تحوّل المغرب إلى قبلة هامة لشركات السيارات الأوروبية والآسيوية، عبر إقامة نقاط لتصنيع وتجميع المركبات في سوق واعدة، شهدت تطوراً متسارعاً منذ مطلع الألفية الجديدة.
تبلغ الطاقة الإنتاجية للسيارات في المملكة 500 ألف سيارة في مصنعي "رينو" في طنجة والدار البيضاء، بينما تتجه "بيجو" نحو مضاعفة إنتاجها بالقنيطرة من 100 ألف إلى 200 ألف سيارة هذا العام.
يتوفر في المغرب 10 منظومات صناعية مرتبطة بصناعة السيارات، تتعلق بالأسلاك الكهربائية والميكانيك والبطاريات والمقاعد وإطارات السيارات، في محاولة لتحقيق منظومة متكاملة تمكن من تصنيع سيارة مغربية بنسبة 100%.
هنالك قصة نجاح للمملكة في صناعة السيارات، إذ باتت أكبر منتج للسيارات في إفريقيا، وثالث أكبر منتج عالمياً بعد الصين والهند، بإنتاجها سيارة كل دقيقة ونصف، وفق تصريح لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني.
المغرب الثالث عالمياً
في 23 يونيو/حزيران الماضي، قال وزير الصناعة والتجارة المغربي حفيظ العلمي، إن بلاده تحتل المرتبة الثالثة عالمياً من حيث التنافسية في صناعة السيارات، بعد الهند والصين.
جاء ذلك في عرض قدمه العلمي أمام لجنة برلمانية بمجلس النواب حول "تقييم مخطط تسريع التنمية الصناعية 2014 – 2020".
أضاف العلمي: "نعمل على تقوية تنافسية القطاع ونقترب من الصين، بل ينبغي أن نصل إلى مستوى الهند في التنافسية.. ننتج 700 ألف سيارة سنوياً، يتم تصدير 90% منها، معظمها إلى أوروبا".
لفت كذلك إلى أن "القيمة المضافة للسيارات التي تصنع في المغرب تبلغ 60%، ونتمنى في السنوات المقبلة أن نصل إلى 80% من القيمة المضافة".
ذكر الوزير أيضاً، أن عائدات صناعة السيارات على اقتصاد المملكة تبلغ 31.6 مليار درهم (حوالي 3.6 مليار دولار).. المغرب يضم 251 معملاً لصناعة السيارات، توظف أكثر من 160 ألف شخص.
قيمة تصديرية كبيرة
من جانبه، يرى عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط (حكومية)، أن قطاع صناعة السيارات "يمكّن البلد من أكبر قيمة تصديرية، تتجاوز ضعفي تصدير الفوسفات الذي يعتبر كنزاً للاقتصاد المغربي".
الكتاني أضاف في تصريح لوكالة الأناضول: "لا تعتبر المسألة فقط بقيمة المداخيل، لكن القيمة المضافة المغربية تصل 60% وقد ترتفع إلى 80%، وهذا معناه كسب الخبرة أولاً".
بيّن الكتاني أن صناعة السيارات في البلاد توفر عملاً لعشرات الآلاف من المهندسين، وقال إن "هذا مفتاح كبير لمدارس الهندسة في المملكة، التي أنتجت أطراً جيدة، بدليل أن السيارة المصنعة محلياً أكثر جودة مقارنة مع نفس أنواع السيارات المصنعة في آسيا".
كانت قد بلغت قيمة الصادرات المغربية من السيارات 3.91 مليار دولار، في الأشهر الـ 5 الأولى من العام الجاري، وفق مكتب الصرف (حكومي).
المكتب أشار في إحصائيات نشرها في 6 يوليو/تموز الماضي إلى أن "صادرات البلد من السيارات نمت بـ49.5% حتى نهاية مايو/أيار 2021، مقارنة بنفس الفترة من 2020".
عزا المكتب ذلك إلى زيادة حجم مبيعات قطاع التركيب بـ 44%، والكابلات بـ 47.4%، ولوازم السيارات بـ 41%.
ذهب الكتاني إلى القول أيضاً إن بلده "استثمر أيضاً في مجال البحث العلمي المتعلق بصناعة السيارات.. حجم الاستثمارات المغربية في مجال السيارات دفع البلد إلى إنشاء مختبرات لتطوير هذه الصناعة".
اتفاقيات عدة
من جهته، قال الخبير الاقتصادي المغربي المهدي فقير إن "الأمر يتعلق بتحدٍّ رفعته المملكة منذ سنوات، وتمكّنت من كسبه بفضل التخطيط المسبق والقراءة الجيدة للآفاق".
أضاف فقير أن "البلد أطلق استراتيجية التسريع الصناعي في أبريل/نيسان 2014، وراهن على قطاع صناعة السيارات، بهدف إعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية".
في هذا الصدد أوضح أن بلده "عمل أولاً على تأهيل بنياته الأساسية، في مقدمة ذلك توسيعه لميناء طنجة المتوسطي، ليصبح أكبر موانئ إفريقيا ينشد قيادة تجارة القارة".
كان المغرب قد وقع خلال السنوات الماضية عدداً من الاتفاقيات لإنشاء مصانع للسيارات في مناطق مختلفة من البلاد، آخرها اتفاقيتان مع شركتي صناعة الكابلات اليابانيتين "يازاكي" و"سوميتومو" لإنشاء أربعة مصانع جديدة للشركتين في المغرب.
الاتفاقيتان وقعتا في 12 يناير/كانون الثاني الماضي، وستبلغ التكلفة الإجمالية لتشييد المصانع الجديدة، 912 مليون درهم (103 ملايين دولار).
كذلك في 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقع بروتوكول اتفاق لإنشاء مصنع أمريكي، تبلغ قيمته الاستثمارية 15.5 مليون يورو (18.4 مليون دولار)، وقالت وزارة الصناعة والتجارة المغربية في بيان آنذاك: "المصنع الجديد سينتج أغشية مقاعد للسيارات، وسيضم مركزاً تقنياً وهندسياً".