قالت صحيفة The Times الأمريكية، الجمعة 30 يوليو/تموز 2021، إن الجيش الأمريكي يسعى لتطوير نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وذلك عبر تسخير قدرات الطيور المهاجرة على الطيران لمسافات بعيدة ليلاً دون أن تضل طريقها؛ لمساعدة القوات على خوض حروب من دون الحاجة لاستخدام الملاحة عبر الأقمار الصناعية.
يشار إلى أن الملاحة عبر الأقمار الصناعية هو نظام يستخدم الأقمار الصناعية لتوفير معلومات عن الموقع الجغرافي، ويسمح هذا النظام لأجهزة استقبال إلكترونية صغيرة بتحديد موقعها بدقة عالية باستخدام إشارات زمنية مرسلة من الأقمار الصناعية بواسطة الراديو.
فيما ترى الولايات المتحدة في قدرات الصين المضادة للأقمار الصناعية تهديداً متزايداً ضد نظام التموضع العالمي الأمريكي (GPS) -الذي يتخذ من الفضاء قاعدة له- مما يجبر البنتاغون على تمويل أبحاث تطوير وسائل بديلة للملاحة، من ضمنها طرق مستوحاة من إبداعات الطبيعة.
نظام "بايدو" الصيني
كانت الصين قد احتفت مؤخراً بإكمال نظام "بايدو" للملاحة بالأقمار الصناعية، الذي ينافس نظام تحديد المواقع العالمي الأمريكي (GPS) -الذي يمكن استخدامه لكثير من الأغراض من التنقل الشخصي باستخدام الهواتف الذكية- ويعزز بشكل كبيرٍ أمن الصين ونفوذها الجيوسياسي، لتنضم على أثر ذلك إلى الدول التي لديها أنظمة الملاحة العالمية عبر الأقمار الصناعية (GNSS) الخاصة بها.
جرت تلك الاحتفالات الصينية خلال شهر يوليو/تموز 2020، بحضور الرئيس شي جين بينغ، زعيم الحزب الشيوعي الحاكم وجيش التحرير الشعبي.
في حين تمتلك الطيور المهاجرة، مثل أبو الحناء الأوروبي، بروتيناً يسمى "كريبتوكروم 4" في شبكية عينها، يُمكِّنها من استشعار المجال المغناطيسي للأرض ورسم مسارها من بلدٍ إلى آخر.
من جهتها، قالت مجلة Nature العلمية، في الشهر الماضي: "الطيور المُغرِّدة المُهاجِرة ليلاً تتمتع ببراعة لافتة في الملاحة. إذ تُحلِّق بمفردها وتقطع غالباً مسافات كبيرة، وتستخدم إشارات اتجاهية مختلفة، من ضمنها بوصلة مغناطيسية تعتمد على الضوء".
أبحاث مستمرة منذ عقود
هذا الأمر دفع الجيش الأمريكي إلى تكثيف الأبحاث التي استمرت عقوداً من الزمن، حول مهارات إيجاد المسار التي تستعرضها الطيور والحشرات والأسماك والسلاحف البحرية.
بدوره، قال مختبر أبحاث الجيش الأمريكي في أديلفي بولاية ماريلاند، إن "اكتشاف حساسية البروتين الموجود في شبكية عين الطيور المُهاجِرة للمجال المغناطيسي للأرض، قد يكون مفتاحاً للملاحة لكل من المركبات ذاتية القيادة والمركبات المأهولة في حالات عدم توافر نظام تحديد المواقع العالمي أو تعرضه للخطر أو عرقلة الوصول إليه".
يشار إلى أن قيادة تطوير القدرات القتالية بالجيش الأمريكي كانت قد موَّلت البحث الذي نُشِرَت نتائجه في Nature، وأجرته جامعتا أكسفورد وأولدنبورغ في ألمانيا.
حيث تمكن الباحثون من تصنيع الكود الجيني للبروتين الموجود في شبكية طائر أبو الحناء ثم تجميعه.
تعقيباً على ذلك، أوضحت الباحثة بالجيش الأمريكي، ستيفاني ماكيهيني، أنها "خطوة أولى مثيرة نحو تطوير أنظمة ملاحة تعتمد فقط على المجال المغناطيسي للأرض، ولا تتأثر بالطقس أو الضوء".
جدير بالذكر أنه توجد أربعة أنظمة للملاحة العالمية عبر الأقمار الصناعية فقط، وتشمل GPS الأمريكي، وغلوناس (GLONASS) الروسي، وغاليليو التابع للاتحاد الأوروبي، و"بايدو" الصيني.