قال رئيس حكومة لبنان المكلف نجيب ميقاتي، الجمعة 5 أغسطس/آب 2021، إن الأمور في خواتيمها بالنسبة لموضوع تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك عقب لقائه مع الرئيس ميشال عون، في القصر الجمهوري في بعبدا (شرقي بيروت).
ميقاتي أضاف، خلال مؤتمر صحفي مقتضب: "ستكون هناك اتصالات غداً (السبت 6 أغسطس/آب) للاتفاق على موعد لقاء جديد مع الرئيس عون"، مؤكداً أن "الصمت أبلغ من الكلام"، دون مزيد من التفاصيل.
فيما تابع: "إذا اتخذ القرار بعدم المداورة (توزيع المناصب الوزارية) في الحقائب بين الطوائف، فإن عدم المداورة سيشمل أغلب الحقائب"، رافضاً الإفصاح عن أبعاد هذا الأمر.
فيما يُثار خلافات داخل لبنان بشأن اعتماد مبدأ "المداورة الشاملة" في توزيع الحقائب الوزارية ومدى توافقه مع المبادرة الفرنسية التي وافقت عليها الأطراف اللبنانية.
يُذكر أنه عادةً ما تتشكل الحكومة اللبنانية وفق حصص تراعي التمثيل الحزبي والطائفي والمذهبي للقوى السياسية، ما يولّد في كثير من الأحيان أزمة بشأن الوزارات الأساسية كالمالية والداخلية والدفاع والخارجية.
يشار إلى أن هذا هو اللقاء السادس الذي يجمع ميقاتي بـ عون، منذ تكليفه الأول بتشكيل الحكومة.
سبق أن صرّح ميقاتي، الخميس 5 أغسطس/آب، إن تقدماً، وإن كان بطيئاً، تحقق صوب تشكيل حكومة في البلاد، مشيراً إلى أن الدول المانحة لن تساعد لبنان إذا لم يساعد نفسه.
تكليف ميقاتي
كان عون قد كلَّف، الإثنين 26 يوليو/تموز، رئيسَ الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي، بتشكيل حكومة جديدة.
يشار إلى أن ميقاتي نائب برلماني عن مدينة طرابلس (شمال) منذ عام 2018، وجاء إلى السياسة من قطاع رجال الأعمال، وهو ثالث شخصية، بعد الحريري ومصطفى أديب، يكلفها عون بتشكيل حكومة بعد استقالة حكومة دياب، إثر انفجار مرفأ بيروت الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة الآلاف.
منذ 2005، هذا هو ثالث تكليف بتشكيل حكومة لميقاتي، الذي يُنظر إليه كمرشح توافقي لإنهاء حالات الجمود، من جرّاء الخلافات السياسية.
إلا أنه عادةً ما تستمر عملية تشكيل الحكومة في لبنان عدة أشهر، من جرّاء خلافات بين القوى السياسية.
اعتذار الحريري
كان الحريري قد أعلن اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة، الخميس 15 يوليو/تموز، بعدما تقدم، الأربعاء، بتشكيلة وزارية ثانية إلى ميشال عون، لكن الأخير طلب تعديلاً بالوزارات وتوزيعها الطائفي، وهو ما رفضه الحريري.
في المقابل، قالت الرئاسة، في بيان، إن الحريري "رفض كل التعديلات المتعلقة بتبديل الوزارات والتوزيع الطائفي لها والأسماء المرتبطة بها".
يشار إلى أنه على مدار نحو 9 أشهر، حالت خلافات بين عون والحريري دون تشكيل حكومة لتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب، التي استقالت في 10 أغسطس/آب 2020، بعد 6 أيام من انفجار كارثي في مرفأ العاصمة بيروت.
فيما تركزت هذه الخلافات حول حق تسمية الوزراء المسيحيين، مع اتهام من الحريري -ينفيه عون- بالإصرار على الحصول لفريقه، ومن ضمنه جماعة "حزب الله" (حليفة إيران)، على "الثلث المعطل"، وهو عدد وزراء يسمح بالتحكم في قرارات الحكومة.
جنوب لبنان
من جهة أخرى أشار ميقاتي، إلى أن "التطورات في جنوب لبنان أخذت حيزاً من الحديث خلال اللقاء مع عون"، مضيفاً: "نتمنى أن تهدأ الأوضاع هناك وأوجه تحية للجيش على الدور الذي يقوم به".
في وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن "حزب الله" إطلاق عشرات الصواريخ على مواقع إسرائيلية، "رداً على الغارات الإسرائيلية على أراضٍ مفتوحة في منطقتي الجرمق والشواكير ليلة الخميس"، فيما أقر الجيش الإسرائيلي، أن حزب الله أطلق 19 قذيفة صاروخية من منطقة شمال شبعا، "سقطت 3 منها داخل لبنان و6 في مناطق مفتوحة دون وقوع إصابات، وتم اعتراض 10 قذائف أخرى".
في حين تمنى رئيس الحكومة اللبنانية المكلف أن "تهدأ الامور جنوباً"، مؤكداً أن لبنان "يلتزم القرار 1701 بكل مدرجاته".
كان مجلس الأمن الدولي قد تبنى القرار 1701 في أغسطس/آب 2006، وهو يدعو إلى وقف كل العمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، إثر اندلاع مواجهات بين الطرفين، في يوليو/تموز من العام نفسه.
"أسوأ أزمة اقتصادية"
يأتي ذلك بينما يعاني لبنان، منذ نحو عامين، أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، مع تدهور مالي ومعيشي، وانهيار للعملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار، وشح في السلع الغذائية والأدوية والوقود.
على أثر ذلك، وصف البنك الدولي، مطلع يونيو/حزيران الماضي، الأزمة في لبنان بأنها "الأكثر حدة وقساوة في العالم"، وصنَّفها ضمن أصعب 3 أزمات سُجِّلت في التاريخ منذ أواسط القرن التاسع عشر.
بينما تضغط الحكومات الغربية على السياسيين اللبنانيين لتشكيل حكومة يمكنها الشروع في الإصلاح. وهددت دول غربية بفرض عقوبات، وقالت إن الدعم المادي لن يتدفق قبل بدء الإصلاحات.
في هذا الصدد، تشهد مناطق لبنانية عدة بين الحين والآخر احتجاجات شعبية غاضبة يتخللها قطع طرقات؛ اعتراضاً على الواقع المعيشي وتصاعد الأزمة الاقتصادية.