تُواصل حركة طالبان تقدمها السريع في أفغانستان، فيما قال مسؤولون محليون السبت 14 أغسطس/آب 2021، إن العاصمة كابول على بعد أيام من هجوم قد ينتهي بسيطرة الحركة عليها تماماً، كما حصل في ثاني وثالث أكبر مدن البلاد خلال الأيام القليلة الماضية، وسط انهيار سريع للقوات الحكومية.
التطورات على الأرض تبِعها قلق أمريكي كبير، إذ تعمل واشنطن على تقليص عدد رعاياها للحد الأدنى في العاصمة، فيما كشفت مصادر أنها أمرت بتدمير "وثائق حساسة" بالسفارة، تمهيداً لإخلائها تماماً إن لزم الأمر.
قلق في كابول
بحسب مصادر محلية لرويترز، فإن حركة طالبان تقترب يوماً بعد يوم من كابول، بعد أن سيطرت الجمعة على مدينة بولي علم، الواقعة على بعد 50 كيلومتراً فقط جنوب كابول، وباتت تسيطر على حوالي نصف عواصم الولايات الأفغانية، التي سقطت جميعها في أقل من 8 أيام.
فيما نقلت شبكة CNN الأمريكية عن مصدر دبلوماسي قوله إن أحد التقييمات الاستخباراتية يشير إلى أن كابول قد يتم عزلها من قبل طالبان في غضون أسبوع، وربما في غضون الـ72 ساعة القادمة.
ورغم بيان لوزارة الدفاع الأمريكية، الجمعة، قالت فيه إن كابول لا تواجه على ما يبدو "خطراً وشيكاً" رغم التقدم السريع الذي حققه مقاتلو طالبان في أفغانستان، فإن إجراءاتها على أرض الواقع تشير إلى غير ذلك.
فقد أعلنت واشنطن خططاً لإرسال ثلاثة آلاف جندي إضافيين للمساعدة في إجلاء موظفي السفارة الأمريكية، وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن معظم الجنود سيكونون في كابول بحلول نهاية الأسبوع، وأكدت بريطانيا أيضاً بدء عملية عسكرية لدعم إجلاء رعاياها.
كما أخطرت السفارة الأمريكية في كابول موظفيها في مذكرة اطلعت عليها رويترز، بأنها وفّرت صناديق حرق للقضاء على المواد، ومنها الأوراق والأجهزة الإلكترونية، بهدف "تقليل حجم المواد الحساسة بالمنشأة".
صحيفة بوليتيكو نقلت من جانبها عن مصادر، أن البنتاغون بدأ وضع الخطط لسحب كامل البعثة الأمريكية من أفغانستان.
حيث قالت المصادر إن القيادة الوسطى الأمريكية تعتبر إخلاء السفارة في كابول أمراً حتمياً.
تقدم سريع وكارثة إنسانية
وخلال اليومين الماضيين سيطرت طالبان على مدينتي قندهار وهرات، بعد أيام من إنهاء الولايات المتحدة القسم الأكبر من انسحابها العسكري من أفغانستان.
مثلت خسارة قندهار ضربة قوية للحكومة، وتعد قندهار المركز الاقتصادي للبلاد والمعقل القديم لحركة طالبان، حين ظهرت عام 1994 وسط فوضى الحرب الأهلية، وسيطرت على معظم البلاد من عام 1996 إلى عام 2001.
وشكّل استيلاء طالبان على قندهار في الجنوب، وهرات في الغرب إثر اشتباكات على مدى أيام، ضربةً مدمرة للحكومة، في الوقت الذي يتحول فيه تقدم طالبان إلى هزيمة منكرة لقوات الأمن.
وقال مسؤولون أمنيون إن طالبان سيطرت أيضاً على بلدتي لشكركاه في الجنوب، وقلعة ناو في الشمال الغربي. وقال مسؤولون إن فيروز كوه، عاصمة إقليم غور بوسط البلاد، استسلمت دون قتال.
وسيطرت الجماعة على 14 من عواصم الأقاليم الأفغانية، البالغ عددها 34 منذ السادس من أغسطس/آب.
من جانبه، قال مسؤول في الأمم المتحدة، إن نحو 400 ألف مدني اضطروا لترك منازلهم منذ بداية العام، منهم 250 ألفاً منذ مايو/أيار.
وأقامت أسر في خيام في حديقة بكابول بلا مأوى، بعد أن هربوا من العنف في مناطق أخرى من البلاد.
وقال تومسون فيري من برنامج الأغذية العالمي في إفادة للأمم المتحدة "الموقف يحمل كل السمات المميزة لكارثة إنسانية".
يشار إلى أنه منذ مايو/أيار الماضي، تصاعد العنف في أفغانستان، مع اتساع رقعة نفوذ "طالبان"، تزامناً مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/آب الجاري.
فيما تعاني أفغانستان حرباً منذ عام 2001، حين أطاح تحالف عسكري دولي تقوده واشنطن بحكم طالبان؛ لارتباطها آنذاك بتنظيم "القاعدة"، الذي تبنى هجمات 11 سبتمبر/أيلول من العام نفسه في الولايات المتحدة.