قال مسؤولون أفغان وغربيون إن قائد طالبان الذي أشرَفَ على هجومٍ على مدينة لشكركاه الأفغانية الجنوبية، يوم أمس الثلاثاء 3 أغسطس/آب 2021، كان واحداً من ضمن 5 آلاف سجينٍ سابق أطلقت الحكومة الأفغانية سراحهم العام الماضي، تحت ضغطٍ من الولايات المتحدة، وذلك وفق ما أورده تقرير لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية، الأربعاء 4 أغسطس/آب.
حسب المصادر نفسها، فإن الأمر يتعلق بالقائد مولوي طالب، وهو واحدٌ من آلاف السجناء السابقين الذين أُطلِقَ سراحهم لمواصلة محادثات السلام، وعادوا إلى ساحة المعارك للانضمام إلى هجوم طالبان على المدن في جميع أنحاء البلاد.
فيما يمثِّل وجود مقاتلي طالبان نقطة توتُّرٍ جديدة في العلاقات بين واشنطن وكابول، حيث تكافح الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة لصدِّ هجمات طالبان في جميع أنحاء البلاد.
تفاصيل عملية قتال عنيف
فقد صرح مسؤولون أفغان أن القتال العنيف استمرَّ يوم الثلاثاء، 3 أغسطس/آب، في لشكركاه، عاصمة إقليم هلمند، بعد ضرباتٍ جوية أمريكية مُكثَّفة وهجومٍ ليلي مضاد شنَّته قوات مغاوير أفغانية درَّبتها الولايات المتحدة.
تحت قيادة مولوي طالب، تقدَّم المئات من مقاتلي طالبان باتِّجاه وسط المدينة خلال الأسبوع الماضي، وشنوا يوم الثلاثاء هجوماً على سجن لشكركاه في محاولةٍ لإطلاق سراح المزيد من السجناء وتجنيدهم في القتال.
يذكر أن القتال في لشكركاه هو جزءٌ من هجومٍ أوسع لطالبان على مستوى البلاد سيطَرَ على نصف المناطق النائية بحلول الشهر الماضي، يوليو/تموز، ويهدِّد الآن عواصم المقاطعات. وقالت الحكومة يوم الثلاثاء إن قوات المغاوير التابعة لها شنَّت هجوماً مضاداً في مدينة هرات الغربية، والتي كانت دفاعاتها تتداعى. واخترقت قوات طالبان، الشهر الماضي، دفاعات الحكومة في قندهار، ثاني أكبر مدينة في أفغانستان، لكن القوات الحكومية لا تزال ثابتةً هناك.
عشرات القتلى والجرحى
أمس الثلاثاء، أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية، أن قواتها قتلت حوالي 375 من طالبان، وأصابت 193 في قتالٍ في أنحاء البلاد خلال الـ24 ساعة الماضية.
كما أكدت الوزارة أن 11 عبوة ناسفة اكتُشِفَت وأُبطِلَ مفعولها. وتوقَّفَت الحكومة الأفغانية عن إصدار إحصاءات عن الخسائر العسكرية لتجنُّب إضعاف معنويات جنودها.
في كابول، فجَّرَ مهاجمون سيارةً مُفخَّخة بالقرب من دار ضيافةٍ لوزير الدفاع الأفغاني بالإنابة، ليلة الثلاثاء، ثم اقتحموا منزلاً مجاوراً. وأدَّى الهجوم إلى اندلاع معركةٍ بالأسلحة النارية مع القوات الأمنية استمرَّت لساعات.
بينما، لم يكن الوزير، بسم الله خان، في منزله وقت الهجوم. وقال حميد نوري، المتحدِّث باسم وزارة الداخلية إن عشرات المدنيين أُجلوا من المنطقة. وأفاد مستشفى قريب بمقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة 11 آخرين بجروح.
الرئيس الأفغاني ينتقد واشنطن
قبل جلسةٍ خاصة للبرلمان عُقِدَت رداً على هجوم طالبان، أكَّد الرئيس الأفغاني أشرف غني للبلاد يوم الإثنين، 3 أغسطس/آب، أن الولايات المتحدة لا تزال تدعم الحكومة، لكنه وجَّه انتقاداتٍ علنية للولايات المتحدة، قائلاً: "إن الوضع الحالي يرجع إلى قرارٍ مفاجئ ألا وهو انسحاب القوات الدولية".
من جانبه، تحدَّثَ وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء، مع الرئيس الأفغاني من أجل "تأكيد التزام الولايات المتحدة القوي والدائم مع أفغانستان"، بحسب وزارة الخارجية الأمريكية، وأدان كلاهما هجمات طالبان، التي قالا إنها "لا تُظهِر اهتماماً يُذكَر بحياة الإنسان وحقوق الإنسان".
فقد جعل اعتماد القوات الأفغانية على القوة الجوية الأمريكية في الضربات الجوية والخدمات اللوجيستية هذه القوات غير مستعدة للانسحاب الأمريكي.
كما يقول مسؤولون أفغان في أحاديثٍ خاصة إن قواتهم البرية والجوية مُنهَكة في القتال. ولم تتمكَّن القوات الجوية الأفغانية، التي وصفتها الولايات المتحدة بأنها أقوى سلاح للحكومة ضد طالبان، من ملء هذا الفراغ.
انسحاب أمريكي بعد اتفاق مع طالبان
يأتي الانسحاب الأمريكي من أفغانستان في أعقاب اتفاقٍ وُقِّعَ مع طالبان العام الماضي، تعهَّدَت بموجبه طالبان بعدم السماح للقاعدة أو الجماعات الجهادية الأخرى باستخدام الأراضي الأفغانية لمهاجمة دولٍ أخرى.
يذكر أن الولايات المتحدة وافقت على إطلاق سراح 5 آلاف سجين من طالبان كجزءٍ من هذا الاتفاق، في محاولةٍ لتشجيع طالبان على التحدُّث مع الحكومة الأفغانية والموافقة على وقف إطلاق النار.
مع ذلك، كانت كابول متردِّدةً في إطلاق سراح السجناء، ويقول المسؤولون الأفغان إنهم لم يفعلوا ذلك إلا بضغطٍ من واشنطن. وبدأت المحادثات بين طالبان والحكومة الأفغانية لكنها لم تكسب زخماً، وبدلاً من وقف إطلاق النار، شنَّ المتمرِّدون هجوماً على المستوى البلاد كافة.
وقال متحدِّثٌ باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "كان قرار الإفراج عن السجناء صعباً في اتِّخاذه من قِبَلِ الأفغان". وأضاف: "غالباً ما يكون الإفراج عن السجناء خطوةً صعبة، ولكنها ضرورية لإنهاء النزاع المُسلَّح".