كشفت مصادر أمنية في تونس، الإثنين 26 يوليو/تموز 2021، أن الرئيس قيس سعيد قد أقدم على تكليف المدير العام لوحدة الأمن الرئاسي خالد اليحياوي بالإشراف على وزارة الداخلية، في أول خطوة إدارية يتخذها الرئيس التونسي بعد قراره "المثير للجدل" الأحد بإقالة الحكومة وحل البرلمان، وهو ما وصفته أطراف تونسية بـ"الانقلاب".
وكالة رويترز نقلت عن مصدرين أمنيين خبر تكليف اليحياوي بإدارة وزارة الداخلية، فيما أشارت إلى أن الشخص المكلف "حليف" لسعيد، وهو ما يساهم في فهم سرعة اتخاذ هذا القرار، في ظل احتقان الشارع ضد خطوة الرئيس، وظهور آراء حزبية معارضة لقراراته، بالإضافة لموقف حزب النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي.
تأتي هذه الخطوة من الرئيس التونسي في الوقت الذي أعلن راشد الغنوشي الدخول في اعتصام أمام البرلمان المغلق، وسط حالة من الاحتقان، بعد أن منع الجيش رئيس مجلس النواب وزعيم حركة "النهضة"، وعدداً من النواب من دخول مقراته.
ومنذ الصباح، شهد محيط مجلس النواب تراشقاً بالحجارة بين أنصار حركة النهضة ومؤيدين للقرارات التي أعلنها أمس الرئيس قيس سعيد، فيما بدا أن عدداً منهم أصيب بجروح.
وسائل إعلام تونسية أشارت إلى انتشار أمني كثيف في محيط البرلمان من قِبل قوات الجيش والأجهزة الأمنية منذ صدور قرار الرئيس سعيد.
من هو خالد اليحياوي؟
في أكتوبر/تشرين الأول 2019، أفادت الإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية، في بلاغ لها أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد أمر بتعيين العميد خالد اليحياوي مديراً عاماً لها خلفاً للعميد رؤوف مرادع.
وبيّنت الإدارة أن العميد خالد اليحياوي تلقى تكويناً عسكرياً بالأكاديمية العسكرية من سنة 1993 إلى سنة 1997. كما تلقى تكويناً بمدرسة تكوين الإطارات العليا بالأمن الوطني بصلامبو من سنة 1997 إلى 1998، وباشر مهامه سنة 1998 بالإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية، قبل أن يلتحق بالفوج الوطني لمكافحة الإرهاب بالأمن الوطني "BAT" من سنة 2007 إلى سنة 2011.
وأضافت أن اليحياوي عاد سنة 2011 من جديد إلى الإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية؛ حيث شارك في العديد من التربصات داخل تونس وخارجها صلب اختصاصه المتمثل في "القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب".
وقد تدرّج في المهام وآخرها مدير إدارة المرافقات والقوات الخاصة "GIP" إلى حدود يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول 2019 حيث قرّر رئيس الجمهورية تعيينه مديراً عاماً للإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية، وفق المصدر ذاته.
أزمة "قرارات مفاجئة"
مساء الأحد، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، عقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية، تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها.
فيما أضاف الرئيس التونسي، في كلمة متلفزة عقب ترؤسه اجتماعاً طارئاً للقيادات العسكرية والأمنية، أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد لم يعلن عن اسمه، الأمر الذي يُعدّ أكبر تحدٍّ منذ إقرار الدستور في 2014 الذي وزع السلطات بين الرئيس ورئيس الوزراء والبرلمان.
يُشار إلى أن تونس تمر بأزمة سياسية إثر خلافات بين سعيّد ورئيس الحكومة هشام المشيشي، بسبب تعديل وزاري أعلنه الأخير في 16 يناير/كانون الثاني الماضي.
رغم تصديق البرلمان على التعديل، فإن سعيّد يرفض دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبراً أن التعديل شابته "خروقات"، وهو ما يرفضه المشيشي.
كذلك، رفض الرئيس التونسي المصادقة على قانون تشكيل المحكمة الدستورية، رغم حصوله على تزكية البرلمان لمرتين متتاليتين.
كما شهدت تونس، مؤخراً، موجة احتجاجات شعبية بدأت في حي سيدي حسين الشعبي، بسبب "تعنيف" قوات الأمن شاباً تونسياً، لتتوسع إلى حي الانطلاقة وحي التضامن بالضواحي الغربية للعاصمة.
بالإضافة للأزمة السياسية، تواجه تونس موجة وبائية غير مسبوقة عقب تفشي فيروس كورونا، تتسم بانتشار واسع للسلالات المتحورة ألفا ودلتا في معظم الولايات، مع ارتفاع في معدل الإصابات والوفيات، مع تحذيرات من انهيار وشيك للمنظومة الصحية؛ ما استدعى استقبال مساعدات طبية عاجلة من دول عديدة، خلال الأيام الماضية.
فيما بلغ إجمالي الإصابات بكورونا في تونس، حتى السبت، 563 ألفاً و930، منها 18 ألفاً و369 وفاة، و457 ألفاً و579 حالة تعافٍ.