. ويتميز إقليم بنجشير بالجبال الشاهقة والأنهار العذبة والجمال الطبيعي الخلاب، وقد اكتسب الوادي مكانة مهمة لدى الأفغان.
طالبان تقترب منها
الإثنين 23 أغسطس/آب 2021، قال متحدث باسم حركة طالبان إن مقاتلي الحركة متمركزون بالقرب من وادي بنجشير، وإنها استعادت السيطرة على ثلاث مناطق في شمال أفغانستان كانت قد سقطت بأيدي ميليشيات محلية، الأسبوع الماضي، إلا أنه لم ترد تقارير مؤكدة عن قتال جديد.
وكانت ميليشيات محلية سيطرت على بنو وده صالح وبل حصار بإقليم بغلان في أولى بوادر وجود مقاومة مسلحة لحركة طالبان منذ سيطرتها على العاصمة كابول في 15 أغسطس/آب.
المتحدث ذبيح الله مجاهد قال على حسابه بموقع تويتر، إن قوات طالبان طهَّرت هذه المناطق بحلول الإثنين، وإنها متمركزة في بدخشان وطخار وأندراب بالقرب من وادي بنجشير.