أدخل الجزائر في معركة قانونية وأبوظبي ماطلت في تسليمه.. تفاصيل إعادة عبدالمومن ولد قدور من الإمارات

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/10 الساعة 10:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/08/10 الساعة 10:49 بتوقيت غرينتش
عبد المومن ولد قدور، المدير التنفيذي الأسبق لأكبر شركة نفطية في الجزائر (سوناطراك)

بتسلّم الجزائر المدير التنفيذي الأسبق لأكبر شركة نفطية في البلاد (سوناطراك) عبد المومن ولد قدور من أبوظبي، ينتهي فصل آخر من فصول العلاقات المتوترة بين الجزائر والإمارات. 

ورغم أن عملية التفاوض حول التسليم استمرت لأسابيع طويلة، وكانت مهددة بالفشل في أي لحظة بسبب العلاقات المتوترة بين البلدين منذ الإطاحة بالرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، شهر مارس/آذار 2019، فإن العملية تمت في النهاية. 

ووفق مصادر "عربي بوست" فإن الجزائر لم تترك لأبوظبي أي ثغرة قانونية تتيح لها عدم تسليم عبدالمومن ولد قدور، أحد أبرز رجالات بوتفليقة المطلوبين لديها. 

وكشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست"، أن الجزائر أرسلت إلى الإمارات وفداً قضائياً على أعلى مستوى بعد توقيف ولد قدور في مطار دبي، وفقاً لمذكرة توقيف دولية، كان قد أصدرها القضاء الجزائري في حقه سنة 2020. 

وحسب المصدر ذاته، فإن الوفد الجزائري حمل ملفاً مليئاً بالأدلة والقرائن التي لا تستطيع أبوظبي أمامها سوى تسليم ولد قدور، كما استند الطرف الجزائري في طلبه إلى مذكرات التعاون القضائي، والإطارات، والإنابة القضائية، وتنفيذ الأحكام والتسليم التي صادق عليها البلدان سنة 2003. 

يرى المحلل السياسي مولود صياد أن "الإمارات لم يكن أمامها خيار سوى تسليم ولد قدور، رغم أنها حاولت أن تُماطل وتتحجج بأنه دخل إلى أراضيها بجواز فرنسي وليس جزائرياً، لكن إصرار الطرف الجزائري وخوضه معركة قانونية انتهى بتسليم أحد أهم المطلوبين في قضايا فساد بالبلاد، منذ اندلاع الحراك الشعبي". 

وأضاف صياد لـ"عربي بوست" أن "الإمارات لم تعد ترغب في توسيع الهوة بينها وبين الجزائر أكثر مما هي عليه الآن، لذلك آثرت تسليم ولد قدور، لاسيما أن ملف الجزائر كان كاملاً ولا يمكن رفضه". 

من هو ولد قدور 

لم يكن ولد قدور مسؤولاً سامياً معروفاً في الجزائر حتى سنة 2006، يوم أعلن جهاز الأمن والاستعلام (المخابرات) إلقاء القبض عليه بتهمة التخابر مع دولة أجنبية (الولايات المتحدة)، وتحويله إلى محكمة عسكرية قضت بسجنه 30 شهراً. 

وجاء في حيثيات الحكم وقتها أن ولد قدور الذي كان مسؤولاً في شركة BRC، وهي شركة للهندسة والبناء مختلطة جزائرية/أمريكية، سلم مخططات هندسية سرية لجهات أمريكية. 

وتوارى ولد قدور عن الأنظار بعد خروجه من السجن، وقالت صحيفة النهار التي كانت مقربة من بوتفليقة، إن ولد قدور دفع ثمن قربه من وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، الذي كان هو الآخر أحد المقربين من بوتفليقة في الصراع المحموم الذي كان دائراً بين جهاز المخابرات والرئاسة. 

وبعد تحييد الرئاسة لجهاز المخابرات ورئيسه القوي الجنرال توفيق سنة 2015، أعاد بوتفليقة الاعتبار لولد قدور، وعينه مديراً لأكبر شركة نفطية في البلاد وإفريقيا شهر مارس/آذار 2017. 

وأشاد شكيب خليل، الذي عاد بعدها إلى الجزائر بتعيين ولد قدور على رأس شركة سوناطراك، معتبراً إياه "الرجل المناسب في المكان المناسب". 

وبعد اندلاع الحراك الشعبي مباشرة، أُقيل ولد قدور وغادر الجزائر باتجاه فرنسا، إلى أن بدأ القضاء الجزائري في التحرك ضدّ تركته التي يبدو أنها كبّدت البلاد خسارة فاقت مليار دولار، حسب القضاء الجزائري. 

ويُتابع ولد قدور حالياً بعد تسليمه في القضية المتعلقة بصفقة شراء مصفاة النفط أوغستا بصقلية الإيطالية، التي اشترتها سوناطراك بالشراكة مع إيكسون موبيل بقيمة مليار دولار. 

كما وجّهت له عدة تهم منها إبرام صفقات مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية، واختلاس وتبديد أموال عمومية، والاستعمال غير الشرعي لأموال عمومية خاصة لصالح الغير، والاستفادة من السلطة، وتأثير أعوان هيئات للزيادة في الأسعار، والاستفادة غير المبررة من إعفاءات وتخفيضات في الضرائب والرسوم. 

ماذا بعد ولد قدور؟

تسلُّم الجزائر عبدالمومن ولد قدور من طرف الإمارات العربية المتحدة لم يكن الأول من نوعه، بحيث تتحرك الجزائر على عدة جبهات لاستعادة فارّين ومطلوبين في قضايا فساد وإرهاب وتخابر. 

وتوجد قوائم طويلة من المطلوبين لدى الجزائر في مختلف الدول الأوربية والعربية.

وكانت الجزائر قد استعادت قبل أشهر شخصية أمنية مهمة من تركيا، كانت بمثابة الصندوق الأسود لقائد الأركان الراحل الفريق أحمد قايد صالح. 

وتسببت استعادة المساعد الأول قرميط بونويرة، الذي شغل رئيس أمانة قايد صالح في الإطاحة بعدة جنرالات وضباط كبار وسجنهم بتهم التخابر والخيانة.

ومن بين أبرز الشخصيات المطلوبة لدى الجزائر، التي تصر على استعادتها مهما كلفها ذلك من ثمن، الجنرال غالي بلقصير، قائد جهاز الدرك الأسبق، وعبدالسلام بوشوارب، وزير الصناعة الأسبق، ووزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، والعديد من الشخصيات البارزة في فترة حكم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة. 

ويعتقد المحلل السياسي مولود صياد أن "الجزائر ستتمكن من تسلم الكثير من المطلوبين بفضل نفوذها وعلاقتها مع بعض الدول، وذلك في إطار خدمات وصفقات متبادلة"، معتبراً أن "العلاقات بين الدول دائماً ما تكون أهم بكثير من الأشخاص مهما كانت أهميتها".

تحميل المزيد