تتسارع وتيرة الأحداث الميدانية في أفغانستان، وتتزايد معها التحركات على أعلى المستويات للتعامل مع الوضع الجديد، الذي تفرضه حركة طالبان في البلاد، بعد انسحاب القوات الأمريكية، وانهيار الولايات واحدة تلو الأخرى كأحجار الدومينو، وتقع تحت قبضة طالبان، مثيرة القلق لدى المجتمع الدولي.
فمع صبيحة يوم الجمعة 13 آب/أغسطس 2021، كانت الحركة قد تمكنت من السيطرة على ثاني أكبر مدن أفغانستان، وهي قندهار، في أكبر انتكاسة تتعرض لها الحكومة المدعومة من أمريكا، ما يجعل السيطرة على بقية المدن وأهمها العاصمة كابل مسألة وقت، أقصر من المتوقع.
إرسال قوات أمريكية وبريطانية لإنقاذ الرعايا
هذا الأمر دفع كلاً من الولايات المتحدة وبريطانيا إلى إرسال تعزيزات إلى كابول للمساعدة في إجلاء دبلوماسييها وجنودها ومواطنيها بالإضافة إلى آلاف الأفغان الذين عملوا معهم، مع تقدم طالبان نحو العاصمة.
فمن جانبها أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أنها سترسل ثلاث كتائب، حوالي 3000 جندي، إلى مطار كابول الدولي في غضون 24 إلى 48 ساعة من الإعلان يوم الخميس.
أما بريطانيا فقد أعلنت أنها سترسل 600 جندي إلى أفغانستان، بهدف تأمين إجلاء ما يصل إلى 200 دبلوماسي وجندي بريطاني، لكن لم يتم إعطاء أرقام دقيقة. كما تتوقع بريطانيا إجلاء ما يصل إلى 4000 أفغاني أيضاً.
فيما قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس، الجمعة، إن بريطانيا قد تعود إلى أفغانستان إذا بدأت في إيواء تنظيم القاعدة على نحو يهدد الغرب.
رداً على سؤال بشأن إرسال بريطانيا قوات مجدداً إلى أفغانستان، قال والاس لإذاعة "إل.بي.سي": "سأترك كافة الخيارات مطروحة. إذا كان لدي رسالة إلى حركة طالبان من المرة السابقة فسوف تكون 'إذا بدأتم في استضافة القاعدة ومهاجمة الغرب أو بلدان أخرى، فسوف نعود'".
بينما تعمل حكومات غربية من بينها ألمانيا وكندا على تسريع خطط إجلاء موظفي سفاراتها، وسط مخاوف من تقدم طالبان المستمر في جميع أنحاء البلاد.
هذا التحرك العاجل من حكومات العالم يؤكد اعتقادها بأن سقوط العاصمة كابول هو حدث وشيك.
مفاوضات مع طالبان بالدوحة
بينما واصلت حركة طالبان توسعها وسيطرتها على أقاليم جديدة في أفغانستان، كان الدبلوماسيون يجتمعون في الدوحة لمواصلة البحث عن حلول لفرض وقف إطلاق النار، وسط تبادل للاتهامات بين الحركة من جهة والحكومة الأفغانية من جهة أخرى.
إذ قال المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية في كابول إنه قدم خطة سلام جديدة، دون الخوض في أي تفاصيل.
فيما كشف مصدر في فريق مفاوضي الحكومة الأفغانية لوكالة الأنباء الفرنسية، الخميس 12 أغسطس/آب، أن المفاوضين المجتمعين في قطر عرضوا على حركة طالبان اتفاقاً لتقاسُم السلطة مقابل وقف العنف الذي يجتاح البلاد.
قال المصدر للوكالة الفرنسية، طالباً عدم الكشف عن هويته: "نعم، قدمت الحكومة عرضاً عبر الوسيط القطري. الاقتراح يسمح لطالبان بتقاسم السلطة مقابل وقف العنف في البلاد".
كما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الخميس، بأن المبعوث الأمريكي الخاص لدى أفغانستان زلماي خليل زاد يحاول إقناع قادة حركة طالبان بضرورة بقاء السفارة الأمريكية في كابل مفتوحة وآمنة.
حركة طالبان تواصل توسعها
يأتي ذلك، بينما سيطرت حركة "طالبان"، الجمعة، على مركز ولايات "هلمند" (جنوب) و"غور" و"بادغيس" غربي أفغانستان، ليرتفع بذلك عدد مراكز الولايات التي تسيطر عليها إلى 15، وفق ما ذكرته وكالة الأناضول.
ذكر رئيس مجلس شورى ولاية بادغيس، عبدالعزيز بيك، في تصريح صحفي، أن طالبان وسعت هجومها على مدينة "قلعة نو" (مركز الولاية) صباح الخميس.
أضاف أن الحركة سيطرت على المدينة صباح الجمعة، عقب انسحاب القوات الحكومية إلى معسكر قريب. وأوضح أن طالبان سيطرت على كامل المدينة باستثناء معسكر واحد.
بدورها، ذكرت البرلمانية الأفغانية عن ولاية غور، فاطمة كوهيستاني، أن حركة طالبان وسعت هجومها على مدينة فیروز کوه (مركز الولاية) مساء الخميس.
أضافت أن الحركة سيطرت على المدينة صباح الجمعة، عقب انسحاب القوات الحكومية دون اشتباك. كما سيطرت طالبان على مدينة "لشكركاه" التي تحظى بأهمية استراتيجية باعتبارها أكبر مدن أفغانستان.
ذكر النائب عن ولاية هلمند، ميرفيس خدم، أن طالبان سيطرت على مدينة لشكركاه (عاصمة الولاية) عقب هجوم استمر 20 يوماً. وأضاف أن القوات الحكومية اضطرت للانسحاب من المدينة ليلة أمس.