أعلن أمر الله صالح، النائب الأول للرئيس الأفغاني، الثلاثاء 17 أغسطس/آب 2021، أنه لا يزال موجوداً داخل أفغانستان، وأنه "الرئيس الشرعي المؤقت" للبلاد بعد فرار الرئيس أشرف غني إلى الخارج مع سيطرة مقاتلي حركة طالبان على العاصمة كابول، داعياً للانضمام لـ"المقاومة ضد طالبان".
صالح استند في ذلك على ما وصفه بالنص الصريح في دستور جمهورية أفغانستان الإسلامية؛ ففي حالة غياب الرئيس أو هروبه أو وفاته يكون النائب الأول للرئيس هو القائم بأعمال الرئيس، مضيفاً: "أنا داخل الدولة الآن، وأنا مسؤول دستورياً وشرعياً عن هذا المنصب"، منوهاً إلى أنه يتشاور مع جميع من وصفهم بـ"قادة البلاد" من أجل تعزيز هذا الموقف.
كان صالح قد قال، في اجتماع أمني برئاسة غني خلال الأسبوع الماضي، إنه فخور بالقوات المسلحة، وإن الحكومة ستبذل قصارى جهدها لتعزيز المقاومة ضد طالبان، مشدّداً على أنه لن ينحني أمام "طالبان".
لكن البلاد باتت اليوم في أيدي طالبان في غضون أيام بعد أن تنبأت المخابرات الأمريكية بأن سقوطها سيستغرق شهوراً.
فيما أكد صالح، في عدة تعليقات على حسابه بموقع "تويتر"، أن من "غير المجدي" الدخول في جدال مع الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي قرر سحب القوات الأمريكية، داعياً الشعب الأفغاني إلى إظهار أن أفغانستان "ليست فيتنام، وأن الطلاب (طالبان) ليسوا حتى مثل الفيتكونغ (حركة مقاومة مسلحة فيتنامية)"، مشيراً إلى قوات المقاومة التي حررت فيتنام الجنوبية.
في حين نشر النائب الأول للرئيس الأفغاني مقطع فيديو لأفغان يحاولون باستماتة التعلق بطائرة حربية أمريكية وهي توشك على الإقلاع، ما أعاد إلى الأذهان صورة التقطت في عام 1975 لأشخاص يحاولون التعلق بطائرة هليكوبتر فوق أحد الأسطح في مدينة سايغون الفيتنامية خلال الانسحاب من فيتنام.
"الانضمام للمقاومة ضد طالبان"
كما أشار صالح، الذي لا يُعرف مكانه، إلى أنه على خلاف مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وقال: "لم نفقد عزمنا، ونرى فرصاً ضخمة أمامنا. انتهت التحفظات التي لا طائل منها، هيا انضموا للمقاومة".
صالح شدّد على أنه لن "يرضخ أبداً تحت أي ظروف لإرهابيي طالبان"، مؤكداً أنه "لن يخون أبداً" أحمد شاه مسعود قائد التحالف الشمالي الذي اغتاله اثنان من مقاتلي القاعدة قبل هجمات 11 سبتمبر/أيلول على الولايات المتحدة بقليل.
واستطرد قائلاً في مقطع فيديو: "لن أكون جزءاً من الخزي والعار الذي تكبدته القوات الأجنبية"، مناشداً جميع القادة دعم توليه منصبه الجديد.
هروب أشرف غني
يشار إلى أن وزير الدفاع الأفغاني، الجنرال بسم الله خان محمدي كان قد شنّ، الأحد 15 أغسطس/آب 2021، هجوماً حاداً على غني، مؤكداً أنه كبّل أيديهم في حين لاذ هو بالفرار خارج البلاد، وقال: "اللعنة على غني وعصابته".
حيث أكد الوزير الأفغاني، في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر" أن غني، وكبار المسؤولين الأفغان، قيّدوا أيديهم وراء ظهورهم، و"باعوا الوطن، ثم غادروا البلاد".
كذلك، وصف عبدالله عبدالله، أكبر مسؤول أفغاني معني بعملية السلام، غني بـ"الرئيس السابق"، مُحمِّلاً إياه المسؤولية الرئيسية عما آلت إليه الأوضاع في البلاد، ومشدّداً على أن "الشعب سيحكم على الرئيس السابق وسيحاسبه الله".
كانت مصادر محلية قد أفادت، الأحد الماضي، بمغادرة الرئيس الأفغاني البلاد، ونقلت وكالة رويترز عما وصفته بالمسؤول الكبير بوزارة الداخلية الأفغانية أن غني غادر إلى طاجيكستان.
في حين قال مكتب الرئيس الأفغاني لوكالة رويترز إنهم لا يمكنهم الإفصاح عن أي شيء بخصوص تحركات غني لأسباب أمنية.
سيطرة طالبان
كانت "طالبان" قد أعلنت، الأحد 15 أغسطس/آب الجاري، سيطرتها على العاصمة كابول، وعواصم ولايات لغمان وميدان وردك وباميان وخوست وكابيسا وننغرهار ودايكندي في البلاد.
بذلك، باتت 31 عاصمة (مركز) ولاية أفغانية من أصل 34 في قبضة "طالبان"، بعد سيطرتها الأحد على عواصم 7 ولايات.
يُذكر أن "طالبان" كانت قد تمكنت قبل أقل من 3 أسابيع على سحب الولايات المتحدة آخر قواتها، من السيطرة على جزء كبير من شمال أفغانستان وغربها وجنوبها.
نتيجة لذلك، استولت "طالبان" على كل أفغانستان تقريباً فيما يزيد قليلاً على أسبوع، رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" على مدى ما يقرب من 20 عاماً، لبناء قوات الأمن الأفغانية.
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد صرّح، قبل أيام، بأنه غير نادم على قراره مواصلة الانسحاب، منوهاً إلى أن واشنطن أنفقت أكثر من تريليون دولار وفقدت آلاف الجنود خلال 20 عاماً، ودعا الجيش والزعماء الأفغان إلى التصدي للتحدي.
يشار إلى أنه منذ مايو/أيار الماضي، تصاعد العنف في أفغانستان، مع اتساع رقعة نفوذ "طالبان"، تزامناً مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/آب الجاري.
فيما تعاني أفغانستان حرباً منذ عام 2001، حين أطاح تحالف عسكري دولي تقوده واشنطن بحكم طالبان؛ لارتباطها آنذاك بتنظيم "القاعدة" الذي تبنى هجمات 11 سبتمبر/أيلول من العام نفسه في الولايات المتحدة.