دعا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، الثلاثاء 17 أغسطس/آب 2021، الأفغان إلى تحقيق "مصالحة سلمية"، وذَكَّرَهم بالآية القرآنية: "أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً" (جزء من الآية 32 في سورة المائدة).
بعد يومين من سيطرتها على العاصمة الأفغانية كابول الأحد 15 أغسطس/آب، أعلنت حركة "طالبان"، الثلاثاء، العفو العام عن موظفي الدولة، ودعت النساء إلى المشاركة بحكومتها المرتقبة، وتعهدت بألا تكون الأراضي الأفغانية منطلقاً للإضرار بأي دولة أخرى.
وصية من القرآن الكريم
أضاف "خان"، في بيان: "حان الوقت للتذكير بهذا الوصية والأمر من القرآن الكريم، وأدعو الله أن تنزل الضرورة الكامنة وراء هذه الآية والعديد من التعاليم الإسلامية الأخرى على قلوب جميع الأفراد".
تابع أنه "في هذا الوقت من التغيير وعدم اليقين في أفغانستان، يمكن أن يقود ضبط النفس وتحقيق العدالة إلى المصالحة السلمية".
كما أردف خان: "أتابع عن كثب التطورات الحالية في أفغانستان، ويساورني قلق بالغ إزاء التقارير الأخيرة عن تصاعد العنف في البلاد".
زاد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بأن "أفغانستان عانت من عدم الاستقرار وانعدام الأمن لفترة طويلة للغاية. وأشجع كل الجهود التي قد تمنع المزيد من الخسائر في الأرواح البشرية ومعاناة الشعب الأفغاني المستمرة".
كما دعا "جميع الأطراف إلى الاحترام الكامل لالتزاماتها، بموجب القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك ضمان حماية المدنيين، وأنا مستعد وأرغب في العمل مع جميع الأطراف لتحقيق هذه الغاية".
تطمينات من حركة طالبان
من جهتها، أعلنت حركة طالبان الأفغانية، الثلاثاء، أنها تريد علاقات سلمية مع الدول الأخرى، وأنها ستحترم حقوق النساء في حدود مبادئ الشريعة الإسلامية، في أول مؤتمر صحفي رسمي منذ الاستيلاء الخاطف على كابول.
جاءت تصريحات طالبان، التي تفتقر إلى التفاصيل لكن تشير إلى موقف أكثر ليونة مما كان عليه الوضع خلال حكمها قبل 20 سنة، بينما استأنفت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون إجلاء الدبلوماسيين والمدنيين بعد يوم من مشاهد فوضى في مطار كابول عندما كان مئات الأفغان يتلهفون على الفرار.
قال أبرز المتحدثين باسم الحركة ذبيح الله مجاهد الذي عقد المؤتمر: "لا نريد أي أعداء داخليين أو خارجيين"، وأضاف مجاهد أنه سيُسمح للنساء بالعمل والدراسة وسيكن "نشِطات للغاية في المجتمع لكن في حدود مبادئ الشريعة الإسلامية".
بينما تسارع بإجلاء الدبلوماسيين والمدنيين من أفغانستان، تجري القوى الأجنبية تقييماً لكيفية التعامل مع الوضع المتغير على الأرض بعد أن تبخرت القوات الأفغانية في أيام بجانب ما تنبأ به كثيرون من ضياع مرجح لحقوق النساء.
قالت ليندا توماس-جرينفيلد السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة لمحطة إم.إس.إن.بي.سي الثلاثاء: "إذا أرادت (طالبان) أن تنال أي قدر من الاحترام وأن تحظى بأي اعتراف من المجتمع الدولي، فعليها أن تدرك تماماً حقيقة أننا سنراقب كيفية معاملة الحركة للنساء والفتيات.. والمجتمع المدني على نطاق أوسع أثناء محاولتها تشكيل الحكومة".
مخاوف الأمم المتحدة
بحسب بيان للأمم المتحدة، سيعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية جلسة خاصة في جنيف الأسبوع المقبل لبحث "المخاوف الشديدة بشأن حقوق الإنسان" بعد سيطرة طالبان على البلاد.
قال رامز ألاكبروف، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في أفغانستان، في مقابلة مع رويترز، إن حركة طالبان أكدت للأمم المتحدة أنها تستطيع مواصلة عملها الإنساني في أفغانستان التي تعاني من الجفاف.
منذ مايو/أيار الماضي، بدأت "طالبان" توسيع رقعة نفوذها في أفغانستان، تزامناً مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية، المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/آب الجاري.
سيطرت الحركة، خلال أقل من 10 أيام، على أفغانستان كلها تقريباً، رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة الامريكية وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، خلال نحو 20 عاماً، لبناء قوات الأمن الأفغانية.