الكشف عن مخطط إسرائيلي لـ”تدمير” القدس الشرقية.. هدفه الأساسي منع إقامة عاصمة للفلسطينيين

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/25 الساعة 07:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/08/25 الساعة 07:58 بتوقيت غرينتش
جانب من مدينة القدس المحتلة/ الأناضول

اتهم فلسطينيون سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالتخطيط لمنع إقامة عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية المحتلة، من خلال مخطط كبير يقول الفلسطينيون إنه يستهدف عملية تدمير ممنهجة للمدينة عبر مشروع "مركز المدينة" الذي تشرف عليه بلدية القدس.

كانت إسرائيل قد احتلت القدس الشرقية في العام 1967، وأعلنت أن المدينة بشقيها الشرقي والغربي عاصمة موحدة لها، بينما أكدت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد أنها لن تبرم أي اتفاق لحل الدولتين في عهدها وستوسع من عمليات التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية.

"تدمير" القدس الشرقية

تحاول البلدية الإسرائيلية في القدس المحتلة إضفاء صفة التطوير على مخطط كبير وسط القدس الشرقية، لكن الفلسطينيين يقولون إنه يستهدف عملية تدمير ممنهجة للمدينة ومنع إقامة عاصمة لدولتهم المأمولة، وفق ما ذكره تقرير لوكالة الأناضول، الأربعاء 25 أغسطس/آب 2021.

علم السكان عن المخطط الذي أطلقت عليه اللجنة اللوائية الإسرائيلية للتخطيط والبناء (تتبع البلدية) اسم "مركز المدينة"، من خلال لافتات تم وضعها على أعمدة الإنارة والجدران في المدينة.

يغطي المخطط منطقة تصل مساحتها إلى نحو 700 دونم (الدونم ألف متر مربع) تشمل المنطقة الحيوية المحيطة بالبلدة القديمة في مدينة القدس الشرقية.

إذ أعلنت اللجنة اللوائية الإسرائيلية عن المشروع نهاية عام 2020، ومنذ ذلك الحين عكف مختصون وخبراء فلسطينيون على دراسته حتى وصلوا إلى استنتاج بوجوب رفضه.

حددت اللجنة الإسرائيلية مطلع العام الجاري موعداً نهائياً للاعتراض عليه ثم جرى تمديد الموعد حتى نهاية يوليو/تموز الماضي.

لكن قبول المحكمة العليا -أعلى هيئة قضائية في إسرائيل- التماساً ضد عيوب بالترجمة من اللغة العبرية إلى العربية، رافقت نشر المخطط وطريقة إعلام المتضررين منه، أدى إلى تأجيل موعد الاعتراض إلى أجل غير مسمى.

مواجهات سابقة في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية/ رويترز
مواجهات سابقة في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية/ رويترز

الفلسطينيون يقاومون المخطط الإسرائيلي

أما الفلسطينيون فيقولون إن مخاطر هذا المخطط في القدس الشرقية قد تبرز من جديد في أي لحظة في حال سمحت المحكمة العليا الإسرائيلية بتقديم الاعتراضات عليه مجدداً.

يقول خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية (غير حكومية)، إن "مخطط ما يسمى مركز المدينة هو بمثابة عملية تدمير ممنهجة للقدس الشرقية".

يضيف التفكجي في حديثه للأناضول: "المخطط يستهدف منطقة تمثل عصب الحياة في القدس الشرقية، ففيها مؤسسات تعليمية ومراكز تجارية ومؤسسات ثقافية".

يشمل المخطط المنطقة الممتدة من باب العامود، أحد أشهر أبواب القدس القديمة، مروراً بشوارع السلطان سليمان وصلاح الدين والزهراء والمسعودي، وصولاً إلى حيي وادي الجوز والشيخ جراح.

لا يشمل المخطط إقامة أي أبنية استيطانية، ولكنه يقيد البناء الفلسطيني في المنطقة لسنوات طويلة قادمة في القدس الشرقية.

بينما قال الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين بالقدس، في تقرير مكتوب: "المخطط يشمل تعليمات مفصلة حول استعمالات الأراضي المختلفة بما في ذلك السكن، والمناطق المفتوحة، والشوارع، وفنادق وغيرها".

أضاف: "المخطط يشمل تغييراً في الاستعمالات المسموحة، وتحديد مساحات البناء القصوى، وتحديد عدد طوابق أقصى، وتحديد أبنية ومناطق للحفظ، ووضع شروط لإصدار تراخيص بناء ووضع خرائط تفصيلية، وشق وتوسيع شوارع، وتعليمات حول مناطق أثرية، ووضع تعليمات وشروط حول تراخيص البناء ووضع تعليمات بالنسبة لهدم مبانٍ".

تابع الائتلاف: "للمخطط، الذي وضع دون التشاور مع السكان في القدس الشرقية، أبعاد سلبية كثيرة وكبيرة في جميع مناحي الحياة السكنية والاجتماعية والاقتصادية، ولا يلبي احتياجات السكان في أي مجال من مجالات التطوير، وهو يخدم السياسات الإسرائيلية الاستراتيجية في المنطقة كقوة استعمارية".

منع إقامة عاصمة فلسطينية بالقدس

في هذا الصدد، يشير التفكجي إلى أن "السلطات الإسرائيلية قامت بوضع المخطط دون التشاور مع السكان رغم مزاعمها بأنه يهدف إلى رفاهيتهم".

يوضح أن "الهدف هو إبقاء ما هو قائم على ما هو عليه مع الحفاظ على عدد معين من السكان الفلسطينيين في المنطقة وربطها مع القدس الغربية". ويردف التفكجي: "الهدف النهائي للمخطط هو منع إقامة عاصمة للدولة الفلسطينية في مدينة القدس الشرقية".

يتضح من خلال دراسة أجراها خبراء الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين بالقدس إن "المخطط يحدد إمكانيات تطوير السكن في المنطقة بشكل كبير".

كما قالت: "المخطط لا يتيح أي تطوير معماري للمنطقة ولا يرقى إلى الحد الأدنى من التطوير، ولا يسمح بإضافات بناء للسكن، ونسبة البناء قليلة ويسمح بإضافة 76 وحدة سكنية فقط".

أضافت: "تقييد إمكانية إصدار تصاريح بناء بشروط كثيرة ومنها التعجيزية، مثال على ذلك ضرورة توفير مواقف للسيارات ضمن حدود الأرض وتراخيص مسبقة من سلطة الآثار".

تابعت الدراسة: "جميع الأبنية التي كانت قائمة قبل عام 1967 صنفت كمبانٍ تاريخية مع تقييدات كبيرة في عملية البناء والتراخيص والترميم (غالبية المباني في المنطقة)".

أهداف سياسية للحكومة الإسرائيلية

كما يتضمن المخطط منع البناء على مسافة 75 متراً من سور البلدة القديمة في القدس الشرقية. ويقول التفكجي: "الهدف هو السيطرة الكاملة على المنطقة المحيطة بالبلدة القديمة من خلال تقييد نسبة البناء ومنع البناء إلا في حالات قليلة".

بهذا الصدد يقول المحامي غياث ناصر، أحد المدافعين عن السكان ضد المخطط: "لقد تم تصميم المخطط لتجميد وضع المدينة ومنع البناء والتخطيط، والمطلوب هو إلغاء هذا المخطط بشكل كامل".

يضيف ناصر في حديثه للأناضول: "لم يتم التشاور مع السكان بشأن المخطط، ولم يتم إبلاغهم بتفاصيله كما هو مطلوب من أجل الاعتراض عليه".

يقول الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين بالقدس، إن أحد بنود المخطط ينص على أن "تصادر المناطق المخصصة للأغراض العامة من قبل اللجنة المحلية ويتم تسجيلها باسم السلطة".

يوضح: "هذا يشتمل على طرق، وحدائق، ومناطق ترفيهية أو رياضية، وآثار، ومواقف سيارات، وأرصفة، ومحطات قطار، ومحطات حافلات، وأسواق، ومسالخ، ومقابر، ومباني التعليم والدين والثقافة، والمؤسسات الجماهيرية والمستشفيات والعيادات والملاجئ العامة، ومراكز الشرطة والإطفاء، ومرافق الصرف الصحي، ومناطق للنفايات ومرافق الإمداد بالمياه، وأي أغراض عامة أخرى يوافق عليها وزير الداخلية".

كما يضيف أن "المساحات أعلاه قدرت من قبل مهندسين مختصين بما يقارب 50% من مساحة المخطط".

فيما يلفت إلى أن "التقييدات المفروضة في المخطط على إمكانيات تطوير الفلسطينيين في المنطقة وفي القدس الشرقية بشكل عام لتخدم أهدافاً سياسية إسرائيلية تتعارض مع كل الأطر القانونية سارية المفعول في المنطقة".

بينيت يعارض "حل الدولتين"

المخطط الإسرائيلي يأتي فيما قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، نهاية الأسبوع الماضي، إن حكومة بلاده، برئاسة نفتالي بينيت، "لن تبرم اتفاقاً لحل الدولتين".

نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست"، عن لابيد قوله: "ليس بالامكان إبرام اتفاق لحل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، خلال فترة رئاسة نفتالي بينيت للحكومة".

أضاف: "حل الدولتين لن يحدث ضمن هذا التناوب على الحكومة (..) لا يوجد اتفاق على ذلك". ورداً على سؤال بشأن تغيير الموقف حال توليه رئاسة الحكومة الإسرائيلية، قال لابيد: "من الممكن أن يحدث ذلك".

في يونيو/حزيران الماضي، تشكلت الحكومة الإسرائيلية الحالية على أساس التناوب بين نفتالي بينيت ويائير لابيد على رئاسة الوزراء. وبموجب الاتفاق يرأس بينيت الحكومة حتى سبتمبر/أيلول 2023، كما يتولى لابيد رئاستها حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2025.

إذ يعارض بينيت اليميني قيام دولة فلسطينية بشكل قاطع، في حين يؤيد لابيد الوسطي الانفصال عن الفلسطينيين، دون الموافقة على قيام دولة فلسطينية على حدود 1967.

من المقرر أن يلتقي بينيت الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض يوم الخميس المقبل، للتباحث بشأن الأوضاع الإقليمية في مقدمتها الملف الإيراني والشأن الفلسطيني.

فيما أعلنت الإدارة الأمريكية الحالية تأييدها لحل الدولتين ومعارضتها لأي إجراء من شأنه تقويض هذا الحل.

تحميل المزيد