تسبب في تعديل برنامج الزيارة.. “بيغاسوس” يربك لقاء وزير الخارجية المغربي مع نظيره الفرنسي

عربي بوست
تم النشر: 2021/07/27 الساعة 09:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/27 الساعة 09:19 بتوقيت غرينتش

كان كل شيء مرتباً من قبل، فهذه زيارة رسمية يقوم بها وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إلى فرنسا، للقاء نظيره الفرنسي جان إيف لودريان، فتم تحديد برنامج ومدة الزيارة، غير أن فضيحة بيغاسوس انفجرت قبل اللقاء بساعات.

اللقاء الذي كان مقرراً أن يحتضنه مقر وزارة الخارجية الفرنسية، الشهير بـ"كي دورساي"، يومي الإثنين والثلاثاء 19 و20 يوليو/تموز الجاري، انتهى على غير البرنامج الذي وضع له وتم ترتيبه خلال أسابيع.

ووفق مصادر "عربي بوست" فإن فضيحة بيغاسوس أثرت على جدول أعمال اللقاء الوزاري، الذي اتفق عليه الطرفان في الندوة المشتركة التي عقداها في الرباط، في أبريل/نيسان الماضي، ما اضطر الطرفين إلى تقليص مدة اللقاء.

وتابعت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها أن هذا التقليص بدأ في اليوم الثاني (الثلاثاء 20 تموز/يوليو)، حينما قررا إلغاء الندوة الصحفية المشتركة في أعقاب اللقاء.

إلغاء الندوة الصحفية أكده موقع "أفريك أنتلجنس"، الذي كان صاحب السبق إلى تسريب برنامج الزيارة، إذ أعلن أن اللقاء كان يتضمن إجراء ندوة مشتركة بين الوزيرين، في الخبر الذي نشره في 16 يوليو/تموز 2021.

وجاء في الخبر أن وزيري خارجيتي المغرب وفرنسا سيعقدان ندوة صحفية مشتركة، فيما سيدور جدول أعمال اللقاء حول الملفات ذات الاهتمام المشترك على المستويين الإقليمي والدولي.

وسجلت المصادر أن الطرفين اتفقا على إلغاء فعاليات اليوم الثاني من الزيارة، والسبب كان تخوف الطرفين من ردود الصحافة وأسئلتها عقب تفجر فضيحة "بيغاسوس"، وهو ما دفع الوزيرين إلى إلغاء الندوة الصحفية بشكل نهائي.

دبلوماسي سابق أكد أن إلغاء ندوة صحفية محددة منذ مدة يعني أحد أمرين، إما عدم التفاهم بين الطرفين حول ملف أو ملفات، أو وجود قضية إذا خرجت إلى الصحافة تهدد بتفجير الخلافات حولها.

وتابع الدبلوماسي -الذي طلب عدم الكشف عن هويته- في تصريح لـ"عربي بوست": "كما هو معلوم، الاجتماع بين الوزيرين جاء في وقت انفجرت فيه فضيحة بيغاسوس، والاتهامات التي وُجهت إلى المغرب، ثم تقدم بعض الصحفيين الفرنسيين بشكاوى إلى القضاء ضد الرباط، كلها عناصر أسهمت في إلغاء الندوة الصحفية".

جدول الأعمال

ووفق مصادر "عربي بوست" فإن الاجتماع بين الوزيرين تناول أربعة ملفات كبرى، بدايتها كان ملف الهجرة، الذي كان واحداً من الملفات التي تشتكي فيها أوروبا من المغرب، ويعد دوماً مجالاً كبيراً للاختلاف بين الجانبين، تفجر بشكل غير مسبوق في عيد الفطر الماضي.

وتابعت المصادر أن "ملف الهجرة وإن كان هو الأولوية لفرنسا وأوروبا، فإن ملف مغربية الصحراء يُعد نقطة حساسة للمغرب، إذ تريد الرباط من فرنسا حسم قضية الاعتراف بمغربية المنطقة تماماً، كما فعلت أمريكا".

وتابعت المصادر ذاتها أن "الرباط تريد تعميق التواجد الفرنسي في الصحراء، لا على المستوى الاقتصادي من خلال تعزيز الاستثمارات، بل كذلك على المستوى السياسي والدبلوماسي، من خلال الاعتراف بمغربية الصحراء، وافتتاح قنصليات لها بالمنطقة المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو الانفصالية".

تداول هذه النقطة يتزامن مع الدعوة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في الثاني من يوليو/تموز 2021، للمغرب وجبهة البوليساريو، على قبول المرشح التالي الذي سيقترحه عليهم لهذا المنصب، لقد "اقترحنا بالفعل ثلاثة عشر اسماً، ولم نحصل على إجماع من الأطراف، من الضروري للغاية أن يكون هناك مبعوث خاص لاستئناف الحوار السياسي حول الصحراء".

الملف الثالث الذي تباحث فيه الطرفان وتبادلا فيه وجهات النظر، التي تبدو فيه متباعدة، كان القضية الليبية والصعوبات التي تعتري تسوية الخلافات، خاصة أن الرباط احتضنت في الفترة الأخيرة لقاءات بين فرقاء الأزمة، في أواخر شهر يونيو/حزيران الماضي.

رابع الملفات يتجلى في التحديات التي تفرضها الأوضاع في منطقة الساحل، إذ يتفق البلدان على ضرورة حل الأزمات السياسية التي تعصف بدول المنطقة، آخرها ما يعتمل في جمهورية مالي، وكذلك تطور التعاون في مواجهة الإرهاب.

طيف بيغاسوس

قبل أسبوع من اللقاء بين الوزيرين، في 12 و13 يوليو/تموز، نشرت مجموعة تتألف من 17 مؤسسة إعلامية عالمية تقريراً يفيد بأن أحد أرقام هواتف ماكرون وأرقام العديد من الوزراء في الحكومة كانت مدرجة في قائمة مسربة لأهداف برنامج بيغاسوس المحتملة.

وكشفت المؤسسات ذاتها في تقريرها، أن "هناك أدلة على محاولة قرصنة مصدرها المغرب، طالت الرئيس ماكرون، ورؤساء الحكومة والوزراء وكذلك عدداً من الصحفيين".

الشيء الذي دفعهم إلى اللجوء إلى القضاء، إذ باشر النائب العام في فرنسا تحقيقاً في الموضوع. وبلغ الأمر مستوى أكبر حين قام الرئيس الفرنسي بعقد لقاء لمجلس الأمن القومي، بسبب ادعاءات اختراق بيغاسوس لهواتف كبار مسؤولي الدولة، بما فيهم الرئيس نفسه. 

أمام هذا السيل من الاتهامات، قررت الرباط الرد عبر مستويين، الأول من خلال المستوى السياسي، إذ أصدرت الحكومة بلاغين متعاقبين، واعتبرت ما تم نشره لا أساس له من الصحة، وأنه يدخل في إطار حملة تشويه وتشهير موجهة ضد المغرب. 

ولم يقف المغرب مكتوف اليدين، حيث قام في مستوى آخر برفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية في باريس، ضد منظمتي "فوربيدن ستوريز" و"العفو الدولية"، بتهمة التشهير، على خلفية اتهامه بالتجسس في ملف برنامج بيغاسوس.

وبحسب البلاغ الذي نشرته وكالة "فرانس برس" فإن "المملكة المغربية وسفيرها في فرنسا شكيب بنموسى، كلفا المحامي الفرنسي "أوليفييه باراتيلي" برفع الدعويين المباشرتين بالتشهير" ضد المنظمتين، على خلفية اتهامهما الرباط بالتجسس.

تحميل المزيد