القضاء التونسي يطلق سراح النائب ماهر زيد عقب يوم على اعتقاله.. والأمن يحاول اختطافه مجدداً

عربي بوست
تم النشر: 2021/07/31 الساعة 14:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/31 الساعة 14:53 بتوقيت غرينتش
النائب البرلماني عن ائتلاف الكرامة ماهر زيد/ مواقع التواصل

أطلقت السلطات القضائية التونسية، السبت 31 يوليو/تموز 2021، سراح النائب البرلماني عن ائتلاف الكرامة ماهر زيد، عقب يوم واحد على توقيفه. بينما حاولت جهة أمنية بزيٍّ مدنيٍّ اختطافه مرة أخرى، وفق محاميه وشهود عيان.

حيث نشرت حنان الخميري، محامية النائب، مقطعاً مصوراً على حسابها بموقع فيسبوك، قالت فيه: "تم إطلاق سراح النائب ماهر زيد من قِبل النيابة العامة، وهو الآن مواطن بريء".

فيما قال زيد في المقطع ذاته: "هناك أشخاص كانوا يرتدون الزي المدني أرادوا اختطافي من بين المحامين الذين كانوا برفقتي بمحكمة منوبة غرب العاصمة تونس، وقالوا إنهم من فرقة مقاومة الإجرام".

البرلماني التونسي أضاف: "تم الاتصال بالوكيل الذي أطلق سراحي، ليؤكد أنه غير مسموح لهم (الأمنيين) بالدخول إلى المحكمة"، معرباً عن استغرابه من هذا التصرف.

من جهتها، أكدت المحامية حنان الخميري، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن "النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية أفرجت عن زيد، صباح اليوم السبت، لكن الأمن اقتاده إلى فرقة مكافحة الإجرام لحظة خروجه من مقر المحكمة؛ للتحقيق في قضايا أخرى".

بدوره، ذكر البرلماني سيف الدين مخلوف، أنه عند خروج زيد من المحكمة حاولت قوات أمن بزيٍّ مدني من الخارج إيقافه مجدداً، رغم قرار المحكمة؛ الأمر الذي دفعهم سريعاً إلى التراجع والعودة للمحكمة، وإعلان زيد الاعتصام داخل مبنى المحكمة مع محاميه.

كانت قوات أمن تونسية قد أوقفت زيد، الجمعة، على خلفية قضية وقعت تسويتها منذ عام 2018، إذ حُكم عليه غيابياً بالسجن عامين بتهمة "إهانة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي".

بموجب القرارات الرئاسية الاستثنائية الأخيرة، لم تعد للنواب حصانة برلمانية تحظر توقيفهم أو تفتيشهم في تونس.

وضع "وكيل جمهورية سابقاً" تحت الإقامة الجبرية

في وقت سابق من يوم السبت، قالت وسائل إعلام تونسية، إن قوة أمنية وضعت وكيل الجمهورية السابق للمحكمة الابتدائية، القاضي البشير العكرمي، تحت الإقامة الجبرية، وذلك تنفيذاً لقرار أصدره وزير الداخلية المكلف رضا غرسلاوي، الذي عيّنه قيس سعيد في منصبه الجمعة.

مصادر خاصة أكدت لإذاعة موزاييك التونسية أن وحدة أمنية تولت ليلة أمس الجمعة، تنفيذ قرار صدر عن وزير الداخلية، بوضع وكيل الجمهورية السابق، البشير العكرمي، تحت الإقامة الجبرية.

ينصّ القرار على منع العكرمي من مغادرة مقر إقامته لمدة 40 يوماً قابلة للتجديد، ومنع الاتصال به إلا عبر وسيلة اتصال نالت "ترخيصاً" من الجهات الرسمية المخولة.

أول واقعة اعتقال

كان الرئيس التونسي قد ذكر، في كلمة متلفزة له، الجمعة، أنه "لم يتم اعتقال أي أحد، إلا من لديه قضايا أمام القضاء، ولن أتركهم ينهبون الشعب التونسي ويهددون المؤسسات".

بينما أعلنت زوجة النائب بالبرلمان التونسي، ياسين العياري، الجمعة، أن قوات أمن بزيٍّ مدني اعتقلت زوجها النائب، الذي أكد سابقاً رفضه لقرارات قيس سعيد، واصفاً إياها بالانقلاب العسكري.

تعدّ واقعة اعتقال "العياري" هي الأولى من نوعها منذ التطورات الأخيرة التي شهدتها تونس قبل أيام.

"أول إجراءات التضييق"

بدوره، قال سيف الدين مخلوف، رئيس كتلة "ائتلاف الكرامة" في تونس (18 نائباً من 217)، في تدوينة، يوم الجمعة، على حسابه بموقع "فيسبوك"، إنه تمت حتى الآن "مداهمة منزل النائب راشد الخياري، وتوجيه استدعاء للنائب ماهر زيد، وفتح تحقيق ضد النواب خالد الكريشي، ومبروك كورشيد، وسيف الدين مخلوف، واعتقال النائب ياسين العياري، إضافة إلى منع جميع النواب من السفر".

جاءت خطوة اعتقال "العياري" بعد ساعات من محاولة قيس سعيد طمأنة الجميع داخل البلاد وخارجها بأنه "ملتزم" باحترام الحقوق والحريات، لافتاً إلى أنه "لم يتم اعتقال أي شخص أو حرمان أي شخص من حقوقه، بل يتم تطبيق القانون تطبيقاً كاملاً لا مجال فيه لأي تجاوز لا من السلطة ولا من أي جهة أخرى (لم يسمها)".

حيث قال سعيد، مساء الخميس، في كلمة ألقاها خلال أداء رضا غرسلاوي، في قصر قرطاج بالعاصمة تونس، اليمين الدستورية بتكليفه بتسيير وزارة الداخلية: "ليطمئن الجميع في تونس وخارجها أننا نحتكم للقانون والدستور، وليطمئن الجميع على الحقوق والحريات، وليعلموا أنني حريص عليها"، وفق قوله.

إضافة إلى ذلك، قالت وكالة الأنباء التونسية الرسمية إن القضاء التونسي فتح، الجمعة 30 يوليو/تموز 2021، تحقيقاً مع أربعة من أعضاء حزب النهضة، بينهم حارس شخصي للغنوشي، بتهمة محاولة القيام بأعمال عنف أمام البرلمان، وجرى إخلاء سبيلهم لاحقاً.

"قرارات تصعيدية"

كان الرئيس التونسي قد أعلن، مساء الأحد 25 يوليو/تموز الجاري، أنه قرر تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن جميع النواب، وتولي النيابة العمومية بنفسه، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي؛ وذلك على خلفية فوضى واحتجاجات عنيفة شهدتها عدة مدن تونسية تزامناً مع الذكرى الـ64 لإعلان الجمهورية.

فيما أضاف الرئيس التونسي في كلمة متلفزة عقب ترؤسه اجتماعاً طارئاً للقيادات العسكرية والأمنية، أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد لم يعلن عن اسمه، الأمر الذي يُعدّ أكبر تحدٍّ منذ إقرار الدستور في 2014، الذي وزع السلطات بين الرئيس ورئيسَي الوزراء والبرلمان.

سعيّد قال إنه اتَّخذ هذه القرارات بـ"التشاور" مع رئيس الحكومة هشام المشيشي، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، وهو الأمر الذي نفاه الغنوشي لاحقاً.

بينما برّر "سعيد" قراراته "المثيرة" بما قال إنها "مسؤولية إنقاذ تونس"، مشدّداً على أن البلاد "تمر بأخطر اللحظات، في ظل العبث بالدولة ومقدراتها"، حسب قوله.

جاءت قرارات سعيّد إثر احتجاجات شهدتها عدة محافظات تونسية بدعوة من نشطاء، طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة، واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.

"انقلاب على الثورة والدستور"

رداً على تلك القرارات، اتهم راشد الغنوشي، زعيم حركة "النهضة" ورئيس البرلمان التونسي، الرئيسَ قيس سعيّد بالانقلاب على الثورة والدستور، مضيفاً: "نحن نعتبر المؤسسات مازالت قائمة، وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة".

الغنوشي أشار في تصريحات إعلامية إلى أنه "مستاء من هذه القرارات"، متابعاً: "سنواصل عملنا، حسب نص الدستور".

كما وصف عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، نور الدين البحيري، القرارات الأخيرة بأنها "انقلاب مروّض" على الدستور والشرعية، منوهاً بأنهم سيتعاطون مع "هذه القرارات المخالفة لأحكام الدستور والانقلاب على مؤسسات الدولة، وسنتخذ إجراءات وتحركات داخلياً وخارجياً لمنع ذلك (سريان تلك القرارات)"، دون ذكر توضيحات بالخصوص.

بخلاف موقف "النهضة" (53 نائباً من أصل 217)، عارضت أغلب الكتل البرلمانية قرارات سعيّد؛ إذ اعتبرها كتلة ائتلاف الكرامة (18 مقعداً) "باطلة"، ووصفتها كتلة قلب تونس (29 نائباً) بأنها "خرق جسيم للدستور"، ورفضت كتلة التيار الديمقراطي (22 نائباً) ما ترتب عليها، فيما أيدتها فقط حركة الشعب (15 نائباً) (قومية).

جدير بالذكر أنه يُنظر إلى تونس على أنها الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في إجراء عملية انتقال ديمقراطي من بين دول عربية أخرى، شهدت أيضاً ثورات شعبية أطاحت بالأنظمة الحاكمة فيها، ومنها مصر وليبيا واليمن.

لكن في أكثر من مناسبة، اتهمت شخصيات تونسية دولاً عربية، لاسيما خليجية، بقيادة "ثورة مضادة" لإجهاض عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، خوفاً على مصير الأنظمة الحاكمة في تلك الدول.

بينما يُنظر إلى تونس على أنها الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في إجراء عملية انتقال ديمقراطي من بين دول عربية أخرى شهدت أيضاً ثورات شعبية أطاحت بالأنظمة الحاكمة فيها، ومنها مصر وليبيا واليمن.

إضافة إلى الأزمة السياسية، تواجه تونس موجة وبائية غير مسبوقة عقب تفشي فيروس كورونا، تتسم بانتشار واسع للسلالات المتحورة ألفا ودلتا في معظم الولايات، مع ارتفاع في معدل الإصابات والوفيات، مع تحذيرات من انهيار وشيك للمنظومة الصحية؛ ما استدعى استقبال مساعدات طبية عاجلة من دول عديدة، خلال الأيام الماضية.

تحميل المزيد