قالت جامعة الدول العربية، الإثنين 26 يوليو/تموز 2021، إنها تتمنى لتونس "سرعة اجتياز المرحلة المضطربة الحالية واستعادة الاستقرار والهدوء"، معربة عن دعمها الكامل للشعب التونسي، دون أن تحدد موقفاً واضحاً من الأزمة الحادة التي تشهدها البلاد.
جاء ذلك في بيان لها عقب تلقي أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، اتصالاً هاتفياً، ظهر الإثنين، من عثمان جراندي، وزير الشؤون الخارجية والهجرة بالجمهورية التونسية، بحسب مصدر مسؤول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وفق البيان، الاتصال تناول التطورات التي شهدتها تونس في المرحلة الأخيرة، والتي أفضت إلى القرارات الرئاسية التي تم الإعلان عنها مساء الأحد.
البيان أضاف: "المصدر أوضح أن وزير خارجية تونس وضع الأمين العام للجماعة العربية في الصورة بالكامل من الوضع السياسي الذي تشهده البلاد ومن التفاعلات التي أدت إلى صدور القرارات الرئاسية الأخيرة في ضوء ما شهده الوضع الداخلي من حالة انسداد".
في حين شكر أبوالغيط الوزير التونسي على مبادرته بالاتصال وشرح الوضع، مؤكداً "الاهتمام الكبير الذي تحظى به التطورات التونسية من جانب الجامعة العربية ومن جانب الرأي العام العربي كافة".
كما أعرب أبوالغيط عن "دعم الجامعة العربية الكامل للشعب التونسي، وعن تمنياتها لتونس بسرعة اجتياز المرحلة المضطربة الحالية، واستعادة الاستقرار والهدوء وقدرة الدولة على العمل بفاعلية من أجل الاستجابة لتطلعات ومتطلبات الشعب".
"قرارات تصعيدية"
كان الرئيس التونسي قد أعلن، مساء الأحد، أنه قرر تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن جميع النواب، وتولي النيابة العمومية بنفسه، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي؛ وذلك على خلفية فوضى واحتجاجات عنيفة شهدتها عدة مدن تونسية تزامناً مع الذكرى الـ64 لإعلان الجمهورية.
فيما أضاف الرئيس التونسي، في كلمة متلفزة عقب ترؤسه اجتماعاً طارئاً للقيادات العسكرية والأمنية، أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد لم يعلن عن اسمه، الأمر الذي يُعدّ أكبر تحدٍّ منذ إقرار الدستور في 2014 الذي وزع السلطات بين الرئيس ورئيسي الوزراء والبرلمان.
جاءت قرارات سعيد، إثر احتجاجات شهدتها عدة محافظات تونسية بدعوة من نشطاء؛ طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.
"انقلاب على الثورة والدستور"
رداً على تلك القرارات، اتهم راشد الغنوشي، زعيم حركة "النهضة" ورئيس البرلمان التونسي، الرئيسَ قيس سعيد بالانقلاب على الثورة والدستور، مضيفاً: "نحن نعتبر المؤسسات مازالت قائمة، وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة".
الغنوشي أشار في تصريحات إعلامية، إلى أنه "مستاء من هذه القرارات"، متابعاً: "سنواصل عملنا، حسب نص الدستور".
كما وصف عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، نور الدين البحيري، القرارات الأخيرة بأنها "انقلاب مروّض" على الدستور والشرعية، منوهاً إلى أنهم سيتعاطون مع "هذه القرارات المخالفة لأحكام الدستور والانقلاب على مؤسسات الدولة، وسنتخذ إجراءات وتحركات داخلياً وخارجياً لمنع ذلك (سريان تلك القرارات)"، دون ذكر توضيحات بالخصوص.
أزمات حادة بتونس
جدير بالذكر أن تونس شهدت أزمة سياسية حادة إثر الخلافات بين سعيّد، ورئيس الحكومة هشام المشيشي، بسبب تعديل وزاري أعلنه الأخير في 16 يناير/كانون الثاني الماضي.
رغم تصديق البرلمان على التعديل، فإن سعيّد رفض دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبراً أن التعديل شابته "خروقات"، وهو ما رفضه المشيشي جملة وتفصيلاً.
كذلك، رفض الرئيس التونسي المصادقة على قانون تشكيل المحكمة الدستورية، رغم حصوله على تزكية البرلمان لمرتين متتاليتين.
جدير بالذكر أنه منذ انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2011، تولى حمادي الجبالي رئاسة الحكومة في (ديسمبر/كانون الأول 2011-فبراير/شباط 2013)، وعلي العريض في (مارس/آذار 2012-يناير/كانون الثاني 2014)، ومهدي جمعة في (يناير/كانون الثاني 2013-فبراير/شباط 2015).
كما تولى رئاسة الحكومة التونسية الحبيب الصيد في (يناير/كانون الثاني 2015-أغسطس/آب 2016)، ويوسف الشاهد في (أغسطس/آب 2016-فبراير/شباط 2020)، وإلياس الفخفاخ في (فبراير/شباط 2020-يوليو/تموز 2020)، فيما يمارس المشيشي مهام رئاسة الحكومة منذ سبتمبر/أيلول 2020 حتى الآن.
إضافة إلى الأزمة السياسية، تواجه تونس موجة وبائية غير مسبوقة عقب تفشي فيروس كورونا، تتسم بانتشار واسع للسلالات المتحورة ألفا ودلتا في معظم الولايات، مع ارتفاع في معدل الإصابات والوفيات، مع تحذيرات من انهيار وشيك للمنظومة الصحية؛ ما استدعى استقبال مساعدات طبية عاجلة من دول عديدة، خلال الأيام الماضية.