أعلن مسؤول بوزارة الداخلية الأردنية، السبت 31 يوليو/تموز 2021، أنه سيتم إغلاق معبر جابر الحدودي مع سوريا مؤقتاً أمام حركة البضائع والركاب، "نتيجة لتطورات الأوضاع الأمنية في الجانب السوري".
أضاف المسؤول، في تصريحات مقتضبة نقلتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا)، أن المعبر سيُعاد فتحه، في "حال توفرت الظروف الملائمة لذلك"، دون تحديد موعد بعينه.
تطورات الأوضاع في درعا
كانت قوات من المعارضة السورية قد شنّت مؤخراً سلسلة هجمات بقذائف المورتر على حواجز تابعة للجيش في محافظة درعا بجنوب البلاد، في أكبر تفجُّر للعنف منذ سيطرة النظام السوري على المنطقة المضطربة قبل ثلاثة أعوام.
هذه الهجمات واسعة النطاق اندلعت على حواجز القوات الحكومية قرب طريق دمشق-درعا السريع المؤدي لمعبر نصيب الحدودي مع الأردن؛ الأمر الذي تسبّب في عرقلة حركة الركاب والبضائع عند منفذ السلع الرئيسي من لبنان وسوريا إلى دول الخليج.
فيما قالت مصادر سورية إن المعارضة سيطرت بعد تلك الهجمات على العديد من الحواجز حول مدن وقرى رئيسية بدءاً من نوى شمالاً في المحافظة وصولاً إلى مزيريب قرب الحدود مع الأردن.
من جهتهم، قال منشقون كبار عن جيش النظام السوري، إن القوات الحكومية أرسلت تعزيزات من الفرقة الرابعة للقوات الخاصة، والتي يديرها ماهر الأسد شقيق الرئيس بشار، مؤكدين تسريبات من الجيش نفسه.
جاءت تلك الهجمات بعد أن شنّ الجيش عملية في الفجر استهدفت المنطقة القديمة من مدينة درعا، والتي مازالت تخضع لسيطرة قوى المعارضة.
حصار درعا
على أثر ذلك، فرضت قوات النظام السوري والميليشيات التابعة لها، في 25 يونيو/حزيران الماضي، حصاراً على منطقة درعا البلد بالمحافظة، التي يقطنها 40 ألف نسمة بعد رفض المعارضة تسليم السلاح الخفيف، باعتباره مخالفاً لاتفاق تم بوساطة روسية عام 2018، ونص على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط.
كانت لجنة المصالحة بدرعا البلد، وقوات النظام، قد توصلت، في 26 يوليو/تموز الجاري، إلى اتفاق يقضي بسحب جزئي للأسلحة الخفيفة المتبقية بيد المعارضة، ووجود جزئي لقوات النظام، إلا أن الأخيرة أخلّت بالاتفاق وأصرت على السيطرة الكاملة على المنطقة.
من جهته، قال زياد الريس، وهو معارض سياسي على اتصال بجماعات محلية في درعا: "شنّت قوات المعارضة هجوماً معاكساً بعد العملية العسكرية للنظام ضد درعا البلد، والتي باغتت الجيش".
في حين اختار آلاف من مقاتلي المعارضة السابقين في درعا البقاء مع أسرهم وعائلاتهم بدلاً من النزوح للمناطق التي مازالت خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة في شمال سوريا، حيث تجمّع عشرات الآلاف من النازحين من مناطق أخرى استعادت القوات الحكومية السيطرة عليها.
وشهدت محافظة درعا مقاطعة واسعة النطاق لاقتراع في مايو/أيار، تمخض عن تمديد رئاسة الأسد، فيما اعتبره مسؤولون بنظام بشار تحدياً لسلطة الدولة.
قلق أممي
في هذا الإطار، أعربت الأمم المتحدة، الجمعة 30 يوليو/تموز، عن قلقها "البالغ" من سقوط قتلى مدنيين ونزوح آلاف آخرين، من جراء هجمات قوات النظام السوري على محافظة درعا.
حيث قالت إيري كانيكو، نائبة المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة، للصحفيين: "نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير المتعلقة بسقوط ضحايا مدنيين ونزوح بسبب الأعمال العدائية في درعا وخطر التصعيد المتزايد".
كانيكو أضافت: "تراقب الأمم المتحدة الوضع بقلق، وقد وثق مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان مقتل 8 مدنيين بينهم امرأة و4 أطفال، وإصابة 6 آخرين بينهم طفلان، بين 27 و29 يوليو/تموز الجاري"، مؤكدةً "نزوح 2500 شخص بسبب العنف وانعدام الأمن على مدار الساعات الـ72 الماضية، وقد تلقينا تقارير عن نزوح أكثر من 10 آلاف شخص آخر".
في حين استدركت المتحدثة ذاتها، بالقول: "الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني يعملون على زيادة الاستجابة الإنسانية للأشخاص المحتاجين في درعا وفي مناطق النزوح المؤقت"، متابعة: "نكرر الدعوة لوقف إطلاق النار، ونحث جميع الأطراف على تهدئة الوضع وضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما يتماشى مع التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي".
يشار إلى أن الثورة السورية كانت قد انطلقت من درعا عام 2011، في احتجاجات سلمية على حكم أسرة بشار الأسد الاستبدادي، والمستمر منذ عقود، إلا أنها قوبلت بعنف وقوة مفرطة قبل أن تمتد الاحتجاجات والمواجهات إلى أنحاء البلاد المختلفة.