استقالة جماعية من مجلة علمية صينية بسبب الإيغور.. اتهموا بكين باستخدام الأقلية المسلمة كفئران تجارب

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/05 الساعة 10:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/08/05 الساعة 10:30 بتوقيت غرينتش
الإيغور الصين- رويترز

كشف موقع The Intercept الأمريكي، الخميس 5 أغسطس/آب 2021، استقالة ثمانية من أعضاء هيئة تحرير دورية علمية، بعدما نشرت عدداً كبيراً من الأوراق المثيرة للجدل التي يخشى النقاد من إمكانية استخدامها في تصنيفات بصمة الحمض النووي واضطهاد الأقليات الإيغور في الصين.

مجلة Molecular Genetics & Genomic Medicine هي أحدث دورية تَعلَق في الجدل الدائر حول الأبحاث المشحونة بمخاوف أخلاقية، وتظهر رسائل البريد الإلكتروني التي حصل عليها موقع The Intercept أنَّ رئيسة تحرير المجلة كانت بطيئة في الرد على الاستفسارات حول الأوراق العلمية، التي تتضمن بحثاً عن مجموعات عرقية منها الإيغور المسلمون، ونُوِّه بشأنها لأول مرة في مارس/آذار.

تجاوزات بحق أقليات الإيغور

أثارت الدراسات التي تنطوي على تنميط الحمض النووي، والتعرف على الوجه، وزرع الأعضاء جدلاً في دوريات أخرى أيضاً، لكن هذه هي المرة الأولى التي يستقيل فيها العديد من أعضاء هيئة تحرير إحدى المجلات -8 من 25 عضواً- استجابةً لمثل هذه القضايا.

وسلَّط الضوء على هذه الأوراق البحثية إيف مورو، خبير المعلومات الحيوية في جامعة لوفين في بلجيكا، الذي شن على مدى السنوات القليلة الماضية حملة دؤوبة لدفع الدوريات العلمية إلى سحب الأوراق المُقلِقَة أو غير الأخلاقية.

الصين المسلمون الإيغور
معسكرات اعتقال الإيغور تسميها الصين "إعادة تأهيل"/ رويترز

وبدأ بحث مورو في عام 2015، عندما أعلنت الكويت عن خططها لجمع الحمض النووي إجبارياً من جميع المواطنين والمقيمين والزوار، وقد ساعد مورو في قيادة حملة دولية ضد مشروع القانون هذا، وحقق انتصاراً مبكراً عندما أُلغِي في العام التالي، وأصبح مقتنعاً أنه إذا تُرِكت العلوم والذكاء الاصطناعي دون رادع فسيُستغلَان في ممارسة مزيد من الاستبداد.

ثم حول مورو انتباهه لاحقاً إلى تنميط الحمض النووي (تحديد بصمة الحمض النووي) في الصين، لاسيما في شينغيانغ، حيث يُحتجَز ما يُقدَّر بمليون من الإيغور والأقليات العرقية الأخرى في المعسكرات، أو يُستغَلون في العمل القسري، إضافة إلى ذلك استخدمتهم السلطات كفئران تجارب ةجمعت السلطات هناك عينات من الحمض النووي من المقيمين. 

ويجري مورو كل فترة بحثاً آلياً عن أوراق علمية عن موضوعات مشحونة أخلاقياً، وفي وقت سابق من هذا العام توصل من خلال بحثه إلى 18 ورقة علمية في Molecular Genetics & Genomic Medicine.

كما تجمع الحكومة الصينية الحمض النووي من الرجال من جميع الأعراق؛ بهدف تكوين معلومات وراثية لجميع الذكور البالغ عددهم 700 مليون في الصين، فيما تجمع الشرطة الصينية بالقوة الحمض النووي من مجموعات معينة، بما في ذلك العمال المهاجرون والمعارضون السياسيون.

ويدرس العديد من أعضاء هيئة التحرير كيف يمكن للوراثة أن تساعد الأطباء والعلماء في علاج الأمراض، لكن في عام 2019 بدأت المجلة في نشر أوراق لباحثين في الصين حول علم الوراثة الشرعي، وهو مجال ينطوي على تعاون وثيق مع الشرطة. 

ولطالما كان علم الوراثة الشرعي مثيراً للجدل في الولايات المتحدة، بل هو أكثر إشكالية في الصين، حيث يمثل جمع الحمض النووي جزءاً من جهد مستمر لاضطهاد الأقليات العرقية والجماعات الأخرى.

وتحمل إحدى الأوراق البحثية التي نشرتها المجلة عنوان "خصائص الطب الشرعي وتحليلات التقارب الجيني لمجموعة شينغيانغ المنغولية"، وهناك خريطة أخرى للاختلافات الجينية بين فروع المجموعة العرقية ذات الأغلبية في الصين، "الهان"، ومجموعات أخرى، بما في ذلك التبتيون ومسلمو "الهوي". 

وفي يونيو/حزيران، أثار مورو القضية لدى مجلس تحرير مجلة Molecular Genetics & Genomic Medicine بأكمله، وفي رسالة بريد إلكتروني مطولة أدرج الأوراق المشتبه بها، وشرح كيف تستخدم الشرطة في الصين علم الوراثة الشرعي.

وردد أعضاء مجلس الإدارة الآخرون دعوات مورو للتحقيق في المسألة، وقال العديد منهم إنهم لم يشاركوا بنشاط في عمل المجلة، ولم تكن لديهم أي فكرة عن نشر الأوراق. 

وفي مارس/آذار، أوضح مورو مخاوفه في رسالة بريد إلكتروني إلى سوزان هارت، رئيسة تحرير المجلة ونائبة مدير برنامج التدريب على علم الوراثة الطبية والطب الجيني مع المعهد القومي لأبحاث الجينوم البشري، التابع لمعاهد الصحة الوطنية الأمريكية. 

وأشار إلى أنه منذ تأسيسها في عام 2013، نشرت المجلة دراستين فقط في الطب الشرعي الوراثي من خارج الصين. وكتب: "يشير هذا إلى أنَّ Molecular Genetics & Genomic Medicine تُعرَف تحديداً على أنها مجلة يمكنها نشر الدراسات الجينية السكانية عن التبت والأقليات المسلمة المعرضة للخطر".

وفي رسائل البريد الإلكتروني التي حصل عليها موقع The Intercept، كتبت سوزان هارت إلى مجلس الإدارة في نفس اليوم، رسالة إلى مورو تقول فيها: "سأرسل رسالة قريباً تحدد قرارنا بشأن كيفية معالجة هذه المشكلة"، لكن بعد بضعة أسابيع، عندما لم تقدم سوزان أي شرح إضافي لمجلس الإدارة أو لمورو، بدأ أعضاء مجلس الإدارة في الاستقالة.

من جانبه، قال مورو إنه سيواصل حملته. وفي بريد إلكتروني واحد لهيئة تحرير Molecular Genetics & Genomic Medicine، أكد: "في هذه المرحلة لا يمكنك البقاء صامتاً، هذا الوضع يخلق إحراجاً مخزياً ينعكس بالسلب على جميع الدوريات الوراثية الطبية وعلى مجتمع علم الوراثة الطبي بأكمله، إنَّ ثقة الجمهور في علم الوراثة البشرية تعتمد على قدرة مجتمعنا على الالتزام بواجبه الأخلاقي بشفافية".

تحميل المزيد