قال دبلوماسيون ومحللون أجانب إنه رغم الصدام الأيديولوجي بين طالبان والحملة السعودية الإماراتية على التشدد، فإن الرياض وأبوظبي ستقومان بمقاربة لمواقفهما مع الحقائق على الأرض إثر استعادة طالبان السريعة والمفاجئة للحكم في أفغانستان تزامناً مع انسحاب القوات التي تقودها الولايات المتحدة.
إذ كانت السعودية والإمارات من بين دول قليلة اعترفت بحكم طالبان الأصولي في أفغانستان بين 1996 و2001، وبات من المرجح الآن أن موقف الدولتين من عودة الحركة سينطلق من منظور براغماتي رغم المخاوف من أن تصبح عودة الحركة لحكم أفغانستان خطوة مشجعة للمتشددين الإسلاميين في الخارج.
قطع العلاقات
كانت القوتان الخليجيتان قطعتا العلاقات مع طالبان في سبتمبر/أيلول 2001، بسبب "إيواء الإرهابيين" بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول بطائرات خطفها متشددون من تنظيم القاعدة، معظمهم سعوديون، على مركز التجارة العالمي في نيويورك ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بواشنطن. أسفرت الهجمات عن مقتل الآلاف.
لكن الرياض كانت قد جمدت بالفعل علاقاتها مع طالبان في 1998؛ لرفضها تسليم زعيم القاعدة آنذاك أسامة بن لادن، الذي لمع نجمه في محاربة الاحتلال السوفييتي لأفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي، وجردته السعودية من الجنسية، بسبب هجمات في المملكة وأنشطة استهدفت العائلة المالكة.
في حين قال دبلوماسي أجنبي بالرياض طلب، مثل آخرين غيره، عدم نشر اسمه: "يرتبط السعوديون بعلاقات تاريخية مع أفغانستان، وسيتعين عليهم في نهاية الأمر قبول طالبان (مرة أخرى)… لا يملكون خياراً آخر".
كذلك ومن غير المعروف ما إذا كانت المقاربة البراغماتية ستصل إلى حد إعادة العلاقات الدبلوماسية. ولم ترد السلطات السعودية أو الإماراتية على طلبات رويترز للتعليق بخصوص أفغانستان وطالبان.
استيلاء طالبان على السلطة
كان رد فعل الرياض وأبوظبي إزاء استيلاء طالبان على السلطة مقصوراً على إعلان احترام اختيار الشعب الأفغاني ودعوة الحركة إلى توطيد الأمن وتعزيز الاستقرار، بعد تمرد طويل على الحكم المدعوم من الولايات المتحدة.
في حين قال دبلوماسي مقيم بقطر: "يتسم البلدان بالبراغماتية وقد أثبتا قدرتهما على التعامل مع مختلف الأنظمة في أنحاء العالم".
من ناحية أخرى فقد حاولت السعودية والإمارات تسهيل محادثات سلام أفغانية بعد سقوط طالبان قبل 20 عاماً، لكنهما لم تشاركا في المفاوضات الرئيسية التي استضافتها قطر وفشلت في التوصل إلى تسوية سياسية.
كذلك قال الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، أحد أفراد الأسرة الحاكمة في قطر ورئيس وزرائها السابق، إنه سيتعين على الدول التعامل مباشرة مع طالبان.
حيث كتب بن جاسم على تويتر، يوم الأربعاء: "على العالم أن يحترم الوضع الحالي في أفغانستان وألا يتخذ إجراءات للتضييق عليهم، إذ على المجتمع الدولي أن يعطيهم الأمل بأنه سيقبلهم ويتعاون معهم مقابل التزامهم بالأعراف الدولية".
إلى ذلك قال دبلوماسيان في قطر التي يوجد بها مكتب لتمثيل طالبان، إنه من المرجح أن تحذو دول الخليج حذو الحليف الأمني الكبير الولايات المتحدة. ولم توضح واشنطن ما إذا كانت ستعترف بحكم طالبان.
مخاوف إماراتية
من ناحية أخرى قال ثلاثة دبلوماسيين أجانب في أبوظبي، إن الإمارات أعربت سراً عن مخاوفها من أن تتحول أفغانستان مرة أخرى تحت حكم طالبان إلى ملاذ آمن وتربة خصبة للتطرف.
من جانبه قال يوسف الشريف في صحيفة "البيان" الإماراتية: "يمكن للجماعات الإرهابية أن تتمركز في (أفغانستان) إذا لم تستطع القوى الدولية التفاوض مع طالبان لبناء نظام حكومي داخل أفغانستان بسرعة".
أضاف: "على المجتمع الدولي احتواء الأمر بالشكل الصحيح، وأخذ العبرة من التجربة الأمريكية".
جدير بالذكر أنه منذ سيطرتها على أفغانستان، تسعى طالبان لتقديم نفسها في صورة أكثر ميلاً للمصالحة والتسامح، قائلة إنها لن تسمح باستخدام البلاد لشن هجمات على دول أخرى وإنها ستحترم حقوق المرأة في إطار الشريعة الإسلامية.