أدانت منظمات حقوقية قيام الأجهزة الأمنية المصرية باعتقال الصحفي بقناة الجزيرة مباشر ربيع الشيخ؛ فور وصوله مطار القاهرة مساء الأحد 1 أغسطس/آب 2021، مطالبين بسرعة إطلاق سراحه، فيما قررت نيابة أمن الدولة حبسه 15 يوماً بتهمة نشر أخبار كاذبة.
حيث أوضحت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، في بيان أصدرته الثلاثاء 3 أغسطس/آب 2021، أن قوات أمن مطار القاهرة قامت باعتقال ربيع الشيخ عند قدومه من الدوحة في زيارة عائلية، واقتيد إلى مقر الأمن الوطني بالقاهرة، وبعد التحقيق معه لساعات تمت إحالته لنيابة أمن الدولة التي أمرت بحبسه أسبوعين.
المنظمة لفتت إلى أنه باعتقال "الشيخ" يرتفع عدد صحفيي الجزيرة المعتقلين في مصر إلى ثلاثة، حيث لا يزال بهاء نعمة الله، وهشام عبدالعزيز، رهن "الاعتقال التعسفي في ظروف غير آدمية تهدد حياتهم، على خلفية التهم المفبركة نفسها التي لم تدعم أي دليل إدانة يفيد بصحتها".
فيما أشارت إلى أن الصحفيين في مصر يتعرضون منذ 3 يوليو/تموز 2013 إلى "تضييقات أمنية مشددة وصلت حد الاعتقال لفترات طويلة، وإصدار أحكام قضائية قاسية بحقهم، وعلى مدار السنوات السابقة تم استهداف صحفيي شبكة الجزيرة بشكل خاص، وعلى الرغم من السماح لقناة الجزيرة بالتواجد داخل مصر مجدداً، لم يسلم العاملون فيها من الاعتقال".
"نهج قمعي"
كما أكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن "تمسك النظام المصري بنهجه القمعي وعدائه المتصاعد للصحفيين وسد أي منفذ قد يصدر عنه رأي معارض أو ناقد للسلطات، قد بلغ حداً غير مسبوق؛ مما يوجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات عملية لردع انتهاكات هذا النظام".
في حين جددت دعوتها لكافة المنظمات الحقوقية والنشطاء والصحفيين ووسائل الإعلام وكافة المدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم بـ"تشكيل رأي عام عالمي رافض لانتهاكات النظام المصري، والضغط على حكومات الدول الغربية من أجل وقف أي نوع من أنواع الدعم لهذا النظام الذي يمعن في سحق معارضيه يوماً بعد يوم".
بدورها، حمّلت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي الحكومة المصرية المسؤولية الكاملة عن سلامة "الشيخ"، مطالبة بالإفراج عنه.
من جهته، أعرب المرصد العربي لحرية الإعلام (منظمة غير حكومية) عن استنكاره لواقعة إلقاء القبض على "الشيخ" والتي قال إنها تأتي معاكسة للمسار الحالي للعلاقات المصرية-القطرية الآخذة في التحسن، وخاصة بعد عودة سفيري البلدين، وبعد السماح لقناة الجزيرة بأول تغطية من القاهرة قبل أيام.
طالب المرصد السلطات المصرية بالإفراج عن "الشيخ" وزميليه العاملين بالجزيرة بهاء وهشام، وكل الصحفيين السجناء الذين "يدفعون ضريبة عملهم الصحفي، والذين يبلغ عددهم 65 صحفياً ومصوراً؛ فالصحافة ليست جريمة".
إلى ذلك، أوضحت شبكة الجزيرة الإعلامية أنها تتابع الأمر مع السلطات المصرية من أجل إطلاق سراح الزميل ربيع الشيخ.
الجزيرة تبث لأول مرة من القاهرة
يشار إلى أنه في تطور لافت، ظهرت مراسلة قناة "الجزيرة"، شيرين أبوعاقلة، السبت 31 يوليو/تموز 2021، في بث مباشر من داخل العاصمة المصرية القاهرة، وذلك خلال تغطيتها للزيارة التي يجريها وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامرة، لمصر، في ظل أحاديث متواترة عن وساطة ستقوم بها الجزائر بين الخرطوم والقاهرة وأديس أبابا، بشأن أزمة "سد النهضة".
هذا الظهور المباشر الأول منذ نحو 8 سنوات أثار ردود فعل كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وشهد احتفاءً لا سيما من مذيعين وعاملين بالقناة.
في حين اعتبر مغردون أن تلك الخطوة أحد مؤشرات التقارب في العلاقات بين القاهرة والدوحة، والتي تحسنت كثيراً بالفعل خلال الفترة الماضية.
بينما لم تقدم قناة الجزيرة بياناً بشأن تفاصيل هذا الظهور الأول، وهل سيكون ذلك مقدمة لفتح مكتب كسابقه أم لا.
بيان العُلا
جدير بالذكر أن العلاقات المصرية-القطرية شهدت خطوات إيجابية في طريق عودتها، وذلك بعد توقيع "بيان العلا" في يناير/كانون الثاني الماضي بالسعودية، وأسدل الستار على أزمة بين قطر من ناحية، ومصر والسعودية والإمارات والبحرين من ناحية أخرى امتدت أكثر من 3 سنوات.
منذ إعلان المصالحة، أشادت القاهرة والدوحة، في أكثر من مناسبة، بتطور العلاقات بينهما.
أما في مارس/آذار الماضي، فقد زار وزير خارجية قطر القاهرة، للمرة الأولى منذ منتصف 2017، وفي يونيو/حزيران الماضي، زار نظيره المصري سامح شكري الدوحة، في أول زيارة من نوعها لهذا البلد الخليجي منذ 8 سنوات.
كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، استقبل وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في 25 مايو/أيار الماضي؛ حيث سلمه الأخير رسالة من أمير قطر تضمنت دعوة لزيارة الدوحة، وفق بيان للرئاسة المصرية آنذاك.
كانت كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين قطعت علاقاتها مع قطر، وفرضت عليها حصاراً برياً وجوياً وبحرياً، بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما نفته الدوحة، معتبرةً إياه "محاولة للنيل من سيادتها وقرارها المستقل".
يشار إلى أنه منذ 27 أبريل/نيسان الماضي، شارك مسؤولون مصريون حاليون وسابقون في مداخلات هاتفية مع قناة "الجزيرة" القطرية، في إشارة إلى بدء "تطبيع إعلامي" يلاحق ركب نظيره السياسي.
يأتي ذلك بعدما حظرت السلطات المصرية قناة "الجزيرة"، عقب الانقلاب الذي وقع في صيف عام 2013، واتهمتها آنذاك بـ"التحريض على الكراهية وتشكيل خطر على الأمن القومي"، أعقب ذلك حملة هجوم واسعة شنتها وسائل إعلام مصرية ضد قطر وقناتها الأكثر شهرة وشعبية "الجزيرة".
اعتقال صحفيي "الجزيرة"
فيما لا يزال بعض الصحفيين المصريين معتقلين على خلفية عملهم أو تعاونهم مع قناة الجزيرة.
كانت قوات الأمن المصرية قد ألقت القبض، في ديسمبر/كانون الأول 2013، على صحفيين يعملون بقناة "الجزيرة"، في قضية عُرفت إعلامياً بـ"خلية الماريوت"، بتهمة "نشر أخبار كاذبة عن مصر، وبث مواد تضر بالبلاد".
حينها قضى 3 صحفيين، بينهم الأسترالي بيتر غريست، نحو عامين في السجن قبل إطلاق سراح ثلاثتهم في عام 2015، فيما استمر الصحفي محمود حسين قيد الحبس 4 سنوات حتى أطلق سراحه في فبراير/شباط الماضي. من بين هؤلاء الصحفيين، هشام عبدالعزيز، الذي يعمل بقناة الجزيرة مباشر، حيث كان قد اعتُقل عام 2019 لدى عودته لقضاء إجازة سنوية اعتيادية في مصر.
كان الأمن المصري قد اعتقل الصحفي بقناة الجزيرة مباشر هشام عبدالعزيز خلال زيارة عائلية إلى مصر، في يونيو/حزيران 2019، وضمه إلى القضية رقم 1365 لعام 2018 أمن دولة، لتفرج عنه النيابة بعد ذلك، إلا أن السلطات المصرية أعادت ضمه لقضية جديدة رقم 1956 لعام 2019.