قالت صحيفة Guardian البريطانية، الخميس 12 أغسطس/آب 2021، نقلاً عن دراسة أمريكية، إن الأطفال الذين ولدوا خلال أزمة كورونا لديهم أداء معرفي ولفظي وحركي وإدراكي أقل مقارنة بالأطفال العاديين.
وأضافت الصحيفة أن سبب هذا هو حالة الإغلاق التي شهدها العالم بسبب الفيروس، إذ تغيرت حياة الأطفال الذي عزلوا عن دور الحضانة وعن الحياة الاجتماعية بالإضافة إلى حالة التوتر والقلق التي عاشتها العائلات التي أصبحت مضطرة للعمل على تحقيق التوازن بين العمل من المنزل ورعاية الأطفال.
كل هذه العوامل قللت من فرص تفاعل الأطفال مع العالم الخارجي، وسجل أطفال في ظل الوباء درجات منخفضة في اختبارات لتقييم التطور المعرفي، وفقاً للدراسة التي أشرف عليها الأستاذ المختص بشؤون الأطفال بجامعة براون بولاية رود آيلاند شون ديوني.
الدراسة التي شملت 672 طفلاً من ولاية رود آيلاند قالت إن متوسط درجة الذكاء في الاختبارات للأطفال الدراسة التي الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة أشهر وثلاث سنوات يقارب المئة، ولكن بالنسبة للأطفال الذين ولدوا أثناء الوباء، انخفض هذا الرقم إلى 78.
عواقب كارثية لكورونا على صحة الأطفال
يشار إلى أن هذه الدراسة ليست الوحيدة، فلطالما اهتم متخصصون في المجال بتأثير جائحة كورونا على صحة الأطفال الجسمية والعقلية، إذ أفادت دراسة سابقة بأن قضاء الأطفال مزيداً من الوقت داخل المنازل وأمام الشاشات بسبب قيود كورونا قد يكون مرتبطاً بزيادة معدلات قصر النظر بينهم، وقد اعتمدت هذه الدراسة على فحص مجموعتين من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة وثمانية أعوام، وذلك وفق ما أورده تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 3 أغسطس/آب 2021.
فيما تعد هذه الدراسة هي الأحدث من نوعها التي تشير إلى أن الإغلاق والقيود الأخرى قد يكون لها أثر سلبي على البصر؛ إذ تشير بيانات أكثر من 120 ألف طفل من الفئة العمرية نفسها في الصين، نُشرت مطلع هذا العام، إلى تضاعف انتشار حالات قصر النظر ثلاث مرات عام 2020.
تجارب علمية أثبتت ذلك
يقول الدكتور جيسون يام من الجامعة الصينية في هونغ كونغ، وأحد المشاركين في الدراسة الجديدة، إن "الأنشطة القريبة" -مثل القراءة أو الكتابة أو مشاهدة التلفاز- يُعتقد أنها أحد عوامل خطر الإصابة بقصر النظر، في حين أن زيادة مدة البقاء في الخارج بصفة منتظمة لها دور وقائي.
لكن كثيرين اضطروا للمكوث في منازلهم بسبب قيود كوفيد، ومساحات المعيشة الصغيرة، وندرة المساحات الخارجية الخاصة التي لم تترك أمام العديد من العائلات خياراً سوى البقاء في المنزل. يقول يام: "من الطبيعي أن يقضي الناس مزيداً من الوقت في القراءة أو مشاهدة التلفزيون أو استخدام أجهزة الحاسوب أو الهواتف الذكية أو الأجهزة الرقمية الأخرى".
كما كتب يام وزملاؤه في المجلة البريطانية لطب العيون، كيف استعانوا بمجموعة من أطفال المدارس عام 2015، ومجموعة أخرى بين 1 ديسمبر/كانون الأول عام 2019 و24 يناير/كانون الثاني عام 2020، حين بدأت الجائحة، وتابعوا المجموعة الأولى بعد ثلاث سنوات، والثانية بعد ثمانية أشهر.
وأجرى الفريق فحوصات لبصر هؤلاء الأطفال، وسألوهم عن مقدار الوقت الذي يقضونه في الخارج وأمام الشاشات وأداء أنشطة أخرى قريبة.
إذ كشفت النتائج، لـ709 أطفال في مجموعة فترة كوفيد و1084 في مجموعة ما قبل كوفيد، أن قصر النظر كان أكثر شيوعاً بين أطفال المجموعة الثانية، حيث أصيب واحد من كل ثلاثة أطفال بقصر النظر على مدى السنوات الثلاث، مقارنة بإصابة حوالي واحد من كل خمسة أطفال من مجموعة فترة كوفيد على مدار ثمانية أشهر.
تغيرات سلوكية أيضاً
مع ذلك، بعد الأخذ في الاعتبار مدة المتابعة لكل مجموعة، وجد الفريق أن معدل الإصابة السنوي بقصر النظر بين أطفال مجموعة فترة كوفيد بلغ 30%، مقارنةً بأقل من 12% في مجموعة عصر ما قبل كوفيد؛ مما يشير إلى تضاعف حالات قصر النظر مرتين ونصف المرة أثناء الجائحة.
إلى جانب ذلك، كشفت الدراسة أيضاً عن تغييرات جذرية في المدة الزمنية التي يقضيها الأطفال في الخارج خلال الفترة بين تسجيل أطفال مجموعة كوفيد في الدراسة ومتابعتهم، حيث انخفضت من حوالي 75 دقيقة يومياً إلى 24 دقيقة بعد فرض قيود كوفيد. وخلال الفترة نفسها، ازداد الوقت الذي يقضيه هؤلاء الأطفال في الأنشطة القريبة، التي من بينها استخدام الشاشات، أقل من 3 ساعات ونصف الساعة في اليوم إلى حوالي 8 ساعات في اليوم.
كما قال يام: "أظهرت دراستنا أن تراجع المدة الزمنية التي يقضيها الأطفال في الخارج وزيادة الوقت الذي يقضونه في الأنشطة القريبة، ومنها الجلوس أمام الشاشات، مرتبط بتقدم أسرع في الإصابة بقصر النظر، والذي قد يبدو حالة غير خطيرة ولكنها في الواقع قد تؤدي إلى إصابة الشخص بمضاعفات متعددة في البصر وزيادة مخاطر فقدان البصر بالكامل في مرحلة متقدمة من العمر".