سادت حالة من الصدمة والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، الأربعاء 11 أغسطس/آب 2021، بعد انتشار فيديو صادم وثق قتل شاب قام مواطنون غاضبون في ولاية "تيزي وزو" بإحراقه، بعدما اشتبهوا في قيامه بافتعال الحرائق المندلعة في عدة مناطق بالبلاد منذ يوم الإثنين.
الفيديوهات التي تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت قيام بعض الأشخاص بإخراج الشاب من سيارة شرطة والاعتداء عليه بالضرب حتى لفظ أنفاسه، ثم قاموا بإحراق جثته وسط المدينة، فيما أثارت هذه الحادثة غضباً واستياء واسعين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ طالب رواده بترك الموضوع للعدالة والتحقيق، خاصة أنه لم يثبت تورط الضحية في حوادث الحرائق.
صدمة على مواقع التواصل
وما زاد صدمة الجزائريين عندما كشف أصدقاء للشاب الذي قتل أنه توجه إلى منطقة الحرائق للتطوع والمساعدة، حيث ذكر مجموعة من الشباب أن الضحية فنان وينحدر من منطقة خميس مليانة وجمع أموالاً من أجل الذهاب إلى تيزي وزو للتطوع والمساهمة في إطفاء الحرائق.
فيما طالب مواطنون السلطات المختصة بفتح تحقيق في الحادثة، وتطبيق القانون على المتسببين في حرق الشاب.
فيما أدان العديد من النشطاء على مواقع التواصل الحادثة، مطالبين المواطنين بعدم اللجوء إلى الانتقام، وترك العدالة تتكفل وتحقق مع المتسببين في إضرام الحرائق.
المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان باكوري عميروش أدان الحادثة قائلاً: "أدين بشدة الجريمة البشعة التي حدثت اليوم في تيزي وزو، هذا الفعل هدفه كسر التضامن الوطني العظيم الذي شاهدناه في الـ48 ساعة الأخير".
فيما كتب البروفيسور رضوان بوجمعة، على حسابه بموقع فيسبوك: "مواجهة الهمجية بهمجية أخرى هي إعادة إنتاج للهمجية، الانتقام هو نقيض العدالة".
فيما قال المغرد الجزائري إدريس: "باسم كل القبائل الأحرار نتبرأ بهذا العمل الشنيع والوحشي الذي ذهب ضحيته شاب بريء رحمة الله عليك يا جمال بن سماعيل وصبر الله أهلك".
أما الصحفي عبدالمنجي خلادي فكتب على تويتر: "صدمة غير متوقعة، القتيل الذي تم حرقه اليوم من طرف "مجموعة" بمدينة تيزي وزو اسمه #جمال_بن_سماعيل ثلاثيني حامل لشهادة جامعية، معروف في منطقة خميس مليانة له، عائلة تقطن بمدينة تيزي وزو، الضحية لا علاقة له بكل ما حدث، حسب شهادة أبناء بلدية سيدي داود وأبناء مدينة مليانة. يجب ضبط النفس".
حرائق ضخمة تلتهم الجزائر
ويأتي هذا في وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع الجزائرية ارتفاع حصيلة ضحايا حرائق الغابات إلى 65 ضحية، بينهم 28 عسكرياً و37 مدنياً أغلبهم بولاية تيزي وزو شرق البلاد.
وسائل إعلام محلية قالت، نقلاً عن بيان لوزارة الدفاع الجزائرية، إن حوالي 12 عسكرياً يتواجدون في حالة حرجة بالمستشفى.
يما أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني عن ارتفاع عدد حرائق الغابات إلى 99 حريقاً عبر 16 ولاية.
واتسعت الحرائق المندلعة منذ الإثنين في الجزائر لتشمل جنوب وشمال تونس، إضافة إلى واحات في جنوب المغرب، مخلفة عشرات الضحايا بين مدنيين وعسكريين في الجزائر، وخسائر كبيرة في تونس والمغرب.
إذ قالت الحكومة الجزائرية، الثلاثاء، إن حرائق الغابات المستعرة بالبلاد أودت بحياة 42 شخصاً بينهم 25 جندياً تم نشرهم للمساعدة في إخمادها، في حين غطت سحب الدخان الكثيف معظم جبال منطقة القبائل شرقي العاصمة.
اندلعت عشرات الحرائق في الجزائر في أنحاء مناطق الغابات بشمال البلاد منذ مساء الإثنين 9 أغسطس/آب، وقال وزير الداخلية كامل بلجود إن الحرائق متعمدة، دون أن يذكر تفاصيل.
تحذيرات من كارثة بيئية
في الأسبوع الماضي، قال مرصد الغلاف الجوي التابع للاتحاد الأوروبي إن البحر المتوسط أصبح بؤرة لحرائق الغابات، مع انتشار الحرائق في تركيا واليونان على نحو فاقمته موجة الطقس الحارة.
وقال سكان بمنطقة القبائل إن الجنود ضحايا الحرائق لفظوا أنفاسهم في مناطق مختلفة، بعضهم أثناء محاولته إخماد ألسنة اللهب، والبعض الآخر بعد أن حاصرته النيران.
فيما لا تزال فرق الإطفاء تحاول احتواء الحرائق مع رجال الجيش. وقال بلجود إن الأولوية هي تجنب سقوط المزيد من الضحايا، وتعهّد بتعويض المتضررين.