بريطانيا تلجأ للاستعانة بالسجناء لمواجهة أزمة نقص العمالة.. حققت رقماً قياسياً في الوظائف الشاغرة

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/22 الساعة 20:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/08/22 الساعة 20:36 بتوقيت غرينتش
بريطانيا خرجت رسمياً من الاتحاد الأوروبي/رويترز

في محاولة لتخفيف أزمة النقص الشديد في العمال، لجأ مصنعو المواد الغذائية والمطاعم في المملكة المتحدة إلى تشغيل السجناء من أجل المساهمة في مواجهة تلك الأزمة المتفاقمة في البلاد؛ وذلك طبقاً لما أوردته صحيفة The Times البريطانية، الأحد 22 أغسطس/آب 2021.

هذه الأزمة ضربت خلال الأسابيع الماضية قطاع الخدمات في بريطانيا على خلفية جائحة فيروس كورونا المستجد، وفي أعقاب خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي بسبب اتفاقية "بريكست".

حيث أدى نقص سائقي الشاحنات الثقيلة، وجامعي الفاكهة، وعمال المصانع، إلى معاناة بعض محلات السوبر ماركت في إبقاء الأرفف ممتلئة؛ فقد نفد بشدة كل شيء من الفاكهة والخضراوات إلى المياه المعبأة وزجاجات النبيذ والمخبوزات في أجزاء من البلاد.

من جهته، أرسل اتحاد التجزئة البريطاني ورابطة نقل البضائع في المملكة المتحدة رسالة، يوم الجمعة 20 أغسطس/آب، إلى كواسي كوارتنغ، وزير الأعمال، لتحذيره من أن النقص في حوالي 90 ألف سائق شاحنة ثقيلة "يضع ضغوطاً متزايدة على تجار التجزئة وسلاسل التوريد الخاصة بهم"، لافتاً إلى أن الوضع من المرجح أن يزداد سوءاً مع عودة الأطفال إلى المدارس، وعودة العمال إلى المكاتب في سبتمبر/أيلول 2021.

على إثر ذلك، تحاول بعض الشركات توظيف سجناء لملء الشواغر عبر نظام يسمح للسجناء بالقيام بعمل مدفوع الأجر من خلال برنامج ترخيص الإفراج المؤقت اليومي. وشارك السجناء في نحو 58752 يوم عمل مرتبط بالإفراج في الفترة بين أكتوبر/تشرين الأول 2020 ومارس/آذار 2021.

الأولوية لموردي الأغذية

كما ستحث جمعية موردي اللحوم المستقلين، في اجتماع هذا الأسبوع، مؤسسة HM Prison الحكومية على إعطاء الأولوية لموردي الأغذية عند تنفيذ برنامج ترخيص الإفراج المؤقت.

وHM Prison هي مؤسسة اجتماعية تم إنشاؤها لتقليل العودة إلى الإجرام من خلال تدريب السجناء على بعض الأعمال.

في حين أبلغ أحد السجون جمعية موردي اللحوم المستقلين بالفعل أنه لم يعد لديه المزيد من السجناء لتوفيرهم للجمعية، بعد زيادة الطلب من الشركات التي تعاني من نقص الموظفين.

يشار إلى أنه في يوليو/تموز 2021، كان هناك ما يقدر بنحو مليون وظيفة شاغرة- وهو رقم قياسي- حيث كافحت العديد من الشركات للعثور على عمال عندما أعيد فتحها بعد الإغلاق.

بدورهم، أرجع موردو ومعالجو المواد الغذائية، النقص في الموظفين في صناعة المواد الغذائية، إلى مزيج من عاملين، وهما خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وجائحة فيروس كورونا، مما يعني أن العديد من عمال الاتحاد الأوروبي غادروا البلاد في ربيع العام الماضي ولم يعودوا أبداً.

في السياق، ذكرت رابطة نقل البضائع Logistics UK في المملكة المتحدة أن 14000 من سائقي الشاحنات الثقيلة في الاتحاد الأوروبي تركوا العمل في المملكة المتحدة في العام المنتهي في يونيو/حزيران 2020، وعاد 600 منهم فقط.

ضربة شديدة

كذلك تعرضت مصانع الدواجن لضربة شديدة لدرجة أن فروع متاجر Nando's اضطرت للإغلاق الأسبوع الماضي، في حين أن بعض أصناف كنتاكي فرايد تشيكن KFC غير متوفرة. وحذر الموردون أيضاً من نقص الديك الرومي في عيد الميلاد.

جدير بالذكر أن متاجر Pret a Manger للساندويتشات وحانات Greene King ومصانع Bernard Matthews تقوم بالفعل بتوظيف السجناء، لكن العديد من شركات المواد الغذائية تحاول الآن أن تفعل الشيء نفسه.

تعقيباً على ذلك، أوضح نيك ألين، الرئيس التنفيذي لجمعية معالجي اللحوم البريطانية، أن الشركات لا تدخر جهداً للعثور على عمال، بما في ذلك الاتصال بالمؤسسات الخيرية للجنود السابقين والنساء وخدمة السجون، وكذلك الإعلان على وسائل التواصل الاجتماعي لجذب الشباب، مشيراً إلى أن الوضع يزداد سوءاً.

بينما أكد أحد أعضاء جمعية موردي اللحوم المستقلين أنه في حال المضي قدماً بهذا المعدل، سيكون عيد الميلاد المقبل "كارثة"، وفق وصفه.

إضافة المزيد من الوظائف

تجدر الإشارة إلى أن صناعة المواد الغذائية دعت الحكومة إلى إضافة المزيد من الوظائف إلى قائمة المهن التي تعاني من نقص ومخطط العمال الزراعيين الموسميين، وكلاهما سيسمح للشركات بتوظيف عمال في الخارج. وحذرت الشركات من أن أسعار المواد الغذائية سترتفع بشكل كبير إذا اضطرت الشركات إلى الدخول في حرب الاقتناص غير المشروع للموظفين.

كما لفت جيمس بيلي، الرئيس التنفيذي لاتحاد موزعي الجملة، إلى أنه يمكن لأي متسوق مميز أن يرى أن هناك بالفعل خيارات أقل متاحة على الرفوف. ولن يختفي هذا الأمر إلا بعد عيد الميلاد على أقرب تقدير ما لم تتدخل الحكومة البريطانية.

في هذا الإطار، دعت وزارة العمل والمعاشات التقاعدية أصحاب العمل من مجموعة من القطاعات، بما في ذلك الزراعة، لإنشاء مكاتب داخل مراكز العمل المحلية للتوظيف مباشرة وإجراء مقابلات في الموقع، مشدّدة على أن مساعدة السجناء في العثور على وظائف خلال فترة عقوبتهم وبعد الإفراج تقلل من احتمالية عودتهم للجرائم.

في حين أضافت الوزارة: "سندعم جميع الصناعات التي تعاني من نقص المهارات حيثما أمكن ذلك، ونعمل على إعادة مستويات ترخيص الإفراج المؤقت إلى ما كانت عليه ما قبل جائحة فيروس كورونا".

جيش من العاملين

يذكر أن قطاع المتاجر الكبرى في بريطانيا، والذي تقوده متاجر تيسكو وسيسنبريز وأسدا وموريسونز، يعتمد على جيش من السائقين وعمال المخازن لنقل المحاصيل الطازجة من حقول أوروبا إلى أرففها.

كان قطاع الإمداد من أكثر المنتقدين للبريكست قبل حدوثه؛ إذ حذر من أن سائقي الشاحنات سيعزفون عن المجيء إلى بريطانيا إذا زادت عمليات التفتيش والاحتكاك على الحدود.

سبق أن حذّرت قيادات في قطاع النقل البريطاني، يوم السبت 26 يونيو/حزيران 2021، من أن البلاد قد تشهد نقصاً في المنتجات على أرفف المتاجر الكبرى، وانهياراً لا يمكن تصوره لسلاسل الإمداد، وذلك بعد خروج أكثر من مئة ألف من سائقي الشاحنات من دائرة العمل ببريطانيا عقب البريكست.

كان قطاع النقل قد وجّه خطاباً إلى رئيس الوزراء بوريس جونسون، يوم 23 يونيو/حزيران، داعياً إياه إلى التدخل شخصياً للسماح بدخول العمالة الأوروبية عن طريق إصدار تأشيرات عمل مؤقتة لسائقي شاحنات البضائع الكبيرة وإضافتهم إلى "قائمة لسد النقص الوظيفي".

تحميل المزيد