يضع المغرب اللمسات الأخيرة على استعداده للانتخابات المقررة يوم 8 سبتمبر/أيلول 2021، التي تخيم عليها هذه المرة جائحة كورونا، التي فرضت متغيرات كثيرة على طريقة التدبير والإشراف على الحملات الانتخابية.
المسيرات الانتخابية والمهرجانات الخطابية واحدة من أوراق حزب العدالة والتنمية القوية، التي كانت تمنحه تفوقاً كبيراً على منافسيه، أصبحت في خبر كان، مما يضعف حظوظ الحزب الانتخابية.
حظر المهرجانات
علم "عربي بوست" من مصادر متطابقة أن وزارة الداخلية أبلغت حزب العدالة والتنمية أن المسيرات الانتخابية ممنوعة، كما هو الشأن بالنسبة للمهرجانات الانتخابية.
ووفق مصادر "عربي بوست"، فإن عدداً من مسؤولي الحزب طالبوا باستثناء فترة الحملة الانتخابية من ظروف التشديد التي تفرضها الحكومة، إلا أن طلبهم جوبه بالرفض.
وأكدت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن عدداً من قادة الحزب ومسؤوليه في المدن والمناطق طالبوا رئيس الحكومة، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، بممارسة صلاحياته لتخفيف القيود خلال الانتخابات، وذلك عبر السماح بإقامة المهرجانات الانتخابية والمسيرات، لكنه رفض بشدة هذا الأمر.
وتابعت المصادر ذاتها أن العثماني كان جوابه صارماً، إذ شدد على أن البلاد تعاني من تفشي جائحة كورونا، وبالتالي الحرص على سلامة الناس يحظى بالأولوية، ولا يمكن المجازفة بصحة الناس في هذا الوقت الصعب.
وكانت الحكومة قد مددت، أمس الاثنين 23 أغسطس/آب 2021، حالة الطوارئ الصحية في عموم البلاد شهرين إضافيين لمواجهة تفشي فيروس كورونا.
وقالت الحكومة، في بيان لها، إنه "تمت المصادقة على تمديد مدة سريان حالة الطوارئ الصحية بسائر البلاد حتى 10 سبتمبر/أيلول المقبل".
وفي 2 آب/أغسطس الجاري، فرضت حظراً جديداً، يقضي بعدم تجاوز العدد في التجمعات والأنشطة في الأماكن المغلقة والمفتوحة لأكثر من 25 شخصاً، مع إلزامية الحصول على ترخيص من السلطات المحلية في حالة تجاوز هذا العدد.
انتخابات بلا أسلحة
قرارات الحكومة المغربية بخصوص تقليص حضور التجمعات إلى 25 فرداً، وإن كان يعني جميع أشكال التجمع، فإن ضحيته الكبرى في الانتخابات هو حزب العدالة والتنمية.
فالمهرجانات الخطابية، بحسب مصادر حزبية، أهم سلاح يمتلكه حزب العدالة والتنمية، إذ كان يعتمد عليها بشكل أساسي، وكان الحزب ينجح في جمع آلاف المواطنين، ويقوم بتعبئتهم بخطابات مسؤوليه، ومن ثمَّ الاستفادة منهم كمتطوعين في حملته الانتخابية.
وليست المهرجانات وحدها، فالعدالة والتنمية يستعين كذلك بالمسيرات الانتخابية، فكانت واحداً من أكبر الأسلحة التي يتوفر عليها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات، إذ تحول في السنوات الأخيرة إلى الحزب الوحيد في الساحة الذي يملك القدرة على الحشد وعلى إظهار القوة التنظيمية.
وبالرغم من كون القانون صريحاً فإن بعض مسؤولي الحزب يبدون تخوفهم من انحياز بعض رجال السلطة إلى مرشحي أحزاب بعينها تنافس العدالة والتنمية.
واعتبر قيادي في حزب العدالة والتنمية أن المخاوف ليست في القوانين، لكن تجربتنا تقول بوجود انحياز لبعض رجال السلطة في تطبيق القانون، إذ يقومون بتطويع القانون خدمة لأحزاب ومرشحين محددين.
وسجل القيادي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، هذا الأمر ولاحظه المغاربة في اللقاءات الحزبية التي استبقت الانتخابات، إذ كانت الأحزاب تنشر صور أنشطتها التي أثارت الرأي العام بسبب مخالفة شروط السلامة الصحية في زمن كورونا.
ضعف مركَّب
هذه الشروط الموضوعية التي تجري فيها الانتخابات ينضاف إليها شرط آخر هو تعديل القاسم الانتخابي (أصبح قاسم الأصوات بحسب عدد المسجلين وليس على حسب المصوتين) في الانتخابات التشريعية، وإلغاء العتبة (الحد الأدنى للفوز) بالجماعات يزيد من إضعاف حظوظ حزب العدالة والتنمية في الفوز.
وتتزامن هذه الشروط مع حالة غير مسبوقة من فقدان الثقة داخل الحزب في قدرة القيادة الحالية (الأمانة العامة) على الحفاظ على النتائج التي حققها الحزب في الانتخابات السابقة، سواء البرلمانية في 2016، أو الجماعية في 2015.
وبحسب مصادر من داخل الحزب، فإن الأمين العام الحالي، سعد الدين العثماني، كشف في لقاء أخير مع قادة الحزب أن نسبة تراجع الحزب تتراوح بين 30 و40 مقعداً في مجلس النواب، حيث يملك الحزب اليوم 125 نائباً.
غير أن مسؤولين في العدالة والتنمية ينتظرون تراجعاً أكبر من توقعات رئيس الحزب والحكومة، إذ يعلنون أن الحزب مهدد بفقد "نصف" أعضاء فريقه النيابي.
ويذهب هؤلاء المسؤولون إلى أن عدم ترشح رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق للحزب، عبد الإله بنكيران، يشكل عنصر ضعف للحزب، وهو ما حاولت القيادة الحالية تفاديه عبر الموافقة على ترشيحه، كما أن عدداً من "وجوه" و"قادة" الحزب يحاولون الضغط عليه للمشاركة في الحملة الانتخابية دعماً لمرشحي الحزب.
إلى ذلك حقق حزب العدالة والتنمية اختراقات غير مسبوقة في المشهد السياسي المغربي خلال قيادة بنكيران، حيث لأول مرة في تاريخ المغرب الحديث ينال حزب سياسي شرف تشكيل الحكومة لولاية ثانية، كما أنه أول حزب يتجاوز عتبة 100 مقعد في مجلس النواب (الغرفة الأولى).
هذا ومن المقرر أن يجري المغرب انتخابات شاملة لأول مرة في تاريخه، حيث تجري الانتخابات الجماعية والتشريعية في يوم واحد، واستعداداً للانتخابات، شرعت الحكومة في إقامة تعديلات لتسهيل عملية التصويت.
وأعلنت مديرية الانتخابات بوزارة الداخلية أنها خصصت للتصويت ورقتين ﻭﻣﻌﺰلين (مكان يختلي فيه المصوت بنفسه لاختيار المرشحين) ﻭﺻﻨﺪﻭﻗين للتصويت.
الورقة الأولى ﺧﺎصة ﺑﺎﻧﺘﺨﺎﺏ أﻋﻀﺎﺀ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ، ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ بالألوان، وﺗﻌﺒَّﺄ ﻓﻲ ﻣﻌﺰﻝ ﺧﺎﺹ ﻻﻧﺘﺨﺎﺏ أﻋﻀﺎﺀ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﻭﺗﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺧﺎﺹ بانتخاب أعضاء مجلس النواب.
أما الورقة الثانية فهي ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻧﺘﺨﺎﺏ أﻋﻀﺎﺀ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭأﻋﻀﺎﺀ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ، ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﺑالأبيض ﻭالأﺳﻮﺩ، وﺗﻌﺒﺄ ﺑﻤﻌﺰﻝ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﻧﺘﺨﺎﺏ أﻋﻀﺎﺀ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺃﻋﻀﺎﺀ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ، ﻭﺗﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﻧﺘﺨﺎﺏ أﻋﻀﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺲ.