علِم "عربي بوست" من مصادر جيدة الاطلاع، أن الاتحاد المغربي لكرة القدم فتح قنوات التواصل مع المدرب الإيطالي الشهير كلاوديو رانيري؛ لخلافة الفرنسي-البوسني وحيد خليلوزيتش، مديراً فنياً للمنتخب المغربي، بعد الضغط الكبير الذي يمارسه الشارع الرياضي في المغرب، لاستبعاد المدير الفني الحالي، بسبب عجزه عن تكوين منتخب تنافسي يرقى لطموحات جماهير الكرة في المغرب.
وليست هذه المرة الأولى، التي يفاوض فيها الاتحاد المغربي مدرباً، في ذروة خوض المنتخب المغربي للتصفيات رفقة مدرب آخر، بل سبق له القيام بالأمر ذاته، مع المدرب المغربي بادو الزاكي، الذي كان منهمكاً في خوض تصفيات كأس إفريقيا للأمم (دورة الغابون 2017)، فيما كان الفرنسي هيرفي رونار، مدرب المنتخب السعودي حالياً، يستعد لقيادة "أسود الأطلس" ويتابع لاعبي المغرب من مقر إقامته في العاصمة السنغالية داكار.
جولتان حاسمتان في المغرب
على المستوى الرسمي، ينفي الاتحاد المغربي نيته تغيير البوسني وحيد خليلوزيتش، إذ قال أعضاء في المكتب التنفيذي، لـ"عربي بوست"، إن الاتحاد "لا يملك أي مخطط لاستبعاد المدير الفني الحالي للمنتخب المغربي، أو لمفاوضة مدرب آخر لخلافته".
غير أن مصادر جيدة الاطلاع أجمعت على أن الاتحاد المغربي بدأ فعلاً تحركاته بجسّ نبض أكثر من مدرب، وإعداد خطط بديلة، لتعويض خليلوزيتش، مباشرة بعد الجولتين الأولى والثانية من التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم المقررة بالملاعب القطرية صيف العام المقبل، حيث سيواجه على التوالي المنتخب السوداني مطلع سبتمبر/أيلول 2021 بالمغرب، ثم يلاقي منتخب غينيا بعد أيام في العاصمة كوناكري، إذ ستكون هاتان المواجهتان حاسمتين لتحديد مصير المدير الفني الحالي لمنتخب المغرب.
وأوضحت المصادر ذاتها، أن المدرب الإيطالي رانيري، يظل المرشحَ الأبرز لقيادة المنتخب المغربي في مرحلة "ما بعد خليلوزيتش"، لاسيما أن المدرب الإيطالي، الذي يعيش حالياً فترة راحة، أعطى موافقته المبدئية لخوض تجربة جديدة في مساره الرياضي كمدرب، إذ لم يسبق له الإشراف على تدريب المنتخبات، باستثناء تجربة قصيرة وفاشلة رفقة منتخب اليونان، قاده خلالها في أربع مباريات، قبل إقالته بسبب سوء النتائج في تصفيات أمم أوروبا 2016، بالمقابل تألق مع عديد من كبار الأندية في أوروبا، أشهرها نابولي وفيورنتينا وإنترميلان وبارما ويوفنتوس وروما في إيطاليا؛ وأتليتكو مدريد وبلنسية في الدوري الإسباني؛ وتشيلسي وفولهام وليستر سيتي بالدوري الإنجليزي، فضلاً عن تجربة أخرى في الدوري الفرنسي رفقة موناكو ونانت.
ضغط الجمهور
لم يستطع وحيد خليلوزيتش كسب تعاطف جمهور الكرة في المغرب، ولا حتى النقاد الرياضيين، الذين لم يدخروا جهداً في انتقاد طريقة لعب المدير الفني الحالي للمنتخب المغربي، بعد كل مباراة يخوضها سواء أكانت رسمية أم ودية، رغم نجاحه في قيادة "أسود الأطلس" بالتصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس إفريقيا للأمم، دون أية هزيمة، حيث تصدَّر ترتيب مجموعته الثامنة برصيد 14 نقطة، ليتأهل للمنافسات النهائية التي ستحتضنها الكاميرون مطلع العام المقبل.
ويطالب الجمهور المغربي باستبعاد خليلوزيتش، بسبب المستوى الباهت والأداء غير المقنع الذي يقدمه المنتخب في عهده، محملاً إياه مسؤولية تواضع أداء منتخب الأسود طيلة المباريات السابقة، بسبب ما اعتبروه عدم استغلال لإمكانات اللاعبين الذين يعدون من بين الأفضل في الملاعب الأوروبية.
واعتبر غالبية رواد منصات التواصل الاجتماعي في المغرب، أن الأسلوب الذي يلعب به وحيد خليلوزيتش، لا يبعث على الاطمئنان، بعد أقل من شهر واحد على خوض غمار التصفيات المؤهلة لكأس العالم، مطالبةً بضرورة الإسراع بالتعاقد مع مدرب جديد، يستطيع إعادة التوهج للمنتخب، خاصةً أن التصفيات المؤهلة للمونديال ستكون صعبة وسيواجه خلالها منتخب الأسود منتخبات متمرسة وقوية، ما قد يبخّر أحلامهم ببلوغ نهائيات كأس العالم المقبلة، للمرة السادسة في تاريخه.
نجوم الأسود يطالبون باستبعاد "وحيد"
نجوم المنتخب المغربي بدورهم، غير راضين عن اللعب تحت قيادة خليلوزيتش، وهو ما عبَّر عنه صراحةً عديد من اللاعبين، لاسيما اللاعبين الذين لعبوا تحت إمرة المدرب الفرنسي السابق هيرفي رونار، الذي كان على تواصل دائم معهم، ويسمح لهم ببعض ما يعتبرونه خصوصية في أثناء المعسكرات الإعدادية، عكس المدرب خليلوزيتش الذي يُبدي ملاحظاته بشأنها، ويتدخل في كل ما يحدث بكل معسكر إعدادي.
وتفجَّرت خلافات بين المدرب الفرنسي-البوسني، خلال المعكسر الإعدادي الأخير للمنتخب المغربي، قبيل المباراتين الوديتين اللتين واجه خلالهما المغرب منتخبي غانا وبوركينافاسو، إذ دعا بعضُ لاعبي منتخب المغرب رئيسَ الاتحاد المغربي إلى تغيير المدرب، بسبب تجدد الخلاف معه في كل معسكر إعدادي.
وتحدَّث بعض المحترفين إلى فوزي لقجع وعبَّروا عن رغبتهم في التعاقد مع مدرب جديد، مبررين طلبهم بـ"ضعف التواصل معه، الناتج عن صعوبة نطقه باللغتين الفرنسية والإنجليزية، وشخصيته العنيدة وطباعه الصعبة، فضلاً عن فارق السن الكبير بينهم وبينه"؛ ما تسبب في حدوث مشاكل بأغلب التجمعات التي خاضها منتخب "أسود الأطلس" منذ التعاقد معه قبل عامين.
وشهد المعسكر الأخير للمنتخب الوطني حدوث خلاف بين بعض اللاعبين وخليلوزيتش، من ضمنهم نجم المنتخب المغربي حكيم زياش، متوسط ميدان تشيلسي الإنجليزي، الذي دخل معه في ملاسنات خلال إحدى الحصص الإعدادية، إلى درجة أن المدرب هدد بعدم استدعائه مرة أخرى.
كما سبق أن أبعد مدرب منتخب المغرب، نصير المزراوي الظهير الأيمن لنادي أياكس أمستردام الهولندي، بسبب خلاف معه خلال معسكر تدريبي سابق، وامتنع عن استدعائه مجدداً، شأنه شأن عبدالرزاق حمدالله مهاجم النصر السعودي، الذي قال عنه المدرب الفرنسي إن "أمره انتهى بالنسبة له".
كما سبق أن عبَّر نور الدين أمرابط، لاعب النصر السعودي، عن استيائه من طريقة تعامل المدرب البوسني وحيد خليلوزيتش، في مسألة استبعاده من صفوف منتخب المغرب، بعدما كان في المرحلة السابقة أحدَ أعمدته الأساسية، وتألق رفقته بمونديال روسيا في عام 2018، حيث وجَّه أمرابط انتقادات لاذعة للمدرب البوسني عبر الصحافة السعودية.
وبات شبه مؤكدٍ أن الاتحاد المغربي يتجه للاستجابة لمطالب الجمهور والشارع الرياضي، خصوصاً مع ضغط نجوم المنتخب المغربي، إذ سيُحضِّر كلاوديو رانيري نفسه في الظّل، لقيادة "أسود الأطلس"، في تكرار لسيناريو استبعاد الزاكي وتعويضه برونار.
هل يُعاد سيناريو الزاكي ورونار؟
في مارس/آذار من عام 2016، كان الفرنسي هيرفي رونار يتوصّل أولاً بأول، بتقارير مفصلة عن لاعبي المنتخب المغربي، وعن المنتخبات المنافسة له في التصفيات الإفريقية، بينما كان بادو الزاكي يشتغل بشكل عادي مديراً فنياً لمنتخب المغرب، حيث فاوض الاتحادُ المغربي المدربَ الفرنسي في الخفاء، وأمهله بضعة أسابيع ليحضّر نفسه، بينما كان الزاكي لا يعلم بما يخطط له الاتحاد المغربي، الذي كان يرأسه في تلك الفترة فوزي لقجع، الرئيس الحالي للمكتب التنفيذي.
مصادر "عربي بوست" ذكَّرت بالتقارير الفنية التي كان يتوصل بها هيرفي رونار قبل توقيعه رسمياً على عقد مع الاتحاد المغربي، إذ في الوقت الذي كان فيه بادو الزاكي يطَّلع على التقارير الفنية، التي تهم لاعبي المنتخب المغربي ولاعبي المنتخبات المنافسة في عاصمة المغرب الرباط؛ من أجل إعداد نهج تكتيكي للمباريات، كان رونار يقوم بالعمل نفسه في العاصمة السنغالية داكار، بعدما اتفق مع الاتحاد الكروي على تسلُّم قيادة المنتخب المغربي، مرجحين في الوقت ذاته، أن المدرب كلاوديو رانيري، المرشح لقيادة المنتخب بالمرحلة المقبلة، سيشرع في بناء فكرة متكاملة وتصوُّر واضح وشامل عن لاعبي المنتخب المغربي المحترفين في أوروبا، عبر مشاهدة مقاطع فيديو وتقارير يعدها فنيو الاتحاد المغربي التابعون للإدارة التقنية المغربية؛ حتى يكون على أهبة الاستعداد لاستكمال مشوار المنتخب المغربي في التصفيات الإفريقية، والعمل على قيادته للفوز ببطاقة التأهل المونديالية، إذ تشير جميع المعطيات إلى أن السيناريو الذي "حبكه" الاتحاد المغربي قبل خمس سنوات، ستتم إعادة استنساخه الشهر المقبل.